فى 1989 ولد «عمار» فى مدينة سان دييجو بولاية كاليفورنيا ليس ببعيد عن الحدود الأمريكية المكسيكية لأب فلسطينى مسلم، وأم مكسيكية مسيحية. عمار كامبا نجار Ammar CampaــNajjar شاب طموح مكافح يبلغ 29 من العمر، استطاع أن يحصل على ترشيح الحزب الديمقراطى فى الدائرة الخمسين بولاية كاليفورنيا، والتى تعد تاريخيا معقلا للحزب الجمهورى فى جنوب الولاية. ولم يسمع الكثير عنه إلا بعدما تمت إدانة دانكين هانتر، المرشح الجمهورى (صاحب الحظوظ الكبيرة فى الفوز) فى جرائم مالية متنوعة، ومنها ما يتعلق بمخالفات واسعة فى تمويل حملته الانتخابية، هنا صعد وبرز اسم المرشح عمار. ويذكر موقع حملته الانتخابية على الإنترنت أنه فخور بخلفيتيه العرقية والدينية، إلا أنه يؤكد أنه «أمريكى أولا». ويرى عمار نفسه كأمريكى عربى لاتينى، تم تربيته كمسيحى كاثوليكى. نجح فى دخول معترك السياسة صغيرا، وعمل متطوعا فى الحملة الانتخابية لباراك أوباما، ثم تم تعيينه فى منصب صغير بوزارة العمل.
***
فى 1972 قامت منظمة أيلول الأسود الفلسطينية بتنفيذ عملية احتجاز رهائن من أعضاء البعثة الرياضية الإسرائيلية المشاركة فى الألعاب الأولمبية بمدينة ميونيخ الألمانية. واستطاع عدد من المقاتلين الفلسطينيين التسلل للقرية الأولمبية مسلحين برشاشات وقنابل، وطالبت المنظمة الفلسطينية بالإفراج عن 263 معتقلا فى السجون الإسرائيلية معظمهم من العرب بالإضافة، إلى اليابانى «كوزو أوكاموتو» عضو الجيش الأحمر اليابانى، إضافة لعضوين من منظمة بادر ماينهوف الراديكالية الألمانية. وانتهت العملية بصورة مأساوية نتج عنها مقتل 11 رياضيا إسرائيليا و5 من منفذى العملية الفلسطينيين وشرطى وطيار ألمانيين. وكان أهم المخططين للعملية قيادى فلسطينى اسمه محمد يوسف النجار.
***
فى 1973، اغتالت الاستخبارات الإسرائيلية محمد يوسف النجار، القيادى الفلسطينى البارز وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح، ورئيس اللجنة السياسية لشئون الفلسطينيين فى لبنان، وكنيته أبو يوسف. وعمار هو حفيد القيادى الفلسطينى. وصفت شبكة فوكس الإخبارية عمار بأنه «حفيد الإرهابى» على شاشتها دون أن تذكر اسمه. وتصيدت عدة مواقع إخبارية يمينية فى الماء العكر عن طريق التركيز على شخصية الجد الفلسطينى وعرض سجلاته وأنشطته السياسية خاصة ما ارتبط منها بأعمال عنف أو قتل. كطفل انتقل عمار مع أسرته للعيش فى قطاع غزة لعدة سنوات عندما كان طفلا صغيرا. وتبرأ عمار مما قام به جده، وقال فى بيان أصدره «أنا مسئول عن اختياراتى وعن كل ما أقوم به، ولست مسئولا عن جرائم الآخرين، سواء كان هؤلاء ممن تربطنى بهم رابطة أو آخرين لا أعرفهم. وأنا أؤكد أنه لا يوجد أى مبرر لقتل مدنيين أبرياء». وأضاف عمار: «توفى جدى قبل 16 عاما من مولدى، لم أقابله بالطبع، ولم يكن له أى تأثير على فكرى السياسى، فأنا لم أعرفه على الإطلاق».
