هل عضوية البرلمان للتكريم!!! - عمرو هاشم ربيع - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 1:16 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل عضوية البرلمان للتكريم!!!

نشر فى : الخميس 1 أكتوبر 2020 - 9:40 م | آخر تحديث : الخميس 1 أكتوبر 2020 - 9:40 م

فى الأيام القليلة الماضية نقلت الصحف عن معدى القوائم الانتخابية خبرا عاديا، مر وكأنه لا شىء، لكنه حمل فى طياته مشكلة كبيرة. يقول الخبر قبل أن يعدد بعض أسماء السيدات المقصودات من المعلومة التى أوردها، (أن القائمة الوطنية «من أجل مصر» حرصت على إيجاد تمثيل جيد لزوجات الشهداء بين مرشحيها للانتخابات، تكريما للشهداء وتخليدا لذكراهم، ولمنح زوجاتهن الفرصة فى التعبير عن هذه الشريحة بالمجتمع تحت قبة البرلمان).
المهتمون بالشأن البرلمانى، والعاكفون على دراسة أحوال البرلمان بشكل خاص، والشاكون من تدهور أحول البرلمانات بسبب شكل العضوية فيها بشكل عام، سيرون بالتأكيد أن هناك مشكلة كبيرة فى تعريف التكريم لكل من ضحى بالغالى والنفيس، وهل هناك أغلى من الروح، ليضحى بها فى سبيل رفعة البلاد؟
سبل التكريم هنا تبدو عديدة ومعظمها إن لم يكن جميعها يرتبط بالشأن الاجتماعى، فتوفير الرعاية الصحية والتعليمية لأسر من ضحوا بأرواحهم، وجبر خاطرهم عبر حوافز ودعم كبير لهم فى وسائل النقل والمواصلات، ومنحهم أولوية فى حجوزات أراضى أو وظائف أو قرعات حج وعمره... إلخ. كلها أمور مقبولة، بل ومطلوبة ليس فقط من أجلهم، بل كى يرى من هم على قيد الحياة أن الدولة لم تقصر فى تكريم من يغادر الدنيا فى سبيل تقدم بلاده.
أما وأن يطال التكريم الشأن السياسى، فهنا تكمن الخطورة. فالعمل السياسى هو بالأساس عمل يرتبط بالرغبة الذاتية، وهو عمل يبدو طوعيا، وإن كان يكسب صاحبه مكانة ورقيا. وبذلك فلا يصح أن يزكى آخرون شخصا لموقع سياسى طالما أنه غير مستعد له، وغير متدرب عليه، لمجرد مجاملة أو تكريم أو جبر خاطر. فالمواطن العادى يقبل أى نوع من التكريم الاجتماعى آنف الذكر، أما التكريم بمنصب فهو أمر خطير، ربما يساهم فى عزوف الناخبين عن المشاركة فى اختيار نواب لمجرد المجاملة.
البرلمان لا يحتاج فقط إلى من هو ملم بقضايا وطنه، بل يحتاج أيضا إلى من له القدرة على العطاء بالكلمة والفعل لخدمة أبناء الأمة عامة، وفى النظام الانتخابى الأغلبى الحالى لمن هم قادرون على خدمة أبناء الدوائر الانتخابية. غير ذلك فسنكون أضفنا إلى البرلمان أرقاما جديدة من الغائبين عن الحضور، أو المصفقين... إلخ.
فى الماضى القريب جدا عانى الكثيرون من عجز البرلمان عن وجود كفاءات من النساء والرجال على حد سواء، رغم ارتباط العضوية لدى هؤلاء برغبات ذاتية، فما بالنا لو كانت العضوية تحشر حشرا لمن هم غير مستعدين لها ولتحمل تبعاتها.
لقد شاهدنا فى الماضى البعيد نساء بالبرلمان، سبق أن رشحن أنفسهن برغبتهن، وفزن بعضوية البرلمان عدة مرات، وأبلين بلاء طيبا أكثر من رجال كثيرين، سواء فى المنتميات للحزب الحاكم المنصرم أو المعارضة. فمن منا لا يتذكر راوية عطية، ومفيدة عبدالرحمن، وفايدة كامل، ونوال عامر، وفوزية عبدالستار، وألفت كامل، وأمينة شفيق... إلخ. كلهن مقاتلات بدرجة نائبات، فمع جلوسهن مكرمات فى مقاعد مجلس الأمة ومجلس الشعب، نزلن الشارع، وجُبْنَ الدوائر، وسهرن الليالى على المقاهى بين الناخبين، وجلسن على الأرصفة للإطلاع على مشاكل الناس على الطبيعة... إلخ. فهل أى مرشحة من المرشحات اليوم قادرة على أن تفعل ذلك؟
غاية القول، أننا منذ سنوات قليلة ماضية أصبحنا نهتم بالكم وليس الكيف. بعبارة أخرى، أصبح لدينا شغف بالحديث عن عدد سيدات برلمانيات نتباهى به فى الداخل والخارج، ونعتبر ذلك إنجازا، مع أن الإنجاز أساسه الكيف، فكما أن هناك رجلا واحدا أفضل من عشرة، رب امرأة واحدة أفضل من عشرة سيدات. وكما كان المنتمون إلى الفئات فى السابق معبرين عن مطالب العمال والفلاحين أكثر من العمال والفلاحين أنفسهم، رب سيدات أخريات أكثر تعبيرا عن مطالب أسر الشهداء من هؤلاء أنفسهن.
الأمر الآخر، أننا نتحدث عن مؤسسة سياسية وهى البرلمان، ومن ثم يجب أن نبعدها عن كونها بالأساس مؤسسة اجتماعية. بمعنى أخر، يجب أن نهتم بتفعيل الأحزاب فى البرلمان، وهذه الأخيرة هى من تهتم بفئات المجتمع المختلفة من نساء وشباب ومسيحيين وذوى إعاقة، فتربى فيهم العمل السياسى. يمكن أن يهتم البرلمان كما تفعل نظم انتخابية كثيرة بالمرأة، وترصد لها كوتات، لكن لا يجب أن يكون ذلك على حساب دور الأحزاب فى صهر فئات المجتمع.

عمرو هاشم ربيع نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية
التعليقات