أحمد عواد - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 4:25 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أحمد عواد

نشر فى : الخميس 2 سبتمبر 2021 - 8:50 م | آخر تحديث : الخميس 2 سبتمبر 2021 - 8:50 م

كعاملين فى مهنة الصحافة والإعلام، فإننا نكتب كل يوم بقلب بارد حينا، أو بطريقة روتينية حينا آخر، أن عدد إصابات كورونا فى العالم قد تجاوز ٢١٨٫٨ مليون، والوفيات ٥٫٤ مليون، وحالات التعافى ١٩٥٫٦ مليون، وأن العدد المعلن رسميا فى مصر يقول إن عدد الإصابات تجاوز ٢٨٨٫٤ ألف، والوفيات ١٦٫٧ ألف، وحالات التعافى ٢٣٩٫٣ ألف إصابة.

هذه أعداد نضعها ونحدّثها كل لحظة فى الأخبار على البوابات الإلكترونية، أو يوميا فى النسخة الورقية، وهى تشبه إلى حد كبير التعامل مع ضحايا أخبار الحروب والصراعات المختلفة حول العالم، من حيث أننا نتحدث عن أعداد صماء من دون روح، حتى لو كان بعضنا يتعاطف مع الضحايا بحكم الطبيعة الإنسانية.

لكن حينما يقترب الموت من قريب أو عزيز أو صديق، يكون الأمر مختلفا. هنا تبدأ فى شعور مختلف، بأنك تعرف هذا الشخص، وهناك ذكريات ومواقف مشتركة، وهنا يكون الألم بمقدار الوجع أو الفقد.

نسمع كل يوم عن أن موجة كورونا الرابعة تقترب، أو أنها بدأت، ونسمع تحذيرات من الحكومة ومن الخبراء والمختصين، لكن من الواضح أننا لا ندرك الخطر إلا حينما نلمسه، أو يصطاد عزيز علينا.

صباح الأربعاء الماضى، استيقظت على خبر مفجع بوفاة زميلنا وصديقنا وأخينا وزميلنا فى «الشروق» أحمد عواد، متأثرا بإصابته بفيروس كورونا اللعين.

شقيق عواد الأكبر محمود توفى قبل حوالى أسبوعين متأثرا بنفس الفيروس وكان يعاني امراضا مزمنة. وبعدها بأيام أصيب عواد. دخل مستشفى الشيخ زايد آل نهيان فى طريق النصر أو "الأوتوستراد"، ولأنه كان يعانى من السكر وآلام فى الكلى، فإن المناعة كانت ضعيفة، وهجوم الفيروس على جسمه كان شرسا وبالتالي لم تكن لديه مناعة ومقاومة قوية.

عواد مثال يكاد يكون نادرا فى الحياة، وخصوصا فى مهنة الصحافة، التى حولت بعض العاملين فيها إلى آلات من دون روح، لا تسعى إلا خلف مصالحها أو مضاعفة مكتسباتها بالحق أو بالباطل.

عواد لم أره إلا مبتسما وبشوشا ولم أسمع صوته إلا متهللا ولم أره إلا محترما ومهذبا. كان على خلق رفيع، وأهم صفة فى هذا الرجل أنه كان خدوما للجميع، لمن يعرفهم فى «الشروق» أو من خارجها، لأهله فى "كفر الرجالات: بمركز طوخ أوالقناطر أو حتي لمن لا يعرفهم.

هو كان المحرر الرئيسى لملف الاتصالات فى «الشروق»، وكان اسمه مميزا وسط زملائه العاملين فى هذا الملف، ولم يكن غريبا أن ينعيه وزير الاتصالات المهندس عمرو طلعت بكلمات مؤثرة، وكذلك كل خبراء ومحررى هذا الملف فى مصر.

كان يسعف الجميع فى كل ما يتعلق بالاتصالات، من أول تعطل الهاتف الأرضى أو الراوتر نهاية بأصعب خدمة يمكن أن يواجهها الإنسان فى الاتصالات. والأهم أنه كان يفهم ملفه جيدا ويكتب فيه بعمق وعن دراية وليس مجرد عابر يسعى وراء «سبوبة».

وفى كل مرة كنت أتحدث فيها مع كبار المسئولين فى وزارة الاتصالات أو هيئاتها أو الشركات الخاصة، كانت سيرة أحمد عواد العطرة حاضرة دائما، ويتحدثون عنه بصيغة تجعلنى فخورا أن هذا النموذج موجود معنا وبيننا فى «الشروق».

مات عواد ورحل عنا ،تاركا خلفه زوجة وخمسة من الأولاد الصغار، تتراوح أعمارهم بين أربع و١٧ سنة، ونسأل الله أن يوفقهم فى حياتهم وأن تكون سيرة والدهم العطرة عونا لهم فى هذه الحياة القاسية والصعبة.

مات عواد ليذكرنا مرة أخرى بأن فيروس كورونا شرس جدا، ومن الخطر التعامل معه باستهتار، وأن علينا جميعا أن نحترس حتى لو كان بعضنا حصل على اللقاح، أو لديه مناعة بفعل إصابة سابقة، أو صحة جيدة. هذا فيروس بلا كتالوج، ويهاجم الجميع بلا هوادة، وآخرهم زميلنا بدوى شلبى رئيس قسم العقارات فى جريدة البورصة.

خالص العزاء لأسرة أحمد عواد ولكل أهله ومحبيه وللزملاء فى «الشروق» ،خصوصا ملحق «مال وأعمال الشروق» وللصديق محمد مكى مدير تحرير الملحق الذي كان بمثابه صديقة وتوأم روحه.

رحم الله أحم عواد وبدوى شلبى وكل زملاء المهنة وكل ضحايا كورونا عموما، ونتمنى أن يحترس الجميع، لأنه من الواضح أننا دخلنا فى ذروة موجة جديدة نتمنى أن تمر بسلام.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي