المقاطعة.. بين قوة الشراء و«وصلة النت»! - أحمد بهاء الدين - بوابة الشروق
الثلاثاء 14 مايو 2024 4:25 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المقاطعة.. بين قوة الشراء و«وصلة النت»!

نشر فى : الخميس 5 نوفمبر 2015 - 1:25 م | آخر تحديث : الخميس 5 نوفمبر 2015 - 6:11 م

بكتابة الجزء الثالث والأخير اختتمت الأسبوع الماضي سلسلة «أسعار السيارات إلى أين؟»، والحقيقة أن رد الفعل كان لافتا بالنسبة لي، فقد تلقيت عدد كبير من الرسائل، تروي حكايات من داخل معارض السيارات ومراكز الخدمة لن أدعي أنها عجيبة وأنها أدهشتني.

هي تشرح بدقة ما وصفته الأسبوع الماضي بقبول المستهلك المصري لانتهاكات الشركات، ما دفع السوق إلى تشكل قالب خاص به؛ اختلفت فيه المعايير وتغيرت فيه المسميات، الانتهاكات أصبحت أمور طبيعية جدا، أوضاع انتهت بتضاؤل حجم المستهلك المصري، رغم أنه يظل أساس أي عملية تجارية سواء في مجال السيارات أو أي مجال أخر!.
اعترض البعض على ما كتبته الأسبوع الماضي بخصوص حملات المقاطعة؛ كتبت أنها ربما لن تؤدي إلى النتيجة التي ينتظرها القائمون عليها بالضرورة ولكن يمكن استغلالها بشكل إيجابي، كان حديثي بالطبع بخصوص حملة «خليها تصدي».
والحقيقة أن معظم السيارات التي يتم بيعها حاليا في السوق كما اتفقنا خلال الثلاثة أسابيع الماضية، تم بالفعل بيعها مسبقا عن طريق الحجز المسبق، لذلك لن تحقق الحملة أبدا أهداف القائمين عليها فهي أشبه بمحاولة تجفيف الصحراء من المياه، فكما لا يوجد ماء ليجف في الصحراء، ليس هناك أيضا سيارات «مركونه عشان تصدي».
لا أجد مجالا للاعتراض، حتى إن كانت السيارات متوفره فعلا، فجميعنا نعرف أننا لا نجيد المقاطعة، أو لا نريد المقاطعة، في جلسة جمعتني ببعض الأصدقاء الأسبوع الماضي، وكنا نناقش وضع السوق والأسعار وسلسلة المقالات الأخيرة التي كتبتها؛ افترضنا سيناريو وكنا خمسة أشخاص.
افترضنا أننا جميعا قمنا بحجز موديل واحد من سيارة ولكن بألوان مختلفة، وافترضنا أن سعر السيارة ٣٠٠ ألف جنية والاستلام بعد ثلاثة أشهر، ثم بدأ مسئول المبيعات يخاطبنا واحد تلو الأخر بأن السيارة سوف تكون متاحة في الوقت المحدد «أي بعد ثلاثة شهور» ولكن اللون المطلوب سوف يجعلنا ننتظر لفترة أطول «ممكن ناخد اللون المتوفر عشان نستلم في ميعادنا؟».
بعد مناقشات أجمعنا نحن الخمسة أننا سوف نقبل تلك التضحية مقابل استلام السيارة في الموعد المحدد «بعد ٩٠ يوم»، ليخاطبنا مسئول المبيعات من جديد، واحد تلو الأخر؛ «باشا الدولار زاد والعربية غليت محتاج أعرف انت هتكمل معانا الحجز على السعر الجديد؟»
من جديد بعد مناقشات أجمعنا أننا سوف نقبل تلك التضحية وغيرها وغيرها وغيرها من التضحيات، كأننا واخدين العربية ببلاش!، هذا هو سلوك المستهلك المصري الذي يدعوه البعض للمقاطعة!.
سلوك المستهلك الذي يملك قوة شرائية بالطبع، وليس «وصلة نت» فقط.
لذلك لا أعتقد أبدا أن تلك الحملات سوف تؤثر على السوق بالشكل الذي يعتقده القائمون عليها!، ربما تؤثر بأشكال أخرى، أو ربما تفيدهم إذا كانوا من هواة «الشهرة» والظهور على شاشات التليفزيون.
الحقيقة ونحن في الأسابيع الأخيرة من عام ٢٠١٥، ورغم تضاؤل قيمة المستهلك المصري، إلا أنه مازال يملك سلاحين لاستعادة القيمه المفقودة، الأول هو القدرة الشرائية بالطبع، والسلاح الثاني أصبح وسائل التواصل الاجتماعي.
خلال ٢٠١٤ و٢٠١٥ كنا جميعا شاهدين على كثيرا من المعارك التى دارت بين مستهلكين وكيانات تجارية منها شركات سيارات وأماكن عامة ومطاعم شهيرة، وكانت النهاية تحسم دائما لصالح المستهلك، مهما استمر الطرف الثاني في العند.
المشكلة الحقيقية هي تهاون المستهلك في حقة وإن لم يتحرك هو لحقوقه، فلن يتغير أبدا قالب السوق الذي قام هو أيضا بتشكيله بتهاونه المستمر، في عصر أصبحت فيه الخبرات الشخصية تتناقل بين مئات الآلاف في دقائق معدودة، لا أستطيع أن أرى سببا وجيها لتضاؤل حجم المستهلك، السبب الوحيد هو سلوكه وإهماله في حقوقه.
طالما يوجد هناك عملاء يقبلون بحجز سيارة واستلامها بعد ستة أشهر، من المؤكد أن حملات المقاطعة لن تحدث أي تأثير في السوق، التأثير الوحيد يكمن في تبادل الخبرات عن الشركات وخدماتها ومنتجاتها...إلخ، وربما يتطور أداء تلك الحملات لتوعية المستهلك بحقوقه أو لتصبح جبهة بالتعاون مع جهاز حماية المستهلك كما ذكرنا مسبقا.
مره أخرى؛ لم أعد أرى سببا وجيها لتهاون المستهلك في حقوقه، كل ما علينا فعله هو رفض الخدمة المتدنية والسيئة ورفض الاستغلال. البدائل متوفرة دائما.

أحمد بهاء الدين المشرف العام على ملحق السيارات بجريدة الشروق
التعليقات