الغضب القبطى - محمد عصمت - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 1:19 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الغضب القبطى

نشر فى : الثلاثاء 4 يناير 2011 - 10:10 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 4 يناير 2011 - 10:11 ص
لا أشك لحظة واحدة فى أننا كمصريين سنتجاوز حادث الإسكندرية الإرهابى رغم بشاعته، ولا أشك أيضا فى ان حكمة البابا ستكبح جماح غضب ملايين المسيحيين، لكنى اشك كثيرا فى أن نظامنا السياسى ــ الثقافى بتركيبته الراهنة سيكون قادرا على حل المشكلة الطائفية فى مصر من جذورها، أو على الاقل تقديم حلول ناجعة لها.

فأنا أكاد أجزم ان تركيبتنا السياسية التى تحولت إلى نظام الحزب الواحد، هى سبب هذه الأزمات الطائفية، بتضييقها على حق كل القوى السياسية والاجتماعية فى التعبير عن نفسها، والسعى للوصول للسلطة لتنفيذ سياسات بديلة.. فلا أحد فى مصر يتصور أن حزبا غير الحزب الوطنى يمكنه الوصول للحكم بأساليب ديمقراطية، عبر انتخابات حرة ونزيهة.!

ولو كان المسيحيون ــ مثلهم مثل المسلمين ــ يشعرون بأنهم يحصلون على حقوقهم السياسية، لكان تعبيرهم عن الغضب من حادث الاسكندرية مختلفا، لأنه بعد أن أغلقت أمامهم ــ مثلما أغلقت أمام ملايين من اخوانهم المسلمين ــ أبواب العمل السياسى، لم يعد أمامهم مجال للتعبير عن مطالبهم إلا عبر أحد طريقين: الكنيسة أو العنف.

قد ننجح بالمسكنات فى «تهدئة» الأوضاع، والسيطرة على الشارع، وإيقاف المظاهرات الغاضبة، ولكننا نحتاج الآن إلى ما هو أكثر بكثير من اللقاءات الودية والكلمات الطيبة.. نحن نحتاج إلى نظام سياسى جديد، وإلى حريات حقيقية.. فالحرائق التى اندلعت فى الإسكندرية وقبلها فى العمرانية وفى نجع حمادى تترك جروحا غائرة فى نفوس ملايين المسيحيين، لن نستطيع مداواتها إلا بتأكيد مفهوم المواطنة كبديل وحيد للأزمة الطائفية التى تشتعل كالنار تحت الرماد.

والمؤسف ان الخطاب الرسمى حاليا يحيلنا إلى المجهول وهو يتحدث عن محاربة الإرهاب، متجاهلا ضيق افق نظامنا السياسى الذى يوفر المناخ للتطرف والشحن الطائفى، فالمتهم الأول فى حادث الإسكندرية هو من يغلق سبل التغيير السلمى، ومن يزور الانتخابات، ويسود البطاقات، ومن ينسف أى أمل فى تداول السلطة.. فالقبض على مرتكبى الحادث وحتى إعدامهم فى ميدان عام لن يحل الأزمة ولن ينزع فتيل الغضب من صدور الملايين.

واتصور ان الرد الوحيد على مجزرة الإسكندرية هو تشكيل جمعية وطنية تضع دستورا ديمقراطيا حقيقيا يعبر عن عقد اجتماعى جديد، يواجه الفقر واحتكار السلطة والثروة.. وليقضى تماما على الشبح الطائفى الذى بات يهدد وجودنا نفسه.
محمد عصمت كاتب صحفي