***
تقوم حملة عمار الانتخابية على أجندة تقدمية ديمقراطية بالمعايير الأمريكية. ونال عمار دعم المرشح الديمقراطى السابق بيرنى ساندرز، ومجموعة الثوريين الديمقراطيين. وفاز عمار على عدد من المرشحين الديمقراطيين خلال الانتخابات التمهيدية للحزب خلال الصيف الماضى. ولن يستطيع عمار الفوز بمقعد فى مجلس النواب دون الحصول على الكثير من أصوات الجمهوريين. ويمارس عمار لعبة السياسية باقتدار، فقد أعلن عن عزمه واستعداده العمل مع الرئيس دونالد ترامب، وقال إن الجمهوريين المحافظين لديهم بعض الآراء الإيجابية عنه. وينتقد عمار الحزب الديمقراطى لتجاهله أنصار وشعبية الرئيس ترامب. ويتبنى كذلك موقفا وسطيا من قضايا الهجرة تنادى بضرورة عدم تعيين المهاجرين غير الشرعيين، وفى الوقت ذاته يطالب بتطبيق القانون مع مراعاة الظروف الإنسانية والعائلية للمهاجرين غير الشرعيين. ويقول عمار إنه سيعمل مع الجمهوريين والديمقراطيين فى ذات الوقت، وسأقف بجوار العائلات الأمريكية الساعية لتأمين مستقبل أولادها، وسأكون صوتا مستقلا فى واشنطن». ويتبنى عمار أجندة تقدمية تنادى بتوفير الرعاية الصحية لكل الأمريكيين.
ويصف عمار نفسه بأنه «مرشح الشعب الذى ولد لأم مسيحية كاثوليكية من الطبقة العاملة، وتم تربيتى ورعايتى بدعم من الجيران والأقارب.. وكانت وظيفتى الأولى هى عامل نظافة فى كنيسة ومنها انطلقت للعمل فى البيت الأبيض.. لقد وهبت حياتى للخدمة العامة». خدمت فضيحة منافس عمار حظوظه الانتخابية لحد كبير، إلا أن ذلك قد لا يؤثر بالضرورة على حظوظ عمار فى الفوز، فالدائرة جمهورية تاريخيا، وليس من السهولة الانتقال من حزب لأخر فى هذه البيئة الاستقطابية الحادة التى تشهدها السياسة الأمريكية. ويحاول الجمهوريون التغلب على هذا الموقف عن طريق إلقاء اللوم على زوجته والتأكيد على براءته.
***
لم يسلم عمار من تناول علاقته بجده وسط الإعلام اليهودى الأمريكى، وتم التركيز على أنه وعلى العكس من جده، يدعم عملية سلام الشرق الأوسط. ويدافع اثنان من أهم الرهبان اليهود من معبدنير تاميد بسان دييجو عن عمار، وذكروا أن خلفية عمار وهوية جده دفعته أكثر تجاه السلام كمنهج لحل الصراعات وليس العنف. وأكد عمار لهم على ضرورة الحفاظ وضمان «أمن إسرائيل وضمان الحقوق الإنسانية للفلسطينيين». ويرى عمار أنه فى النهاية «يجب أن تدرك إسرائيل كدولة مستقلة حق الفلسطينيين فى تأسيس دولتهم. وعلى الفلسطينيين إدانة العنف والإرهاب، والقبول بالواقع الجديد والعيش مع الجار اليهودى».
كاتب صحفى يكتب من واشنطن
الاقتباس
خدمت فضيحة منافس عمار حظوظه الانتخابية لحد كبير، إلا أن ذلك قد لا يؤثر بالضرورة على حظوظ عمار فى الفوز، فالدائرة جمهورية تاريخيا، وليس من السهولة الانتقال من حزب لآخر فى هذه البيئة الاستقطابية الحادة التى تشهدها السياسة الأمريكية.