ما هي جذور الصراع بين أرمينيا وأذربيجان في ناغورنو كاراباخ؟ - بوابة الشروق
الأحد 8 ديسمبر 2024 10:20 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ما هي جذور الصراع بين أرمينيا وأذربيجان في ناغورنو كاراباخ؟

بي بي سي
نشر في: الجمعة 29 سبتمبر 2023 - 6:35 ص | آخر تحديث: الجمعة 29 سبتمبر 2023 - 6:35 ص

فر عشرات الآلاف من الأرمن من إقليم ناغورنو كاراباخ منذ استسلام الإقليم لأذربيجان في 20 سبتمبر الجاري.

ووافقت القوات المحلية في الأقليم على حلها ونزع سلاحها بعد أن تسبب هجوم عسكري أذربيجاني في نشوب قتال عنيف.

و "سينتهي وجود" الجمهورية الانفصالية ومؤسساتها اعتباراً من الأول من يناير 2024، حسبما أعلن أحد زعماء المنطقة الانفصاليين.

ويحظى الإقليم باعتراف دولي باعتباره جزءاً من أذربيجان لكن مناطق واسعة منه كانت تخضع لسيطرة السكان من العرقية الأرمنية طوال ثلاثة عقود.

وهو في قلب واحد من أطول الصراعات في العالم.

أين يقع إقليم ناغورنو كاراباخ؟

يقع الإقليم في منطقة جنوب القوقاز الجبلية بين البحرين الأسود وقزوين.

وقد خاضت أذربيجان وأرمينيا حرباً دموية من أجل السيطرة على ناغورنو كاراباخ في أواخر ثمانينيات وأوائل تسعينيات القرن الماضي، وكان السبب في اندلاع المزيد من العنف في السنوات اللاحقة.

وآخر تصعيد كبير في الصراع حدث في 2020 عندما أشارت التقارير إلى مقتل آلاف الأشخاص خلال ستة أسابيع من القتال العنيف.

وأدى نشر قوات روسية لحفظ السلام إلى توقف القتال في حينه، لكن التوترات كانت تتصاعد طوال أشهر قبيل العملية العسكرية الأخيرة.

ما الذي أدى إلى اندلاع الموجة الأخيرة؟

كانت المخاوف من اندلاع موجة عنف جديدة قد زادت عندما ضربت أذربيجان حصاراً فعالاً على طريق حيوي يؤدي إلى الإقليم في ديسمبر 2022.

ويعتبر ممر لاتشين الطريق الوحيد الذي يربط جمهورية أرمينيا بإقليم ناغورنو كاراباخ.

وهو شريان أساسي للإمدادات، وقد أفاد سكان المنطقة بحدوث نقص حاد في المواد الغذائية الأساسية والأدوية الطبية خلال الحصار.

واتهمت أذربيجان أرمينيا باستخدام الطريق في إدخال إمدادات عسكرية، الأمر الذي نفته أرمينيا. وقالت باكو إنها قدمت مواد غذائية ومساعدات عدة مرات عبر طريق آخر لكن الأرمن في ناغورنو كاراباخ رفضوها.

واعتمد الحفاظ على إمكانية الدخول عبر ممر لاتشين وطريق آخر هو طريق أغدام من أذربيجان بشدة على وجود قوات حفظ السلام الروسية المنتشرة في المنطقة منذ 2020.

لكن اهتمام موسكو ومواردها العسكرية جرى تحويلها بفعل غزوها لأوكرانيا. واتهم رئيس الوزراء الأرميني روسيا بـ "مغادرة المنطقة بطريقة عفوية".

وقالت سلطات الإقليم إن 200 شخص على الأقل لقوا مصرعهم في القتال، بينما قالت أذربيجان إن 192 من جنودها قتلوا.

لماذا يفر الناس من الإقليم؟

أعلنت أذربيجان والأرمن في ناغورنو كاراباخ عن وقف لإطلاق النار، توسطت فيه روسيا، في 20 سبتمبر، وأنهى قتالاً استمر 24 ساعة.

ونص الاتفاق على أن القوات المحلية الأرمينية سيتم حلها ونزع سلاحها بالكامل.

