التفاوض مع الصين لإنقاذ العالم - دوريات أجنبية - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 3:12 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

التفاوض مع الصين لإنقاذ العالم

نشر فى : الجمعة 7 مايو 2021 - 10:25 م | آخر تحديث : الجمعة 7 مايو 2021 - 10:25 م

نشرت مجلة The New Yorker مقالا للكاتب بيل مكيبين، ركز فيه على صعوبة مهمة مبعوث الرئيس بايدن، جون كيرى، لشئون المناخ خصوصا تفاوضه مع الصين باعتبارها أكبر مصدر للكربون فى العالم وهل ستساوم الصين الولايات المتحدة بقضايا هونج كونج، وشينجيانغ، وربما تايوان للرضوخ لسياسات المناخ؟!... نعرض منه ما يلى.
وقّع جون كيرى، وزير خارجية الرئيس الأسبق باراك أوباما، وهو فى السابعة والسبعين من عمره على منصب مبعوث الرئيس جو بايدن لشئون المناخ، مكلفًا بمحاولة إقناع بقية العالم بأهمية وخطورة هذه القضية. كان مسئولا إلى حد كبير عن القمة الافتراضية ليوم الأرض قبل أسبوعين تقريبا، وسيأتى الاختبار الأكبر والأول لعمله فى نوفمبر المقبل فى جلاسكو (مدينة فى أسكتلندا) عندما يجتمع قادة العالم فى مؤتمر الأمم المتحدة السادس والعشرين لتغير المناخ وهو أهم محادثات منذ مؤتمر اتفاقيات باريس عام 2015.
ليس بخافٍ على أحد أن جون كيرى سيواجه صعوبة فى توحيد العالم ودفعه إلى الأمام بشأن قضية تغير المناخ، فبعض الدول تصدر النفط والغاز، وبعضها يستوردهما.. بعض الدول فقيرة والبعض الآخر غنى. بعض الدول قامت ببناء إمبراطوريات تعمل بالفحم، والبعض الآخر لا يزال يحرق الأخشاب. لكن هناك بعض الأحداث التى تعمل لصالح مهمة كيرى: فعلى الرغم من أن صناعة الوقود الأحفورى لا تزال تلعب دورًا كبيرًا فى معظم العواصم حول العالم، إلا أن هناك الآن ضغوطا جديدة من الحركات المناخية على القادة جعلتهم أكثر استجابة ومرونة لمطالبهم. كما يفتح الانخفاض السريع فى أسعار الطاقة المتجددة الباب أمام عمل أسرع. ومع ذلك، فإن مهمة كيرى لا تزال صعبة بشكل لا يصدق، ولكن ربما تكون أقل صعوبة مما كانت عليه من قبل.
وعلى الرغم من أن تغير المناخ قد يكون أهم قضية فى وقتنا الحاضر بل ربما أهم قضية فى تاريخ البشرية ــ إلا أن الأمور معقدة إلى حد كبير. ولتوضيح هذه النقطة، خذ حالة الصين على سبيل المثال، التى انضم زعيمها، شى جين بينج، إلى قمة يوم الأرض بعد أن قام كيرى بزيارة إلى شنجهاى بعد أسابيع من المفاوضات المتأنية. فلا توجد طريقة لحل قضية المناخ دون مساعدة الصين وهى الآن أكبر مصدر للكربون على وجه الأرض. كما يجب أن تكون مشاركة الصين حجر الزاوية فى أى سياسة مناخية عالمية فعالة، ولن يكون الأمر سهلا: فالدولة تقوم ببعض الأشياء بشكل صحيح (تثبيت طاقة متجددة رخيصة بمعدل لم يسبق له مثيل فى أى مكان)، لكنها على الجانب الآخر تقوم ببعض الأشياء الخاطئة (الاستمرار فى بناء الطاقة التى تعمل بالفحم). لذلك، ليس هناك حل سوى الدبلوماسية.
لكن فى اليوم الذى انتهت فيه القمة، ألمحت الصين إلى ثمن التعاون فى هذه القضية: رضوخ لسياسات بكين بشأن هونج كونج، وشينجيانغ، وربما تايوان. قال وزير خارجية الصين فى خطاب أمام مجلس العلاقات الخارجية: «لا تزال هناك اختلافات كثيرة بين بلدينا (الصين والولايات المتحدة)، لكن الرئيس شى حضر قمة المناخ التى عقدها الرئيس بايدن، وهذا إجراء اتخذته الصين على أعلى مستوى للعمل مع الولايات المتحدة بشأن تغير المناخ». واستكمل قائلا: «إذا لم تتدخل الولايات المتحدة فى الشئون الداخلية للصين، فيمكننا أن نحظى بتعاون أكثر سلاسة يمكن أن يجلب المزيد من الفوائد لكلا البلدين وبقية العالم».
