لماذا يرى الأمريكيون إسرائيل بهذه الطريقة؟ - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 4:34 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لماذا يرى الأمريكيون إسرائيل بهذه الطريقة؟

نشر فى : الأربعاء 6 أغسطس 2014 - 8:30 ص | آخر تحديث : الأربعاء 6 أغسطس 2014 - 8:30 ص

كتب روجر كوهين مقالا بعنوان «لماذا يرى الأمريكيون إسرائيل بهذه الطريقة؟»، نشر بجريدة نيويورك تايم, استهل المقال بقوله: إن عبور المحيط الأطلسى إلى أمريكا ــ كما فعلت مؤخرا من لندن ــ يجعلك تنتقل من عالم أخلاقى إلى نقيضه، فيما يتعلق بحرب إسرائيل مع حماس فى غزة. ففى أوروبا، تصاعد الغضب ــ من سقوط ضحايا من المدنيين الفلسطينيين ــ لدرجة محمومة، ليتخطى معاداة الصهيونية إلى معاداة السامية (والتمييز بينهما واه غالبا). وتعتبر الهجمات على اليهود ومعابدهم من أعمال عنف المهمشين، ولكن الغضب تجاه إسرائيل وتصويرها على أنها تقوم بأعمال وحشية عشوائية، واسع النطاق. وصار عدم تبنى رأى سلبى نحو إسرائيل، بالنسبة لعدد متزايد من الأوروبيين، بمثابة انعدام الضمير. وكما ذكرت افتتاحية للجارديان، فإن وفاة المئات من الأطفال فى أى حرب «نوع خاص من الفحش».

وعلى العكس من ذلك، مازال تأييد إسرائيل قويا فى الولايات المتحدة (على الرغم من أنه أقل من ذلك بين الشباب، الذين هم أكثر عرضة للتعليقات المتصارعة فى وسائط الإعلام الاجتماعية). وفى الأوساط السياسية الأمريكية، يعتبر هذا التأييد ساحقا. ولا يزال الحديث عن معاناة الفلسطينيين من المحرمات فى الكونجرس. ولا يتردد صدى قصة الأمة من المهاجرين الهاربين من الاضطهاد، والقادمين من أى مكان فى الأرض المقدسة، بين اليهود الأمريكيين فقط، وهم الأفضل تنظيما وأكثر صراحة من نظرائهم الأوروبيين أصحاب الصوت الخفيض. حيث تحظى الملحمة الإسرائيلية ــ فى الشجاعة والإرادة ــ بأصداء فى الأساطير الأمريكية، تتجاوز الهوية الدينية، سواء كانت اليهودية أو المسيحية الإنجيلية.

•••

وأشار كوهين إلى ميل أمريكا نحو تفضيل تعريف محدد لا لبس فيه لكل من الحق والباطل ــ لم يحدث أن نطق من أى زعيم أوروبى بعبارة «محور الشر» ــ وهذا الانفجار الثالث فى غزة خلال ست سنوات، يصب بما فيه الكفاية فى إطار الفكرة المانوية: دولة يهودية ديمقراطية، تطلق عليها الصواريخ، ترد على الإرهابيين الإسلاميين. وقد صار للفحش اسم، بالنسبة لمعظم الأمريكيين. هذا الاسم هو حماس! وكتب جيمس لاسدن، الكاتب والشاعر اليهودى الذى انتقل إلى الولايات المتحدة من إنجلترا: «هناك شىء خارق بشأن الطبيعة التكيفية لمعاداة السامية: الطريقة التى يمكن أن تتخفى بها، على نحو غير متصور، فى أكثر العقول تقدمية» ولاشك، أن معاداة السامية بين الأوروبيين شهدت تكيفا، من المعتاد تبنيها بالأساس بين اليمين القومى. وتجد الآن تعبيرا عنها وسط الجاليات الإسلامية الكبيرة. ولكن الحرب أظهرت أيضا مدى ضراوة المشاعر المعادية لإسرائيل الآن بين اليسار الأوروبى المؤمن بحرية التكفير، على نحو يمكن أن يخلق مناخا يسمح بالكراهية العنيفة تجاه اليهود مرة أخرى.

<<<

وأضاف الكاتب، فى ألمانيا، كانت هناك سلسلة من المظاهرات منذ اندلاع النزاع فى غزة خرجت من كل مكان ترفع هتافات مثل «إسرائيل: قاتل نازى « و«يا يهودى، يا يهودى، أنت جبان خنزير، اخرج وقاتل وحدك»، (وهى شعارات ذات إيقاع شعرى باللغة الألمانية). وألقى ثلاثة رجال زجاجة مولوتوف حارقة على كنيس يهودى فى فوبرتال. وهتف محتجون باسم هتلر، مذكرين بإلقائه اليهود فى أفران الغاز. واندلعت مظاهرات عنيفة فى فرنسا. وأضطر وزراء خارجية فرنسا وإيطاليا وألمانيا إلى إصدار بيان يقول «لا مكان فى مجتمعاتنا للخطاب المعادى للسامية والعداء ضد اليهود». وذهب فرانك فالتر شتاينماير وزير الخارجية الألمانى، إلى ما هو أبعد من ذلك. فكتب أن ما شهدته ألمانيا، «يدفع الدم للتجمد فى عروق أى شخص».

