فيلم «محمد».. إيران والأزهر - خالد محمود - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 9:43 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فيلم «محمد».. إيران والأزهر

نشر فى : الأربعاء 2 سبتمبر 2015 - 7:40 ص | آخر تحديث : الأربعاء 2 سبتمبر 2015 - 7:40 ص

ماذا لو كانت دولة غير إيران هى من أنتجت وقدمت فيلم «محمد»؟.. هل كان سيثير نفس الجدل الكبير الذى أحدثه فى مصر.

الواقع يقول إن كبار شيوخ الأزهر يرفضون بشكل قاطع تجسيد الأنبياء على الشاشة، ويرفضون ظهورهم تماما، لكن واقع الأمر أيضا أن شيوخنا الأجلاء بدا، وكأنهم استقبلوا الحدث بأفكار مسبقة، أفكار تحمل بين ثناياها اليوم شكوكا كبيرة فى نوايا السينمائيين الإيرانيين تجاه تقديم عمل فنى عن النبى محمد أو غيره من الأنبياء، لاعتقادهم بأن هناك أغراضا دينية وسياسية «مستترة» وراء تقديم مثل هذه الأعمال، وقد أضيف لها أخيرا أغراض تجارية، حسبما قال بعض الشيوخ أخيرا، وتلك المسألة لا يمكن الجزم بها وقصرها على علتها هذه.

نعم هناك مأخذ على السياسة الإيرانية ومآربها الأخرى التى نعرفها، وتحفظات أخرى على بعض أفكار وتوجهات عقائدية لدى بعض صناع الفن بها عند تقديم عمل دينى خاصة فى الشكل، وقد لمست هذا بنفسى عند محاورتى لبعض مخرجى إيران، لكن هذا لا يعنى أن هذه لم تكن هى نظرة وفكر كل صناع السينما فى إيران، أعرف مبدعين كثيرين منهم قدموا أعمالاً سينمائية أبهرت العالم، بفضل رؤاها الفنية وأفكارها المتحررة والمناهضة للقيود الإيرانية نفسها، ومنهم على سبيل المثال المخرجين عباس كيار وستامى وأصغر فرهادى وجعفر بناهى، ومخبلباف وروسولوف.

خلال زيارتى لإيران قبل ثلاثة أعوام ضمن وفد فنى سمعت بالخبر المفاجأة بتصوير فيلم عن سيدنا محمد، وبالديكور المفتوح والضخم الذى أعد للفيلم، لاحظنا الإبهار الكبير لحى مكة والكعبة الذى تم بناؤها خصيصا، ولاحظت أن هناك دعما أدبيا وماديا كبيرا للفيلم الذى رصد له ٤٠ مليون دولار ومولته جمعية تابعة للمرشد الأعلى للثورة الإسلامية، وكانت دهشتى عندما علمت أن خامئنى نفسه زار موقع تصوير الفيلم فى جنوب طهران، وظل يشاهد التصوير لمدة ساعة، بل تم الإعلان عن جزء ثانٍ وثالث للفيلم، وهو ما يعنى أنه لن يجد الإعلام فى إيران مجالاً لنقد الفيلم بل إنه سيلقى الثناء عليه.

كنت أتمنى ــ قبل أن تثار هذه الضجة ــ أن يشاهد علماء الأزهر فيلم «محمد» فى مجلس خاص ثم يعلن عن موقفه الثابت، ليس تلبية لرغبة مخرجه مجيد مجدى، الذى قال: «إن هدف الفيلم هو إسقاط الرؤية عن الاسلام بأنه دين عنف ودماء، وأنه لا يظهر وجه الممثلين، الذين يؤدون دور النبى سواء طفلاً أو صبياً أو فتى، وأن الحكم عليه على المشاهدة، فأنا أحترم عقيدة المسلمين فى عدم ظهور وجه النبى»، ولكن لكى يكون الرفض بالبرهان وعلى بينة واضحة، وحينئذ ستكون حجة منعه قوية.

الفيلم سوف يشاهده العالم، ولن يتوقف الجدل حوله، ولكن يبقى الشىء الإيجابى لتلك الواقعة هو أنها حركت الموقف لدى بعض علماء الأزهر تجاه إعادة النظر فى تجسيد الخلفاء والصحابة على الشاشة، والذين يرون أن هناك رسائل إيجابية مؤثرة يمكن أن تتركها مثل هذه الأعمال فى المشاهد العربى والأجنبى بعيدا عن تجسيد الأنبياء.
خالد محمود

خالد محمود كاتب صحفي وناقد سينمائي
التعليقات