ترامب الفرنسي يسعى نحو الإليزيه - دوريات أجنبية - بوابة الشروق
الجمعة 3 مايو 2024 2:39 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ترامب الفرنسي يسعى نحو الإليزيه

نشر فى : الثلاثاء 2 نوفمبر 2021 - 9:55 م | آخر تحديث : الثلاثاء 2 نوفمبر 2021 - 9:55 م

نشرت مجلة ذى أتلانتيك مقالا للكاتبة ياسمين سرحان، تحدثت فيه عن إريك زمور، النسخة الفرنسية لدونالد ترامب، الذى يسعى إلى الوصول لقصر الإليزيه العام المقبل. ذكرت عوامل اهتمام الصحافة الفرنسية به ودورها فى تسهيل طريقه للرئاسة.. نعرض منه ما يلى.

يتطلع صحفى فرنسى يمينى متطرف إلى الترشح للرئاسة الفرنسية. إنه لا يخجل من الاستفزاز الدينى أو العنصرى، ولا يخفى ولعه بالمؤامرات. هو معارض صريح للهجرة، والصوابية السياسية، والنسوية. بالنسبة لمن يؤيده، هو وجه مألوف لا يخشى من قول الحقيقة ووصف الشيء كما هو عليه دون تجميل أو مراوغة. بالنسبة لمن ينتقده، هو شعبوى سريع الانفعال لا يجد غضاضة فى تقسيم بلاده.
إنه إريك زمور، النسخة الفرنسية للرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب، الناقد اليمينى المتطرف الذى حقق مكاسب فى استطلاعات الرأى الأخيرة قبل الانتخابات الرئاسية فى فرنسا العام المقبل. يحظى زمور بتغطية كاسحة فى وسائل الإعلام الفرنسية؛ فضلا عن حضوره المتزايد فى الصحافة الدولية، مما يشير إلى أنها مسألة وقت فقط قبل أن يصل لقصر الإليزيه.
يعد نجاح زمور فى جذب انتباه كبير، مقارنة ببقية المرشحين والمرشحات للرئاسة فى فرنسا، دليلا على قدرته ومهارته القوية فى الاستفزاز والتى اكتسبها على مدار مسيرته المهنية. هو، مثل ترامب، شق طريقه إلى عناوين الصفحات الأولى فى الجرائد والمجلات بجانب نشرات الأخبار من خلال كونه الصوت الأكثر صياحا فى الغرفة، ويبدو أن هدفه هو إحداث زخم كافٍ عنه لتعزيز ترشيحه. وحتى الآن، أثبتت الصحافة الفرنسية أنها سعيدة ومهتمة بتغطية كل ما يقوم به ويقوله زمور.

وإذا كانت وسائل الإعلام الأمريكية صنعت ترامب، بمعنى أنها منحته مزيدا من الشرعية والاهتمام، وبالتالى ساعدته على الوصول للبيت الأبيض، فيبدو أن الصحفيات والصحفيين الفرنسيين يرتكبون نفس الخطأ الذى وقع فيه نظراؤهم الأمريكيون. افتتان وسائل الإعلام الفرنسية بزمور من المرجح أن يكون نابعا من أوجه تشابهه مع ترامب. هما يتمتعان ببعض من القواسم المشتركة الواضحة مثل مخاوفهما من الهجرة والتجارة.
ما يميز زمور عن بقية النخبة الفرنسية هو نظرته الراديكالية للعالم. فبالإضافة إلى تعليقاته التحريضية حول الهجرة ومن يدينون بالإسلام، قام أيضًا بالترويج للمراجعة التاريخية حيث زعم زورًا أن حكومة فيشى الفرنسية، التى تعاونت علنًا مع ألمانيا النازية، أنقذت اليهود الفرنسيين، كما يروج لنظريات المؤامرة وهو من دعاة «التبديل العظيم»، وهى نظرية عرقية قومية شاعها الكاتب الفرنسى رينو كامو تدعى أن الأوروبيين البيض الأصليين يتم استبدالهم بمهاجرين غير بيض من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
•••
بعد أن شهد العالم صعود ترامب، تعرف الصحافة الفرنسية مخاطر تحويل زمور إلى حالة سياسية أو، الأسوأ من ذلك، تقبل آرائه المتطرفة. ولكن كيف تتعامل الصحف الفرنسية مع زمور؟ أحد المحررين البارزين فى إحدى الصحف اليومية الفرنسية، قال: «لقد كنا نجرى نقاشات كبيرة داخل الصحيفة حول كيفية تغطيتنا له». كما ظهر زمور لأكثر من 11 ساعة فى بث إعلامى. بالمقارنة، تلقت عمدة باريس آن هيدالجو ساعتين من البث. وحصلت مارين لوبان، المنافس الرئيسى لزمور على أصوات اليمين المتطرف، على أقل من ذلك، تقريبا أقل من ساعة.

