العار والعري - خالد محمود - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 3:34 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

العار والعري

نشر فى : الأربعاء 6 مايو 2009 - 9:45 ص | آخر تحديث : الأربعاء 6 مايو 2009 - 9:45 ص

 رغم أنه لم يكن واحدا من أهل الدار، فإن الأديب جمال الغيطانى وضع يده من جديد على الجرح الأكبر للسينما المصرية.. وأشار بوضوح إلى الداء الذى زلزل مكانتها وجعلها تنزف كثيرا من قيمتها، حتى أصبحت قامتها هشة وهزيلة.

آثار الغيطانى الذى رأس لجنة تحكيم المهرجان القومى إلى شيوع ما يشبه التقاعس الإبداعى لصناعة أفلامنا وتكرار الأنماط المتشابهة سواء من الفكر أو الشخصيات وبنفس الممثلين والأداء.

وأشار أيضا إلى تفشى ظاهرة الاستنساخ من أفلام أجنبية سواء من فيلم واحد أو من أكثر من فيلم.. شهادة الغيطانى لتوصيف الداء على الملأ لم تكن هى الأولى، بل سبقتها شهادات عديدة وضعت يدها على موطن الوجع وألقت برسائل تحذير أمينة على سمعة السينما المصرية.

لكنها جميعا لم تحرك ساكنا، فالجرح يزداد عمقا بدليل عودة ما يسمى بـ«سينما المقاولات»، التى أصبحت عدوى أصابت الكثيرين ممن ودعوا روح الإبداع بداخلهم واستسلموا للغة الاستسهال ــ التى أصبحت لغة السوق الأولى ــ إن الذين فرحوا بالكم وزيادة عدد الأفلام المصرية المنتجة خلال العام ــ 44 فيلما ــ لم يدركوا خطورة الفيروس، الذى انتشر وتوغل فى فكر وجسد السينما وأصابها بالهيافة والسذاجة، فماذا بعد التنازل عن الابتكار والجودة والفكر الخاص..

وماذا بعد التفريط فى الاسم والقيمة والاختلاف. إننى لست ضد الاقتباس من الأفلام الأجنبية أو حتى استنساخها، ولكن بشرط أن تكون الأعمال المنقول عنها جيدة ــ وأن نوضح للمشاهد أنها مأخوذة عن «كذا أو كذا»، ولكن أن تدعى أنها أعمال مصرية خالصة منسوبة لمؤلف مصرى عكف شهورا طويلة مع المخرج والبطل على إعدادها، فهذا هو العار بعينه، وإبداع مزيف.

ولكن الشىء الأخطر هو شيوع هذا الاستنساخ من أفلام أجنبية فى معظم أفلامنا.. والذى من شأنه أن يجوف أفلامنا من واقعيتها المصرية. ويجعلها بلا هوية وغير منحازة لشىء يمسنا.. يفرحنا.. يوجعنا.. يوقظنا.. يجرح مشاعرنا.. أو يطيب بخاطرها، لكنه ينسينا أنفسنا ويجعلنا نعيش فى مزيج من العوالم المزيفة بصورتها الفنية المشوهة.

(إذا كنا حقا نعيش عصر التقاعس عن الإبداع السينمائى فعلينا أن نخلع هذا الثوب ــ الإبداع ــ الذى ندعى أننا نحيكه ونغزل خيوطه ونتباهى به فى أفلامنا.. فإن تبدو عاريا أفضل من أن تكون عارا».

خالد محمود كاتب صحفي وناقد سينمائي
التعليقات