لم يعد الأرز مجرد طبق أساسي على المائدة، بل تحوّل ماؤه في السنوات الأخيرة إلى سر جمالي متداول بين النساء عبر مقاطع الفيديو المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي.

صور الفتيات الكوريات ببشرتهن المضيئة عززت الاعتقاد بأن ماء الأرز هو "الوصفة السحرية" وراء إشراقة البشرة في آسيا. لكن هل يكفي هذا المكون وحده ليمنح البشرة هذا البريق الأخاذ؟ تقرير حديث لشبكة CNN حاول أن يجيب على هذا السؤال ويضع الأمور في إطارها الصحيح.

- الجمال بين التاريخ والحضارات

توضح خبيرة التجميل اللبنانية ليلى عبيد أن وصفات العناية الطبيعية ليست جديدة على منطقتنا، فمنذ آلاف السنين اشتهرت ملكات مصر القديمة مثل كليوباترا ونفرتيتي باستخدام اللبن والعسل والزيوت الطبيعية للعناية بجمالهن.

وعلى الجانب الآخر، اعتمدت النساء في كوريا واليابان على الأرز كجزء من روتينهن اليومي للبشرة والشعر. هذه الجذور التاريخية جعلت ماء الأرز عنصرًا حاضرًا بقوة في الثقافة الجمالية الآسيوية، لكنه لم يكن يومًا السر الوحيد لبشرة الكوريات المتألقة.

- سر البشرة الكورية.. أبعد من وصفة واحدة

تؤكد عبيد أن إشراقة البشرة في كوريا لا تعود إلى وصفة منزلية واحدة، بل إلى روتين متكامل ومدروس علميًا. فالكوريات يعتمدن على تقشير منتظم باستخدام مكونات فعالة مثل الريتينول والأحماض، ما يجدد الخلايا ويعيد لها الحيوية.

في هذا السياق يلعب ماء الأرز دورًا مساعدًا، لكنه لا يستطيع وحده تفسير النتائج المبهرة التي يتداولها الناس عبر الصور والفيديوهات.

- فوائد مثبتة ولكن محدودة

رغم ذلك، تشدد عبيد على أن لماء الأرز فوائد مثبتة علميًا، منها:

يعمل كتونر طبيعي بفضل غناه بفيتامين B.

يساعد على تفتيح البشرة والتقليل من البثور.

يساهم في شد المسام ومنح ترطيب خفيف.

يحتوي على مضادات أكسدة تؤخر ظهور علامات التقدم في العمر.

وتوضح أن البشرة الدهنية تستفيد بشكل خاص من ماء الأرز، لأن النشويات تمتص الدهون الزائدة، فيما يظهر أثره بشكل أوضح على البشرة الفاتحة. أما للشعر، فيمنحه نعومة ولمعانًا عند استخدامه كقناع قصير المدى، لكن لا يُنصح بتركه طويلًا على فروة الرأس.

- فلسفة العناية.. بين كوريا والشرق الأوسط

من المثير للاهتمام أن الثقافة الكورية ترسّخ منذ الصغر مبدأ "Skin First"، أي أن العناية بالبشرة تسبق الاهتمام بالمكياج أو المظهر الخارجي. بينما في مجتمعاتنا غالبًا ما يبدأ الاهتمام بالبشرة بعد ظهور المشكلات أو في سن متأخرة.

ومع ذلك، تشدد عبيد على أن الروتين المبالغ فيه ليس ضروريًا في سن مبكرة، وأن النوم الكافي، الغذاء المتوازن، وشرب الماء بوفرة قد يقدّم للبشرة أساسًا صحيًا لا يقل أهمية عن المستحضرات.

- وصفات منزلية مبتكرة

وقدمت عبيد مجموعة وصفات سهلة التحضير للاستفادة من ماء الأرز، أبرزها:

تونر يومي: نقع الأرز نصف ساعة واستخدام الماء في بخاخ يحفظ بالثلاجة.

قناع شد المسام: ماء الأرز مع نشاء الذرة.

قناع الإشراق بالعسل: خليط ماء الأرز والعسل لنعومة إضافية.

مكعبات مثلجة بالورد وزيت جوز الهند تمرر على البشرة لإنعاش سريع.

قناع للشعر: ماء الأرز مع جل الألوفيرا للأطراف بعيدًا عن فروة الرأس.

ماء الأرز المخمر: يستخدم كمقشر طبيعي خفيف.

ماسك الأرز المسلوق: مع اللبن والعسل والخميرة كقناع مغذٍ للبشرة.

- التوازن بين الطبيعة والعلم

واختتمت عبيد حديثها مؤكدة أن السر الحقيقي للجمال يكمن في التوازن. فالعلم والمختبرات الحديثة تقدّم حلولًا دقيقة وسريعة، فيما تمنح الطبيعة مكونات فعّالة وغنية مثل ماء الأرز. والجمع بين الاثنين، إلى جانب أسلوب حياة صحي، هو ما يضمن للبشرة النتيجة المثالية التي يسعى إليها الجميع.