«مصر ترجع تانى» - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
الأربعاء 1 مايو 2024 5:43 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«مصر ترجع تانى»

نشر فى : الأربعاء 1 يناير 2014 - 8:05 ص | آخر تحديث : الأربعاء 1 يناير 2014 - 8:05 ص

مع اليوم الأول فى العام الجديد تبدو أمنيات المصريين واضحة، وصريحة وتكاد تكون زاعقة حتى يسمعها الجميع، خاصة كل أولئك الذين يتحدثون باسمهم ليل نهار، أو من يعتقدون أن مصير هذه البلاد بين أيديهم، أمنيات المصريين لخصها شاب فى إجابة سريعة على سؤال بسيط وتقليدى من مراسل إحدى القنوات التلفزيونية الفضائية: ما هى أمنياتك فى العام الجديد؟ فرد الشاب ببديهية وعفوية: «مصر ترجع تانى زى ما كانت». ورغم أن القصة تبدو تقليدية وعابرة، إلا ان ملخصها شديد الصعوبة، ولا أبالغ إذ قلت إن إجابة الشاب غاية فى القسوة، وهى إجابة لا نريد أن نلحظها أو نلتفت إليها منذ شهور طويلة، خاصة ونحن لا نتوقف عن الحديث عن الثورة وعن مكاسبها للمصريين وعن سلميتها وعظمتها، وقضائها على كل فساد الأزمنة التى سبقتها، بينما يصرخ الواقع فى وجوهنا جميعا، ان الحاصل ليس كذلك، وان المواطنين لا يوافقون على المشهد برمته، بل هم غاضبون منه، ويعتقدون أنهم فقدوا ما كانوا ينعمون به، وان الثورة التى نتحدث عنها لم يروا منها خيرا، وبعض هؤلاء المواطنين يرونها الشر بعينه، ولا أخفى أن ذلك مؤلم لفئات كثيرة آمنت بالثورة واعتقدت أنها المخلص لنا جميعا مما كنا نحيا فيه، فإذا بأصوات تتعالى تكشف لنا رفضها للثورة التى أضاعت مصرهم التى يعرفونها أو اعتادوا عليها وارتاحوا إليها على الأقل.

أن يرغب كثير من المصريين أن تعود مصر لما كانت عليه، فهذا يعنى ببساطة أن الثورة لم تنجح فى تغيير حياتهم للأفضل، وهذه الحقيقة يجب أن نضعها نصب أعيننا، وعلينا ألا ننكرها، فهذا ما يشعر به من قامت الثورة من أجلهم، وأعتقد أنه لا يمكن إقناعهم بغير ذلك، لأن الحاصل يقترب كثيرا مما يرون، ولا نملك نحن أدلة حقيقية أو شواهد واضحة تقول عكس ذلك، وبالتالى علينا أن نراجع كل ما حدث، وإعادة مناقشة ما جرى، لأن العيش فى كواليس خاصة بنا لا يمكن أن يفسر أو يشرح للمواطنين أن ما حدث من حراك ثورى هو أمر جيد رغم عدم تحقق نتائج إيجابية له حتى الآن، صحيح أننا لم نتوقع ان تكون الأمور بالسوء الذى نراه الآن، لكننا أيضا ندرك جيدا ان النتائج العظيمة للثورة لن تتحقق بين عشية وضحاها، وهذا لم ننجح فى إيصاله لعامة المواطنين، بل كعادة كل الساسة كانت الخديعة هى عنوان أحاديثهم عن الثورة ونجاحها، ولا أعرف كيف لا يشعر هؤلاء الساسة ومعهم النشطاء بالخجل، وجموع المصريين الآن لا يشعرون بالأمان إلا عندما يتحدث الجيش، ولن يرتاح لهم بال إلا وقائد عسكرى يخبرهم بأنه سيترشح للرئاسة.

من المنطقى ألا يرتاح المصريون لما يحدث ببلادهم الآن، ومن حقهم أن يرفضوا واقع الدم والعنف والقتل والتخريب الذى يعيشونه، لكن ذلك لا يعنى أبدا أن يكون البديل العودة لمصر ما قبل ٢٥ يناير، فهى كانت فاسدة وشريرة وغير رحيمة بأحد، صحيح لم تكن عنيفة ومخربة على الجميع كما هى الآن، لكن ما يحدث الآن هو نتاج كل سياسات ما قبل ٢٥ يناير، وعلى الجميع أن يدرك ذلك، لكن السؤال الصعب كيف يدرك ذلك وهو لا يرى أى ضوء فى آخر النفق الذى يعيش فيه، كيف يدرك ذلك ولا أحد يحاول أن يبدأ فى تغيير الواقع العنيف ويحاول رسم صورة لمصر الجديدة التى نتمناها، وبالتالى لا يجد المواطن أمامه إلا ما وجده هذا الشاب عند سؤاله عن أمنياته: مصر ترجع تانى، وأعتقد ان هذا مفهوم وطبيعى أن يتمنى ما يعرفه، أما غير المفهوم وغير الطبيعى أن تعجز كل نخب الحكم والرأى العام عن مواجهة مثل هذه الإجابة إلا بإنكارها، وان تعجز أيضا عن تطمين أى مواطن لمستقبله بفعل واحد، فكل ما تملكه النخبة الآن الغضب من الاخوان والإرهاب، دون القدرة على فعل واحد يغير الواقع العنيف الخرب الذى نعيشه.

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات