فى الأسبوع الماضى انعقدت اللجنة العليا بين مصر وجنوب السودان فى القاهرة، برئاسة رئيس الوزراء د. مصطفى مدبولى ونائب رئيس جنوب السودان جيمس وانى إيجا، نائب رئيس الجمهورية الجنوب سودانى للشئون الاقتصادية، وبحضور عدد كبير من وزارء البلدين.
علاقتنا مع هذه الدولة الوليدة مهمة جدا، فماذا نعرف عنها كمصريين؟.
الجنوب كان جزءا من مصر، حينما كان السودان بأكمله جزءا من مصر، حتى استقلاله فى أول يناير 1956. ثم صار جزءا من السودان الموحد، حتى تم إجراء الاستفتاء على حق تقرير المصير فى ٩ يناير ٢٠١١، وخلاله صوت أكثر من 98% من السكان على الانفصال، وإعلان دولة مستقلة فى ٩ يوليو ٢٠١١.
عدد السكان يتراوح بين 10 ــ 12 مليون نسمة، ويتوزعون على عدد من القبائل، أهمها الأفريقية وتضم قبائل شهيرة مثل الدينكا والنوير والشيرلوك والشلك والاشولى والجور. والقبائل النيلية الحامية مثل الباريا واللاتوكا والمورلى. والقبائل السودانية الباتوية مثل الزاندى والفرتيت. والدينكا هى أكبر جماعة عرفية تليها النوير والشلك والزاندى.
هناك 10 ولايات، والعاصمة جوبا، وجرى دراسة نقلها إلى رامشيل باعتبارها أكثر مركزية، لكن اندلاع الحرب الأهلية حال دون ذلك.
مساحة الدولة تبلغ حوالى ٦٢٠ ألف كيلو متر مربع، وتقع فى شمال شرق أفريقيا وهى دولة حبيسة غير ساحلية مثل إثيوبيا. وتحيط بها السودان من الشمال، وأفريقيا الوسطى والكونغو الديمقراطية من الجنوب الغربى، وأوغندا من الجنوب وكينيا من الجنوب الشرقى، وإثيوبيا من الشرق.
وفى هذا البلد منطقة مستنقعات ضخمة شكلها النيل الأبيض، بمنطقة بحر الجبل، ويفترض أن يتم استكمال إنشاء قناة جونجلى المهمة جدا لجنوب السودان والسودان ومصر.
طبقا لوزير الرى الجنوب سودانى مناوا بيتر فإن أكثر من ٨٥٪ من سكان البلاد يتحدثون اللغة العربية، باعتبار أنها كانت اللغة الأساسية فى السودان الموحد قبل الانفصال، لكن فى أول برلمان بعد الانفصال تم التصويت على اعتبار اللغة الإنجليزية هى اللغة الأولى والرسمية. والطريف أن المناقشات داخل هذا البرلمان، الذى صوت على هذا القرار تمت باللغة العربية!!. والإنجليزية هى لغة التعليم والحكومة والأعمال منذ عام 1928 فى الجنوب.
فى هذه الدولة الأفريقية المهمة جدا لنا العديد من اللغات المحلية، وتستخدم اللهجة المحلية التى تعرف بـ«عربى جوبا» على نطاق واسع.
وهناك لغة الندوقو المحلية فى ولاية غرب بحر الغزال، ولغات الباى والقولو والسيرى والبلندا ثم لغة جنيق ويتحدث بها خمسة ملايين مواطن من قبيلة الدينكا، ولغة النوير وينطق بها ٢ مليون مواطن.
دينيا تحتل المسيحية المركز الأول بحوالى ٨٠٪، ومعظم المسيحيين كاثوليك وانجليكانيون. والإسلام يمثل ١٨٪، وهناك أيضا أتباع للديانات الأفريقية وكذلك الوثنيون.
اقتصاديا هناك أيضا العديد من المعادن أهمها النفط، وأكثر من ٨٥٪ من حقول النفط، صارت موجودة فى جنوب السودان بعد الانفصال، لكن الصراعات الأهلية المسلحة لم تشجع على استغلال هذا النفط واستخراجه وتسويقه. وهكذا فإن الإنتاج الحالى لا يزيد عن ٢٠٠ ألف برميل يوميا، فى حين أنه يمكن أن يصل إلى أكثر من ١٫٥ مليون برميل يوميا.
الصناعة غير موجودة أو بدائية جدا، والدخل الأساسى لأغلب السكان يعتمد الزراعة، وغالبية السكان يعيشون فى ظروف اقتصادية صعبة جدا. والصين هى الأكثر نشاطا كمستثمر فى جنوب السودان، شأن ما هو حاصل فى العديد من البلدان الأفريقية الأخرى.
من سوء الحظ أنه وطوال عشر سنوات من استقلال جنوب السودان، فإن البلاد عاشت ثمانى سنوات منها فى الحروب الأهلية، الأمر الذى أصابها بالشلل فى معظم مناحى الحياة، وكاد يحولها لدولة هشة، وفى عام ٢٠١٦ كانت ثانى أعلن دولة على مؤشر الدول الهشة أو الفاشلة.
لكن التطور المهم هو حدوث مصالحة وطنية شبه شاملة قبل عامين، مما مكن البلاد من بدء التفكير فى الانطلاق لمعالجة آثار الحرب الأهلية. ويحسب للحكومة الحالية أنها نجحت بمساعدة من الجيران والشركاء الدوليين فى توقيع اتفاق للسلام وتقاسم السلطة، وبالتالى الانطلاق للأمام.
هذه هى المعلومات الأساسية عن جنوب السودان الدولة الأكثر أهمية لمصر بعد السودان الشقيق. وبعد مقابلات مع بعض مسئوليها فى الأيام الأخيرة خصوصا مناوا يتر وزير الرى، فإن هناك أهمية كبرى لتعظيم العلاقات فى جميع المجالات معها، لأن ذلك يمثل صميم الأمن القومى المصرى، بل ويمكن أن يساهم فى حل جزء من أزمة نقص الموارد المائية المصرية فى إطار المصالح المشتركة للبلدين، وللحديث بقية.