ومنذ توقيع الاتفاق، شرعت أذربيجان وسلطات كاراباخ في محادثات حول دمج الإقليم في أذربيجان.

لكن الزعيم الانفصالي في المنطقة، سامفيل شهرامنيان، وقع أيضاً على أمر يحل بموجبه كافة مؤسسات الإقليم اعتباراً من العام المقبل، وهو ما ينهي فعلياً كفاح المنطقة من أجل الاستقلال.

وقال شهرامنيان إن قرار الحل "استند إلى أولوية ضمان الأمن الجسدي والمصالح الحيوية للشعب"، في إشارة إلى اتفاق أذربيجان على أن "السفر الحر والطوعي دون إعاقة مضمون للسكان".

وقالت أرمينيا إن أكثر من نصف سكان الإقليم من الأرمن والذين يقدر عددهم بـ 120,000 فروا من المنطقة خلال الأسبوع الذي تلا توقيع وقف إطلاق النار، بدافع من خوفهم من عدم وجود مستقبل لهم في ناغورنو كاراباخ.

وكان ممر لاتشين مكتظاً بمئات الحافلات والسيارات التي تحمل أناساً يحاولون المغادرة.

وقال رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشنيان إنه يتوقع أن لا يبقى أرمن في ناغورنو كاراباخ في المستقبل القريب.

وقالت أذربيجان إنها ترغب بدمج سكان المنطقة "كمواطنين متساوين" ونفت مزاعم أرمينيا بحصول تطهير عرقي.

وقال الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف أيضاً إن المواطنين الأذربيجانيين الذين كانوا قد شردوا عن المنطقة خلال الصراع الذي امتد لعقود سيكون لديهم الخيار بالعودة.

ولم توقع الدولتان أبداً على اتفاق سلام. وعلى الرغم من المفاوضات طوال السنين، لا تقيمان علاقات دبلوماسية.

ما الذي قاد إلى الحرب؟

أصبحت أرمينيا وأذربيجان المعروفتان حالياً جزءاً من الاتحاد السوفييتي في عشرينيات القرن الماضي.

وكانت المنطقة المسماة ناغورنو كاراباخ تضم أغلبية أرمينية لكنها كانت تخضع لسيطرة أذربيجان.

وصوّت برلمان إقليم ناغورنو كاراباخ لصالح أن يصبح الإقليم جزءاً من أرمينيا عندما بدأ الاتحاد السوفييتي بالانهيار في أواخر ثمانينيات القرن الماضي.

وسعت أذربيجان إلى إخماد الحركة الانفصالية، بينما دعمتها أرمينيا.

وهذا أدى إلى وقوع صدامات عرقية- وبعد إعلان أرمينيا وأذربيجان استقلالهما عن روسيا- إلى حرب شاملة.

وتبع ذلك سنوات من سفك الدماء والمعاناة.

وتتذكر محررة الخدمة الأذربيجانية في بي بي سي، كونول خليلوفا، كيف أُجبر مئات الآلاف من العرقية الأذرية على مغادرة أرمينيا، وأصبحوا لاجئين في أذربيجان.

وفي فبراير 1992، قتل سكان البلدة الأذربيجانية "خوجالي" الواقعة في أقليم ناغورنو كاراباخ، على يد القوات الأرمينية، بمساعدة البعض في الجيش الروسي. فقتل أكثر من 600 شخص حسب الرواية الأذربيجانية. لكن أرمينيا تشكك في الرواية وفي عدد القتلى.

وعلى مر السنين، قتل عشرات الآلاف من الأشخاص وشُرد أكثر من مليون شخص وسط تقارير تحدثت عن وقوع تطهير عرقي ومجازر ارتكبت من كلا الطرفين.

وتقول خليلوفا إنها تتفاجأ أحياناً بكم المعلومات الضيلة التي يعرفها الجيل الشاب عن الفظائع التي ارتكبت.

