قراصنة الكاريبى فى مصر - محمد موسى - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 8:44 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قراصنة الكاريبى فى مصر

نشر فى : الثلاثاء 5 أبريل 2016 - 10:45 م | آخر تحديث : الثلاثاء 5 أبريل 2016 - 10:45 م
تسريبات بنما صاعقة هبطت على فاسدى الأمس فى مصر، وكبيرهم مبارك، وعلى أى فاسد يتصور اليوم أنه بمأمن من المخالب الأخطبوطية للإنترنت، وأرشيفه الرقمى الخالد.

كان مبارك ونجلاه يتصورون أن المحنة أمام العدالة انتهت، وحان الوقت للاستمتاع بما قطفوه من بساتين مصر، حيث تنام النواطير عن الثعالب، من أيام أبى الطيب المتنبى حتى الآن، لكن التسريبات أطاحت بهذه الطمأنينة الغبية.

«الشبكة معقدة ومنتشرة ومتعددة الأشكال، من عقارات وأصول إلى أسهم وصناديق استثمار، بل وحسابات بأسماء مزيفة، حسبما صرح به سفير مصر فى الإمارات، وهو يتحدث عن حسابات العائلة الرئاسية السابقة هناك». كنا فى أبريل 2011، حين نشرت بوابة الأهرام هذا التقرير عن مملكة مبارك المالية حول الكوكب، التى أسسها مع نجليه بأموالنا المنهوبة. وعندما هبت عاصفة يناير بدأ البحث عن المسروقات، وأوصل تجميع الخيوط إلى أسماء بعينها، ودائما إلى شركة واحدة بعينها، وفقا للتقرير.

بعد أيام جاء الرد من مبارك شخصيا، فى رسالة مسجلة أهداها إلى قناة «العربية» السعودية. تحدث عن «حملات ظالمة، وادعاءات باطلة تستهدف الإساءة إلى سمعتى والطعن فى نزاهتى وتاريخى، وتعهد بالمساعدة فى الكشف عن أى أرصدة بالخارج لى ولزوجتى، منذ اشتغالى بالعمل العام عسكريا وسياسيا وحتى تاريخه، من خلال مخاطبة جميع وزارات الخارجية فى كل دول العالم».

كل وزارات الخارجية فى دول العالم لا تعرف شيئا عن شغل الشياطين الذى يتم به نهب أموال المصريين، ووثائق بنما تظهر خروج المليارات من مصر، وتحويلها إلى شركات واجهة تخفى هوية «المالك المستفيد»، وهو تعبير يستخدم فى عالم الملاذات الضريبية ليدل على المالك الحقيقى لشركة أو لحساب بنكى. اسم عائلة مبارك ظل سريا فى الشركات أو الحسابات المسجلة فى تلك الملاذات، حتى شاء الله أن تفضحه التسريبات، بعد أن فضحه الموقع الرسمى للحكومة السويسرية، بنشر تفاصيل أرصدته البنكية، مع زوجته وولديه، بما يتجاوزر ثلاثة مليارات جنيه.

سرقة المصريين شارك فيها مسئولون آخرون ورجال أعمال مرتبطون ب "العائلة المقدسة"، وانتهت الأموال إلى شركات وهمية فى الكاريبى، عادت إلى مصر على أنها استثمار أجنبى، ولا أحد يعرف اسم «المالك المستفيد» فى كل عملية. تقوم الشركة الوهمية باستثمار الأموال المسروقة فى شركات مصرية، كما كتب الباحث أسامة دياب على موقع مدى مصر، وتذهب الأرباح إلى المستثمر المصرى المقيم فى مصر، أى المالك المستفيد الذى سرقها، لكنها «تظهر على أنها أرباح شركة أجنبية لا تخضع لقوانين الضرائب فى مصر، ولحسن حظ المستثمر، تقع الشركة فى بلد لا يجمع أيضا ضريبة على الدخل، مما يزيد من جاذبيتها».

فى عام واحد هو 2009، تم تهريب نحو 6,4 مليار دولار من مصر، حسب تقدير مؤسسة الاستقامة المالية العالمية، برعاية مبارك ورجاله ورجال عماله. إنه مبلغ، كما يقول تقرير الأهرام، أكبر من الإنفاق الحكومى السنوى على التعليم، ويساوى دخل قناة السويس فى عام ونصف العام.

نحتاج إلى القصاص الآن فى جريمة لا تقل وحشية عن القتل، لكنه قرار مرتبط بالإرادة السياسية، ولم تتخذه الحكومات المتعاقبة، ولم يهتم أحد.

ميادين التحرير أسقطت «الجسد» الظاهر للعيان من حكم مبارك، وخرج من محاكمة القصور الرئاسية مجللا بلقب سارق، وها هى الشبكة العنكبوتية تجهز على ما تبقى له عند البعض من أوهام الزعامة أو الشرف، وتنذر من يفسد بعده بويل وثبور، وفضيحة رقمية خالدة.
محمد موسى  صحفي مصري