وأيد كوهين ذلك قائلا هذا صحيح!. فألمانيا، أقرب حليف لإسرائيل إلى جانب الولايات المتحدة، ظلت متحفظة منذ عام 1945. وقد تخففت من القيود الأخلاقية. كما أن أشباح الحقد الأوروبية لا يمكن أن تخبو جذوتها تماما. والقارة التى كان اليهود فيها يساقون بخنوع للذبح اسبوعيا، تلقى باللوم على أحفاد أولئك الذين نجوا حتى يستوعبون الدرس، ويدركون أن القوة العسكرية لا تنفصم عن الوجود، وأن لا يمكن أن يقع هجوم من دون رد عليه، خاصة من المنظمة العازمة على إبادة إسرائيل.

•••

ويوضح كوهين فى مقاله أنه فى بعض الأحيان يبدو أن تحولات غريبة تحدث، كما لو أن وصم الإسرائيليين بالقتلة، خارج عن أى سياق تاريخى، يكفر عن الجريمة على نحو ما. وفى كل الأحوال، من الواضح أن فكرة الضحية الفلسطينى، تؤثر بشكل أفضل على أوروبا شبه السلمية، أكثر بكثير من فكرة القوة الإقليمية الكبرى إسرائيل التى هى مجتمع عسكرى بالضرورة. كما شكل الغضب من القصف الإسرائيلى لغزة «عنصر توحيد بين الطوائف الإسلامية المختلفة فى أوروبا»، وفقا لما يقول جوناثان إيال، محلل السياسة الخارجية فى لندن. فقد صارت إدارة إسرائيل قاسما مشتركا بين المغاربة فى هولندا والباكستانيين فى بريطانيا والجزائريين فى فرنسا. وقال إيال «يعتبر غضبهم تعبيرا عن الإحباط والاغتراب».

وتتسم الآراء فى الولايات المتحدة حول الحرب، بنفس القدر من التحريف، حيث يظهر رفض الصورة الكاملة، من خلال الميول الثقافية والإملاءات السياسية. ولا يزال من الصعب القول بأن قتل مئات الأطفال الفلسطينيين يمثل فشلا يهوديا. فإنه ليس من السهل القول إن السبب فى أن غزة تمثل سجنا مفتوحا، ازدهرت فيه حماس، أن إسرائيل أظهرت تفضيلا قويا للوضع الراهن، وعجزت عن التواصل مع المعتدلين الفلسطينيين، وقامت بتوسيع المستوطنات فى الضفة الغربية، مما جعل من فكرة الحفاظ على جميع الأراضى الواقعة بين البحر المتوسط ​​ونهر الأردن، إغراء هائلا.

•••

وأكد الكاتب على أن المضطهدين سوف يردون. فملايين الفلسطينيين مقهورون، ويتعرضون للإهانة بشكل روتينى ويعيشون تحت السيادة الإسرائيلية. وعندما تلقى جون ستيوارت الإشادة (والنقد فى بعض الدوائر) لأنه كشف عن معاناة الفلسطينيين أمام الأمريكيين، أوضح ذلك إلى أى مدى كان يتم التستر على هذه المعاناة. كما أن طريقة مزايدة أعضاء الكونجرس على بعضهم البعض لإظهار مدى تأييد كل منهم لإسرائيل، دليل على مناخ سياسى يفتقر إلى الوضوح. ولا يحافظ هذا الوضع على مصالح أمريكا، التى تتطلب الآن إقامة سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وسوف تستلزم وساطة أمريكية متوازنة.

ويرى كوهين أن نوعا من التحول يحدث الآن. حيث يشهد الشباب الأمريكيون صورا حادة لمعاناة الفلسطينيين على فيسبوك وتويتر. وكشفت دراسة حديثة أجراها مركز بيو للأبحاث الامريكية أن من الأمريكيين فى سن 65 عاما أو أكثر، يلقى 53٪ منهم اللوم على حماس بسبب العنف بينما يضع 15٪ قط اللوم على إسرائيل. أما أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاما، فتلقى نسبة 29 فى المائة ممن شملهم الاستطلاع اللوم على إسرائيل، بينما يلقى 21 فى المائة فقط اللوم على حماس.

واختتم المقال قائلا: لقد وجدت نفسى أحلم بجزيرة وسط المحيط الأطلسى، ينتفى فيها المبالغات المسببة للعمى على جانبى المحيط ويتم استيعاب الحقيقة الأساسية: أن أيا من الطرفين لن يفلت، حيث إن كليهما ارتكبا أخطاء شديدة، وأن مصير الأطفال اليهود والفلسطينيين ــ الأبرياء ــ يعتمد على إعلاء أهمية المستقبل على الماضى. ولاشك أن تلك الجزيرة ستظل وهمية مثلها مثل السلام.

التعليقات