وتقول إنه لا أحد يخبر الأرمينيين عن الأذربيجانيين الذين قتلوا، وبالمثل، لا يسمع الشباب الأذربيجانيون اليوم عن المذابح بحق الأرمن التي ارتكبت في المدن الأذربيجانية مثل سومغاييت وباكو في نهاية سنوات الثمانينيات من القرن الماضي.

وتشكك أذربيجان في الروايات التي تتحدث عن تلك المذابح.

وكانت الحرب الأولى في ناغورنو كاراباخ قد انتهت بوقف لإطلاق النار بوساطة روسية في 1994، بعد أن سيطرت القوات الأرمينية على ناغورنو كاراباخ والمناطق المحاذية لها.

وبموجب الاتفاق، ظل إقليم ناغورنو كاراباخ جزءاً من أذربيجان، ولكن منذ ذلك التاريخ كان يُحكم معظم الوقت من قبل جمهورية انفصالية معلنة من جانب واحد، يديرها الأرمن وتحظى بدعم من الحكومة الأرمينية.

ما ذا جرى في 2020؟

كان الوضع ملتهباً منذ ذلك الحين، في ظل موجات من القتال كانت تقطع فترات من الهدوء النسبي.

وأكبر مواجهة عسكرية عنيفة منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي حصلت قبل ثلاث سنوات واستمرت لمدة ستة أسابيع.

استعادت أذربيجان بعض المناطق. ومع حلول الوقت الذي اتفق الطرفان فيه على توقيع اتفاق سلام توسطت فيه روسيا في نوفمبر 2020، كانت قد استعادت السيطرة على كافة المناطق المحيطة بناغورنو كاراباخ والتي كانت تسيطر عليها أرمينيا منذ 1994.

وبموجب الاتفاق، اضطرت القوات الأرمينية إلى الانسحاب من هذه المناطق وانحصرت منذ ذلك الحين في جزء صغير من المنطقة.

من هو الطرف الذي تدعمه روسيا وتركيا؟

كانت القوى الإقليمية ضالعة بشكل مكثف في الصراع على مر السنين.

فتركيا لديها علاقات ثقافية وتاريخية وثيقة مع أذربيجان. ويقال بأن الطائرات بدون طيار التركية الصنع من طراز بيرقدار لعبت دوراً حيوياً في القتال في 2020، وهو ما سمح لأذربيجان بتحقيق مكاسب على الأرض.

ومن جهة أخرى، تحتفظ أرمينيا تقليدياً بعلاقات جيدة مع روسيا. فهناك قاعدة عسكرية روسية في أرمينيا، والدولتان عضوتان في منظمة معاهدة الأمن الجماعي، وهو تحالف عسكري يضم ست دول من جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق.

لكن العلاقات بين أرمينيا وروسيا توترت منذ أن أصبح نيكول باشنيان، الذي قاد احتجاجات مناهضة للحكومة في 2018، رئيساً لوزراء أرمينيا.

وكان قد قال أخيرا إن اعتماد أرمينيا على روسيا كمصدر وحيد للأمن بالنسبة لها كان خطأ استراتيجياً". وقد أجرت أرمينيا مناورات عسكرية مشتركة مع القوات الأمريكية في وقت سابق من هذا الشهر.

وفي أعقاب القتال في ناغورنو كاراباخ، انتقد باشنيان الدور الذي لعبته قوات حفظ السلام الروسية وشكك علناً فيما إذا كان بقاء أرمينيا عضواً في منظمة معاهدة الأمن الجماعي يخدم المصلحة الأرمينية.

ورفضت روسيا تصريحات باشنيان واعتبرتها "نوبات غضب غير مقبولة موجهة ضد روسيا ولا يمكنها أن تثير سوى الرفض".

وقالت وزارة الخارجية الروسية إن "القيادة في ييرفان ترتكب خطأ فادحاً من خلال محاولتها عن عمد تدمير علاقات أرمينيا متعددة الأوجه والتي تعود لقرون مع روسيا، ومن خلال وضع البلاد رهينة للألعاب الجيوسياسية للغرب".

وانتقد الكريملين كذلك التحركات "المعادية للغاية" من قبل أرمينيا للانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية، التي أصدرت مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

 



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك