الانتقال إلى نظام اقتصادى عربى جديد - علي محمد فخرو - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 3:02 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الانتقال إلى نظام اقتصادى عربى جديد

نشر فى : الأربعاء 2 فبراير 2022 - 10:00 م | آخر تحديث : الأربعاء 2 فبراير 2022 - 10:00 م
مثل الآخرين سيحتاج العرب أن يختاروا نوع النظام الاقتصادى الذى ينسجم مع مكونات مشروعهم الأيديولوجى النهضوى القومى الشامل ويقويها.
وكما تطرح الكثير من المجتمعات مشروع الأخذ بنظام اقتصادى اشتراكى ديمقراطى اجتماعى بديلا عن النظام الرأسمالى، الكلاسيكى منه والنيوليبرالى العولمى المهيمن حاليا، الذى تميز بالكثير من العيوب وبالأزمات الدورية المعقدة، وبديلا عن النظام الاقتصادى الاشتراكى الماركسى الذى فشل فى تطبيقاته ونتائجه عبر سبعين سنة من تجربته فى الاتحاد السوفيتى السابق.. فإن العديد من المفكرين والتنظيمات العربية بدأت هى الأخرى بالحديث عن البدائل لتحل محل الأنظمة الاقتصادية الرأسمالية، والاشتراكية العربية، والهجينة المختلطة، التى جربتها مختلف الأقطار العربية منذ استقلالها وإلى يومنا هذا والتى أظهرت جميعها نواقص وإشكالات فى الفكر وفى التطبيق وفى إحداث التنمية الإنسانية المستدامة.
يتبين من مراجعة أدبيات المحاولات العربية أن التوجه هو للانتقال إلى نظام اقتصادى تحت مسمى «الاشتراكية العربية الجديدة»، تجمع من جهة بعضا من المنطلقات والتطبيقات الرأسمالية الضرورية لبناء اقتصاد إنتاجى يتميز بالكفاءة والتفاعل مع مستجدات العصر العلمية والتكنولوجية والتواصلية ومع متطلبات الأسواق ومع المبادرات الفردية التطويرية المبدعة، كما تجمع من جهة أخرى بعضا من المنطلقات والتطبيقات الاشتراكية الضرورية لبناء اقتصاد يتميز بالعدالة الاجتماعية، وتوزيع الثروات العادل، ومشاركة القوى العاملة، بندية تشاركية متوازنة، وأصحاب رءوس الأموال فى أنظمة ومؤسسات الحكم وفى التخطيط الاقتصادى المركزى المرن وفى إدارة المنشآت الإنتاجية وفى اقتسام الأرباح.
ويهدف مقترحو هذا النظام المختلط المتوازن إلى وجود حلول جذرية لمشكلات الفقر، والبطالة، وتمركز الثروات والقوة المادية والمعنوية فى أيادى قلة من المجتمع، وبالتالى هيمنتها على الاقتصاد والسياسة والثقافة والإعلام. كما يهدف إلى وجود دولة الرعاية الاجتماعية فى حقول التعليم والصحة والإسكان والعجز والسكن. كما يهدف إلى إنهاء الصراعات الطبقية التى ميزت المسيرة التاريخية الإنسانية. إنه نظام يأخذ بعين الاعتبار الموارد الطبيعية والبشرية العربية، ويسعى إلى انتقال المجتمعات العربية من الاقتصاد الريعى إلى مستويات أعلى من التطور الاقتصادى الإنتاجى العادل، ويستفيد من أداء وقدرات سلطات الحكم ومن دينامية وإمكانيات القطاع الخاص، ويأمل من وراء ذلك حل مشاكل مستعصية من مثل مواضيع عدالة الأجور واستقرار الأسعار والابتعاد عن مغامرات التضخم المصطنع ومنع الانكماشات التى تؤدى إلى البطالة وفقدان الكرامة الإنسانية والذل واليأس.
وتؤكد الأدبيات على أنها عندما تتحدث عن الاشتراكية الجديدة، سواء عربية أم غير عربية، فإنها لا تقصد إطلاقا بأنها تقترح نظاما أبديا ليس له ما بعده، وإنما تقصد نظاما لحاجات الأفراد والمجتمعات فى هذه الفترة من الزمن الحاضر والمستقبلى المنظور.
إنها تطرح مشروعا مرنا قابلا للتطوير مستقبلا، وذلك على ضوء التجارب والنتائج وعلى ضوء مستجدات الحضارة العلمية والتكنولوجية.
لكن فى قلب كل ذلك يجب الإبقاء على مقاييس العدالة والكرامة الإنسانية والعلاقات الديمقراطية المجتمعية والأخوة الإنسانية.
علي محمد فخرو  شغل العديد من المناصب ومنها منصبي وزير الصحة بمملكة البحرين في الفترة من 1971 _ 1982، ووزير التربية والتعليم في الفترة من 1982 _ 1995. وأيضا سفير لمملكة البحرين في فرنسا، بلجيكا، اسبانيا، وسويسرا، ولدي اليونسكو. ورئيس جمعية الهلال الأحمر البحريني سابقا، وعضو سابق المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة العرب، وعضو سابق للمكتب التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية، وعضو مجلس أمناء مؤسسة دراسات الوحدة العربية، وعضو مجلس أمناء مؤسسة دراسات فلسطينية. وعضو مجلس إدارة جائزة الصحافة العربية المكتوبة والمرئية في دبييشغل حاليا عضو اللجنة الاستشارية للشرق الأوسط بالبنك الدولي، وعضو في لجنة الخبراء لليونسكو حول التربية للجميع، عضو في مجلس أمناء الجامعة العربية المفتوحة، ورئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات والبحوث.
التعليقات