عوائق تجديد الخطاب الديني.. 30ــ تكاثر اللاعبين - جمال قطب - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 6:42 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عوائق تجديد الخطاب الديني.. 30ــ تكاثر اللاعبين

نشر فى : الإثنين 4 يوليه 2016 - 8:50 م | آخر تحديث : الإثنين 4 يوليه 2016 - 9:04 م
ــ1ــ

كان عبث ثورة 1952 بالأزهر أشد وأسرع خطرا من عبث الاستعمار أو القصر الملكى وحكوماته. ففى سنوات قلائل أعمل رجال الثورة معاول الهدم، فها هو التدخل الفج فى شأن الأزهر وعزل شيخه عبدالمجيد سليم لأنه أعلن عدم مشروعية «قانون الإصلاح الزراعى» وقال إذا كانت الحكومة تريد إنعاش الفقراء فليكن ذلك إما برفع قيمة الضرائب أو باستحداث سياسات جديدة تفتح استثمارات جديدة تستوعب البطالة والفقر، أما مصادرة «الأصول» من أصحابها فذلك عمل غير مشروع، وكان ضباط الثورة فى تعجل وجهل وإصرار فأصدروا قانون الإصلاح الزراعى رغم عدم وجود برلمان، ورغم عدم موافقة الأزهر. ثم أقالوا شيخ الأزهر دون مبرر ودون حق لكنهم عجزوا عن إيجاد بديل له فكل من يصلح رفض رفضا أن يتولى المنصب بعد الغدر بالشيخ المعزول.

ــ2ــ

لجأ الضباط إلى حيلة فطلبوا من بعض أتباعهم إشاعة سر مخيف مؤداه أن الحكومة إذا لم تجد شيخا للأزهر سيتم إغلاق الأزهر وتحويل معاهده إلى وزارة المعارف فاضطر الشيخ التونسى/ محمد الخضر حسين أن يقبل المنصب ليحافظ على الأزهر، وبعد مدة قصيرة جاءت الثورة «مثانية الاسافى» فقد صدر قرار ثورى بإلغاء القضاء الشرعى وإدماجه فى القضاء المدنى دون إمهال أو إعداد أو تدريب. ومعنى ذلك إيقاف تعيين علماء الأزهر فى منصب القضاء. فاضطر الإمام الخضر حسين إلى الاستقالة اعتراضا على هذا العداء المخرب وغير المبرر. فتتابعت السهام بحل هيئة كبار العلماء واستحداث «دمية» مجمع البحوث الإسلامية معدومة الصلاحيات ثم إنشاء وزارة شئون الأزهر !!! وهكذا تضخم العبث إلى حد لا يطاق.

ــ3ــ

وقد تكاثرت الهموم بين صدور قانون للأزهر وإلحاقه بـ 40 تعديلا مع ضغط ميزانية الأزهر وإنشاء أجهزة مناوئة له مثل «المجلس الأعلى للشئون الإسلامية» بتبعية وزارة الأوقاف ــ مع تعيين وعزل وزراء الأوقاف ووزراء شئون الأزهر وكذلك المفتيين، وكل ذلك يتم فى مناخ عام جديد تكاثرت فيه وسائل الإعلام وأصبح لكل جريدة شيخ ولكل إذاعة فقيه ولكل قناة إمام حتى أصبح الخطاب الدينى كما يراه الكافة... فهو فى حالة متردية لا يرجى شفاؤها بل ينتظر الجميع تشييع جنازة هذا الخطاب.

ــ4ــ

وقد زاد العبث وتجاوز حدوده حينما صدر قرار جمهورى سنة 2010 بتعيين شيخ للأزهر وهو فى ذات الوقت عضوا فى المكتب السياسى للحزب الوطنى الحاكم. وكان هذا القرار كاشفا عن عورات كبرى فلا رياسة الدولة، ولا رياسة الحكومة، ولا البرلمان وفوق كل ذلك فلا الشخص المعين ولا الذين وقع عليهم عبء استقباله والالتفاف حوله.. فكل تلك المؤسسات وكل تلك الشخصيات لا يدرون «طبيعة المنصب» ولا أهميته، ولا دوره فى سكينة المجتمع وهدوئه، ولعلنا جميعا لا ننسى ما كان وما زلنا نعانيه والدولة معنا بل والأمة.

ــ5ــ

ولم لا؟! ولم يجرؤا من قبل على تعيين مفتٍ للبلاد غير متخصص فى الفقه وبقى فى المنصب 10 سنوات تمهيدا ليتولى مشيخة الأزهر، ثم تولاه فتفضل ونطق قائلا: «أنا موظف فى الدولة» ليس متواضعا، إنما هو إدراكه أنه موظف يؤمر، وكأنه لا يعلم أن الوزراء غير موظفين حسب الدستور والقانون!!!

ــ6ــ

أما وقد بلغ الشهر تمامه وموضوع الخطاب ذو شئون وشجون، وأعجب هذه الشئون أن الخطاب الدينى قد أصبح فريسة مجهضة سواء من المؤسسات الرسمية أو من الإعلام والإعلان أو من هؤلاء الذين يتولون شأنه..فرحمتك يا أرحم الراحمين..
جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات