«الطاووس».. مقنع وممتع وواقعى - خالد محمود - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 2:48 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«الطاووس».. مقنع وممتع وواقعى

نشر فى : الإثنين 3 مايو 2021 - 8:25 م | آخر تحديث : الثلاثاء 4 مايو 2021 - 10:45 م
بهدوء شديد يتسلل مسلسل «الطاووس» ليحتل مكانة متميزة فى دراما رمضان الاجتماعية هذا العام، فالموضوع المطروح له قيمة ورسالة يعكسها للمتلقى، بشكل مقنع وممتع وواقعى، وجاذب فى نفس الوقت، فالعمل الفنى ليس مجرد حوار وصورة للحديث عن ظاهرة معينة تلقى اهتمام البعض، ولكنه يجب أن يعتمد على التشويق وأن يكون مؤثرا وعميقا ويدعو للتفكير والتأمل، وهو ما لمسته فى سيناريو كريم الدليل الذى كتبه تحت اشراف المؤلف محمد ناير، وهو يتناول فكرته وشخصياته مع مخرج صاحب رؤية واعية وذكية مثل رءوف عبدالعزيز.
مسلسل «الطاووس» يناقش ظاهرة انفلات مجتمعى أدى إلى قضايا التحرش والاغتصاب والعنف ضد المرأة، كما يتعرض للتغيرات التى أحدثها تغلغل السوشيال ميديا فى التأثير على الشارع، وذلك عبر شخصية «كمال الأسطول» جمال سليمان محامى تعويضات، ليس له عائلة حقيقية فقط مساعده وجارته «سميحة أيوب»، حياته المهنية عاش فيها نجاحات وإخفاقات، وتقلبات عدة، منسجم مع نفسه كمحامى تعويضات، يتعامل مع هذا النوع من القضايا بمهنية بغض النظر عن المشاعر والعواطف، لكنه يتعاطف فجإة مع الفتاة «أمنية» ــ التى تجسدها سهر الصايغ ــ ضحية اغتصاب جماعى لمجموعة من الشباب المدلل ممن يطلقون عليهم «ولاد ناس واصلة» الذين يفقدون صوابهم فى لحظة ويتحولون إلى ذئاب، وهى القضية التى تؤدى لتغيير رؤيته لمهنته، ولنفسه، ليمزج بين مشاعر الإنسان وعقلية المحامى، فى البداية كان يترافع فى قضايا التعويضات لأشخاص غرباء عنه، لا يرتبط بهم بأى عاطفة، عكس أمنية، المسألة معها مختلفة، يتعاطف معها لأكبر حد، إضافة إلى أنه يعانى من خصومة قديمة مع محامى الشباب المتهمين بالقضية أحمد فؤاد سليم، وهو ما أتاح لنا رؤية مدرستين من المحاماة ضمن أحداث «الطاووس»، ينشأ بينهما صراع، حتى تصل القضية أمام القضاء
المسلسل ابتعد عن استخدام «البهارات» الدرامية التقليدية وكسر المسارات المعتادة والتفكير النمطى وسار ببساطة وراء مفاجآت الواقع حتى وإن كان غير متوقع.
ربما ما اثير قبل العرض فى إن المسلسل إسقاط على قضية شهيرة فى احد الفنادق، وما تبعه من قرار المجلس الأعلى للإعلام بتحويل أسرة المسلسل للتحقيق قبل أن تتضح الحقائق، وينتصر المجلس للابداع، قد ساعد على الالتفات إلى العمل ومشاهدته، لكنه اثبت فى النهاية انه كان جدير بتلك المشاهدة وانه يعزف فى منطقة فنية خاصة، حتى مشهد الاغتصاب تم تصويره بشكل ذكى وبالفعل استطاع أن يوصل كل ما يريده دون جرح للمشاعر، وكان البناء الدرامى لمسار الاحداث محكما للغاية.
قدم جمال سليمان أداء متزنا ومتسقا مع شخصيته بتحولاتها، وخاصة فى مرحلة فقدان الثقة بينه كمحام وبين موكلته أمنية، ثم اعادة بناء تلك الثقة، كانت مشكلة كمال الأسطول هى أن وجهة النظر المأخوذة عنه سلبية، وحتى يثبت مصداقيته وأنه رجل إيجابى تطلب منه مجهودا كبيرا فى تحول الاداء، فيما جسدت سهر الصايغ دور «أمنية» الفتاة الضحية بأداء رائع وسلس واحساس صادق تعكس طيبة وبراءة البسطاء، فهى ممثلة موهوبة وحساسة تعرف جيدا متطلبات الدور دون افتعال زائد، ولا يمكن لك أن تتوقع ما ستفاجئ الجمهور به خلال توصيفها حتلة الشخصية والعمل ككل، منذ أن برز مدى المعاناة التى تتعرض لها شخصية أمينة، الفتاة التى تعمل فى النظافة من أجل الإنفاق على والدها الذى لا يعمل قبل ان يتوفى، وشقيقتها التى تعانى مع زوجها، فضلا عن الإنفاق على تعليمها وحصلت على الشهادة الجامعية، ولكنها فى حاجة للمال من أجل سداد مصاريف حصولها على الشهادة، وتضطر للذهاب إلى الساحل الشمالى، للعمل فى النظافة داخل إحدى الحفلات من أجل الحصول على المال، ما يجعلها تتعرض لعملية اغتصاب من شباب أصحاب نفوذ، بعدما يشاهدها أحدهم ويخطف الهاتف الخاص بها ثم يضع لها المخدر فى العصير ويصطحبها هو وأصدقائه إلى غرفة النوم وهناك تقع الواقعة، هذا الشريط الذى مهد الطريق الطويل لمأساة امنية، منح سهر الصايغ الفرصة لانطلاق تعبيراتها واعتقد ان الطاووس سيمثل لها خطوة مهمة فى مسارها، وكذلك هبة عبدالغنى، التى جسدت بواقعية وصدق شخصية سمية، الشقيقة الكبرى لأمنية.
ودون شك لجأ المخرج رءوف عبدالعزيز إلى اسلوبا متميزا فى التصوير وابراز الكادر الجمالى للصورة وزواياها، والايقاع المنسجم مع الأحداث وتشويقه بحرفية ليثير الغموض ويجذب الانتباه من أول لحظة.
كما وفق فى إعطاء تكوينات جمالية للكادر فى كل المشاهد حتى الآن، فضلا عن التصوير المشاهد ذات المناظر الطبيعية فى غاية الروعة ويعطى متنفسا للعمل ومريحة لعين المشاهد واختيار موفق لاماكن ولوكيشنات التصوير التى تخدم قضية العمل والمضمون العام.
خالد محمود كاتب صحفي وناقد سينمائي
التعليقات