وزير خارجية الصين يستحق التحية على صراحته. وهو بالفعل يضع واشنطن وبقية العالم فى مأزق: فإذا لم يتحرك العالم بشكل أسرع فيما يتعلق بالمناخ فى العقد القادم، فإن فرص تحقيق الأهداف التى وضعت فى مؤتمر باريس 2015 ستختفى، وسيختفى معها احتمال وجود عالم صالح للعيش. فحسب بعض التقديرات، إذا لم نسيطر على الأمور بسرعة، فقد نرى مليار لاجئ ولاجئة بسبب المناخ بحلول عام 2050 ــ وهى حصيلة معاناة لا يمكن تصورها. وقد يستمر هذا النوع من المعاناة لآلاف السنين على كوكب يعانى من الفقر لذلك ما سيحدث فى السنوات القليلة المقبلة سوف يتم تدوينه فى السجل الجيولوجى. بعد كل ذلك، ماذا يهمنا أكثر؟
من الواضح أن الولايات المتحدة لن تخوض حربًا ضد الصين، ليس بسبب اعتقالها للأقليات العرقية والدينية وليس بسبب قمعها الوحشى لهونغ كونغ لكن سيتم تجاهل هذه التجاوزات فقط لأن المناخ أكثر أهمية. ومع ذلك، على الولايات المتحدة أن تفعل شيئًا حيال هذا الأمر المعقد.
***
اقترح البعض طرقًا للتغلب على هذا اللغز بالإضافة إلى «دبلوماسية المناخ» التى يقودها كيرى. رأوا أن على الولايات المتحدة أن تبدأ فى معرفة كيفية فرض ضريبة حدودية على الكربون، وهى تعريفة على الوقود الأحفورى الذى تستخدمه الصين فى تصنيع منتجاتها، وتلك الضريبة يمكن أن تجبر الصين على خفض انبعاثاتها إذا أرادت الاستمرار فى التجارة العالمية. ومن المحتمل أن يقترح الاتحاد الأوروبى شيئًا مشابهًا بعد أن سئم من مشاهدة سياسات الاحتباس الحرارى. من شأن هذا التعاون أن يجعل السلع الصينية كثيفة الكربون أقل قدرة على المنافسة ويقلل من العيوب التى يواجهها المصنعون فى الولايات المتحدة من المنافسين الصينيين الذين يستخدمون الفحم. لكن الأهم من ذلك، أنه سيجبر الصين على أخذ إزالة الكربون على محمل الجد.
هناك طريق آخر وهو أن نضع الآمال على المعارضة الداخلية. ولنأخذ روسيا على سبيل المثال: فالولايات المتحدة تواجه مع روسيا نفس التحدى الذى تواجهه مع الصين فى مجموعة من القضايا، بما فى ذلك المناخ. وعلى الرغم من الادعاءات التى تقول إن شرطة الرئيس بوتين السرية سممت خصمه السياسى أليكسى نافالنى وهى بذلك تكون قد قوضت الأحلام الديمقراطية للشعب الروسى، إلا أنه لا تزال هناك معارضة كافية داخل روسيا لتعقيد حياة بوتين وتقييد سياساته إلى حد ما. يبدو هذا ليس سهلا فى الصين، حيث سيطرت الحكومة على السكان وسيصبح أى جهد من قبل الحكومات الخارجية للحث على التغيير إهانة للقومية التى تستخدمها بكين لتعميق تلك السيطرة. لذا فإن الاحتمال الآخر هو أن تدفع الحركة العالمية، من أجل تحقيق العدالة المناخية، لأنواع أخرى من العدالة. فالمقاطعات بالقدر الكافى للضغط فعليًا على أمة كبيرة مثل الصين، مثل الضغط على شركات نايك وأديداس لتجنب الاستفادة من العمل القسرى فى شينجيانغ، تعد خطوة إلى الأمام.
خلاصة القول، العالم بحاجة إلى القيام بشيء ما. وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، حولت الحركة البيئية نفسها إلى حركة للعدالة البيئية. وأصبح النضال من أجل مستقبل صالح للعيش هو فى الأساس معركة أخلاقية.
العالم يكافح من أجل الأشخاص الذين لم يولدوا بعد. ولا يمكن القيام بذلك على حساب الأشخاص الذين هم على قيد الحياة حاليًا.

إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد

النص الأصلى

التعليقات