إن وسائل الإعلام الفرنسية لا تستطيع مقاومة الشخصيات المثيرة مثل زمور. إنه سيقول شيئًا عنصريًا للغاية، إشكاليًا للغاية، ولكن بعد ذلك لا بأس لأن الصحافة ستجد ما تتحدث عنه لمدة يومين. هذا أمر ساحر بالنسبة للصحفيين عموما.
الصحفيون الفرنسيون يقعون فى نفس الفخ الذى وقع فيه نظراؤهم الأمريكيون. فمن خلال التركيز على تطرف زمور، كما فعلت الصحافة الأمريكية مع ترامب قبل انتخابات عام 2016، فإنهم يرسلون رسالة ضمنية، وإن كانت غير مقصودة، مفادها أن الخطاب الأكثر تطرفا فقط هو الذى يستحق التغطية. كانت العواقب المترتبة على ذلك عندما خاض ترامب الانتخابات ذات شقين: لم يقتصر الأمر على تمثيله بشكل مفرط للآراء الأكثر تطرفا فى النقاش العام، ولكنه شجع أيضًا السياسيين على أن يكونوا أكثر غرابة.
زمور لا يجتذب نصيب الأسد من اهتمام وسائل الإعلام فحسب. إنه يضع بشكل فعال شروط المناظرة الرئاسية فى فرنسا. بعبارة أوضح، أجندة زمور هى ما نتحدث عنه فى فرنسا اليوم: الهجرة، الأمن، الإسلام، وفى العديد من المقابلات التى لا تشمل زمور، يُطلب من خصومه الرد على الأشياء التى قالها!.

لكن إذا كان هناك درس واحد يجب أن تتعلمه الصحافة من حقبة ترامب، فهو ما إذا كانت التغطية حاسمة أم لا. لقد اعتدنا على فكرة أن التغطية السيئة تكون سيئة للرئيس، ولكن بالطريقة التى عمل بها ترامب، وجدنا الفكرة انعكست، وأصبحت التغطية السلبية بالنسبة له عاملا مساعدا على وصوله لمنصب الرئيس الأمريكى. والآن يتكرر الأمر مع الصحافة الفرنسية. إن تكريس الكثير من الوقت والمساحة لزمور من شأنه أن يمنحه النفوذ الذى يتوق إليه بلا شك، وأن يشير إلى الجماهير الفرنسية بأنه يستحق اهتمامهم أكثر من المرشحين المحتملين الآخرين.

ومع ذلك، سيكون تجاهل الصحافة الفرنسية لزمور بمثابة المخاطرة باتهامها بالتقصير عن أداء واجبها المتمثل فى تغطية مرشح قابل للاستمرار فى معترك الرئاسة الفرنسية. أكبر دليل على ذلك هو ما أظهره استطلاعان أخيران من أن زمور يفوز فى أى مكان من 16 إلى 17 فى المائة من الأصوات الوطنية، ويحتل المرتبة الثانية بعد الرئيس إيمانويل ماكرون، والأهم من ذلك، أنه يتفوق على مارين لوبان، منافسته الرئيسية على الأصوات اليمينية المتطرفة.
•••
هناك عوامل أخرى تدفع إلى اتخاذ القرار التحريرى فى وسائل الإعلام الفرنسية بالاهتمام بزمور. لكن ربما يكون السبب الرئيسى وراء ركض وسائل الإعلام الفرنسية لتغطية زمور هو أنه من بين عشرات المرشحين الأكثر إثارة للجدل. زمور يعرف كيف يتحكم فى الأجندة الإعلامية. يقول شيئًا فظيعًا ثم يتحدث الجميع عنه. هذه حلقة مفرغة يصعب للغاية كسرها.

أحدث المواقف الجدلية التى صدرت عن زمور، والتى قوبلت بتغطية وإدانة واسعة النطاق، كانت توجيهه بندقية قنص نحو الصحفيين أثناء حضورهم معرض أسلحة فى باريس، ضحك وطلب من المراسلين «التراجع». لكن تبقى أكثر تصريحاته إثارة للجدل هى تعهده مؤخرًا أنه فى حالة انتخابه سيسعى إلى إعادة فرض حظر على الأسماء الأجنبية مثل محمد.
إجمالا، إن الطريقة التى تغطى بها وسائل الإعلام الفرنسية إريك زمور لن تتوقف لأن العوامل الدافعة لهذه التغطية قوية. وكلما كان زمور أكثر إثارة للجدل، زاد احتمال لفت انتباه وسائل الإعلام إليه، وزادت احتمالية بقائه فى النقاش العام.

وبالطريقة التى يتبعها بعض الصحفيين، قد يكون زمور أكبر من أن يتم تجاهله. وسيبرر بعضهم موقفه بأنهم إذا لم يتحدثوا عن زمور اليوم، فسوف يتم اتهامهم بعدم الحديث عن شخص لا يحبونه!.
مرة أخيرة، الإعلام الفرنسى هو من صنع زمور. وهذه العلاقة تشبه علاقة من صنع وحشا. لقد صنعوه فى جزء كبير منه، وهو الآن هنا. إذن ما العمل؟

إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصليهنا

التعليقات