الخلطة الأردنية ــ المغربية لعلاج «الربيع العربى» - صحافة عربية - بوابة الشروق
السبت 7 ديسمبر 2024 7:05 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الخلطة الأردنية ــ المغربية لعلاج «الربيع العربى»

نشر فى : الثلاثاء 2 سبتمبر 2014 - 7:40 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 2 سبتمبر 2014 - 7:40 ص

أيها العربى المتشائم، لا تقصر نظرك على العراق وسوريا، وأنهار الدماء والكراهية والتفتت فيهما، ولا على ليبيا التى استبدلت حريتها وخلاصها من الديكتاتور بفوضى وتخبط وتقاتل بين ثوار الأمس، ولا اليمن الذى ضيّع حكمته، إنما انظر إلى الأردن والمغرب، فهناك أمل، ومساحة للإصلاح تاهت أخبارها وسط ضجيج كل ما سبق.

هذان البلدان العربيان، غير النفطيين، كاد أن يصيبهما ما أصاب غيرهما من بلاد العرب خلال موجة الربيع العربى التى لم تنحسر بعد، ولكنهما استطاعا تجاوزها لا بالالتفاف على استحقاقاتها، أو تأجيلها، ولم يلجأ للقوة والبطش والأمن والمعتقلات، وإنما بتحويل الربيع وتظاهراته وغضبه إلى طاقة إيجابية، ومصالحة بين الحكم والشعب برفع راية الإصلاح وجعلها مطلباً مشتركاً يجمع الملك والمواطن.

الأردن والمغرب نموذجان يمكن احتذاؤهما لمن لم يفته القطار وما زال متماسكاً. من فاته القطار هى تلك الدول التى انهارت فى جرف حرب أهلية كسوريا، أو توشك أن تقع فيها كاليمن وليبيا، أو تفتت كالعراق، هذه الدول ما عاد يجدى معها إصلاح، وإنما تدخّل خارجى بقدر الضرر فى كل منها، وكل ما طال إهمالها كلما تفاقم حالها، وطفح ضررها على جيرانها.

الدولة العربية المتماسكة هى تلك التى لا تزال بنيتها التحتية السياسية والاجتماعية سليمة، تتعرض أحياناً لهبات الربيع العربى القاسية، وأحياناً أخرى لنسماته الرقيقة كأنها تذكير للمؤمنين، ثم أنعم الله عليها بشعوب باتت تخشى الربيع بهباته ونسماته، فما رأته فى الدول (أو الأنظمة) التى سقطت فى امتحان الربيع جعلها تستبعد فكرة «الديموقراطية الغربية الكاملة» كاستحقاق تاريخى لمجتمعاتها يتوافق مع التطور وسنوات التحديث وانتشار التعليم. بات من الشائع أن تسمع فى المجالس عبارة «مجتمعنا غير جاهز للديموقراطية» فتهتز الرؤوس بالموافقة، باستثناء مثقف صامت يجلس فى ركن المجلس، يرمقه الحضور بالنظرات، يريدونه أن يقول بعض ما اعتادوا على سماعه منه، ولكنه يصمت، فى داخله إنسان متفق معهم بعدما رأى وسمع وجرّب، ولكن كبرياءه تأبى إلا أن تجعله صامداً ولو بردّ فعل سلبى صامت. اقتنع أن «النظام العربى القديم» لن يحتمل جرعة كاملة من الديمقراطية، ولا تداولاً للسلطة، خصوصاً بعدما استعاد قوته وعافيته بعد هزة 2011 وصدمة سقوط الرؤساء الخمسة واحداً تلو الآخر.

إذاً لنضع «الديمقراطية الكاملة» جانباً، كوصفة إصلاحية تواجه عواصف الربيع العربى و«داعش» الذى غرس أنيابه فى ظهره، فبدا منظر الاثنين معاً موحشاً، اختلط فيه ألم الربيع وغضب الثانية، فما عاد الناظر يفرق بين صراخهما.

ولكن لو عدنا إلى الوراء، واستمعنا جيداً الى مطالب الربيع العربى، عندما كان شاباً حالماً، من دون صخب «القاعدة» و«داعش»، ولا دوى البراميل المتفجرة، ولا صراخ المعتقلين وسياط السجانين، كانت المطالب تدور حول «حياة أفضل، وبعض من المشاركة السياسية» فيشعر المواطن بكرامته وحقه فى وطنه.

التعليقات