من أجلكم أنتم - أميمة كمال - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 2:22 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

من أجلكم أنتم

نشر فى : الأحد 1 نوفمبر 2009 - 10:30 ص | آخر تحديث : الأحد 1 نوفمبر 2009 - 10:30 ص

 لابد لنا أن نعترف للحزب الوطنى بالشجاعة والجرأة فى قول الحق، فلقد اكتشف أخيرا أنه لابد أن يتخذ السياسات «من أجلك أنت» أيها المواطن الكريم السمح الذى تحمل الانتظار طويلا كل تلك السنوات الماضية، ولم يتعجل دوره حتى يفرغ الحزب من وضع كل السياسات من «أجلهم هم». لذلك كافأك الحزب وأعلن أنه جاء عليك الدور لينظر فى «حالك أنت». بل ويعقد مؤتمره السنوى على شرفك أيها المواطن ويطلق عليه «من أجلك أنت». أما وقد فعل ونظر بعين الاعتبار لك، فيجب أن يكون عندك أيها المواطن أصل ولاتقل له أسئلة سمجة من نوعية: وأين كنتم طوال هذه السنوات الماضية؟ ولماذا لم تكن السياسات من أجل المواطن؟ وكلها أسئلة إن سألتموها سوف تفسدون فرحتكم بالخبر السار «الحزب الوطنى سيضع السياسات من أجلك أنت». فلننس الماضى إذن وننظر فى المستقبل.

ولكن يبدو أن الحزب الوطنى كان فى عجلة من أمره. فعندما توكل على الله واتخذ قراره بوضع المواطن نصب عينه لم يجد وسيلة سريعة للاتصال بالحكومة وإبلاغها بذلك، لأنه لو فعل لكانت الحكومة عملت حسابها فى الموازنة الحالية ووضعت هى الأخرى ذلك المواطن فى بؤرة اهتمامها كما فعل الحزب.

الحكومة والتى كانت تمشى على القواعد القديمة، دون أن يبلغها أحد بتعليمات شفهية أو كتابية بأن المواطن من الآن سوف يصبح نصب عين الحزب، وضعت موازنتها الحالية على الأساس الذى كانت هى والحزب يعملان عليه طول الوقت وهو أن كل شىء «من أجلهم هم». لذلك بدأت الحكومة تستقطع من الأموال المخصصة للدعم فى العام المالى الحالى 44% من الأموال تحت دعوى انخفاض الأسعار العالمية والتى ستقلل من تكلفة الدعم، مع أن واقع الأمر أن الانخفاض فى الأسعار فى الأسواق الدولية لم يصل إلى مثل هذه المعدلات، حيث إن الانخفاض فى اسعار القمح مثلا لم يزد على 15% فى أكتوبر الماضى مقارنة بالعام السابق، بل إن بعض هذه السلع ارتفع سعره مثل السكر الذى سجل ارتفاعا بنسبة 76% فى نفس الفترة. كما أن دعم الكهرباء الذى كان يبلغ 3 مليارات فى الموازنة الماضية اختفى تماما من الموازنة الحالية.

إلى جانب أن الحكومة التى لم يصل إلى مسامعها «حكاية من أجلك أنت» استمرت فى سياساتها الماضية فهى تقتطع من بند دعم السلع التموينية 10000 مليون جنيه، بينما لم ينقص من دعم الصادرات لرجال الأعمال سوى 100 مليون جنيه ليصل المبلغ المخصص لهم إلى 4 مليارات جنيه، وزادت الأموال المخصصة لدعم البنية الأساسية للتجارة الداخلية بمقدار 300 مليون جنيه. فى نفس الوقت الذى حافظت فيه على دعم إسكان محدوى الدخل عند حد مليار جنيه دون أى زيادة على الموازنة الماضية. وكذلك بالنسبة للمعاش الاجتماعى حافظت الحكومة على نفس المخصصات عند 1.1 مليار جنيه دون أى زيادة.

ومن المؤكد أن الحزب قد اختار موضوع «من أجلك أنت» هذا على عجل، لأنه لو كان لديه الوقت لكان قد ابلغ الحكومة باختياره الجلل وكانت الحكومة بدورها قد اتخذت احتياطاتها عند توزيع بنود الموازنة لتوازن بين «من أجلك أنت» وبين «من أجلهم هم» وكانت قد وضعت فى بند دعم الصعيد مبلغا آخر يدعونا لتصديق الشعار إلا أنها اكتفت بالحفاظ على نفس المبلغ الذى خصصته فى الموازنة الماضية دون أى زيادة وهو 200 مليون جنيه لدعم الصعيد الذى يقطن فيه النسبة الغالبة من فقراء مصر. وربما يكون فى ذلك خير للصعيد، لأنه قد يدفع الحزب أن يختار العام المقبل فى مؤتمره السنوى عنوانا أكثر دقة وهو «من أجلك أنت أيها الصعيدى» وقتها ربما تتيقن الحكومة ما المقصود من «أنت» هذه.

ولا يبدو الأمر مختلفا بالنسبة للفلاحين فبينما لايكف الحزب عن التأكيد على أن الفلاح هو فى قلب الحزب من «جوه» وأن تحرير الزراعة كان من أجل خاطره، نجد أن الحكومة تقف عاجزة وهى ترى الفلاحين يعزفون عن الزراعة يوما بعد آخر. فهم يزرعون أرزا يأخذه منهم المصدرون بـ240 جنيها بينما يصدرونه بـ1000 دولار للخارج ومع ذلك يقنعونه بأن التحرير سيأتى المرة المقبلة بالخير عليه. ولكن ما يحدث فى الواقع أن تحرير الزراعة يوم له وسنوات عليه.

ولكن الحقيقة أن الحكومة معذورة فى أنها لاتعرف من هم الفلاحون ولا من هم أهل الصعيد، فإذا كان الحزب نفسه لا يعرف من هم الشباب فلماذا نظلم الحكومة أنها لاتعرف الآخرين؟. ولمن لا يصدقنى فعليه أن يلقى نظرة سريعة على موقع الحزب ليرى صورة الشباب التى اختار الحزب أن يضعها على موقعه، فهم مجموعة من جميلات نوادى الصيد ووادى دجلة وشباب ملاعب الجولف فى التجمع الخامس وخريجو الجامعات الأمريكية والفرنسية، وأتحدى أن أحدا قد يجد لهم أى صلة بتاتا بأغلبية الشباب من راكبى أتوبيس النقل العام، والميكروباص، وقطارات السكك الحديدية من نوعيه «وان واى» التى يذهب ركابها ولايعودون. ولكن صَبَرنا طويلا لكى يصل الحزب للمواطن فبقى أن ننتظر حتى يتعرف الحزب على من هو المواطن؟

أميمة كمال كاتبة صحفية
التعليقات