حكومة «العلمين» بين التقشف والهدر - محمد سعد عبدالحفيظ - بوابة الشروق
الخميس 5 ديسمبر 2024 8:56 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حكومة «العلمين» بين التقشف والهدر

نشر فى : الأحد 7 أغسطس 2022 - 9:45 م | آخر تحديث : الأحد 7 أغسطس 2022 - 9:45 م

كان من اللافت أن يعلن رئيس الوزراء تأجيل الإعلان عن انتهاء المرحلة الأولى من مشروعات المبادرة الرئاسية «حياة كريمة»، فى ذات اليوم الذى تعلن فيه وزارة الإسكان عن الانتهاء من صب الجزء الأول من الأساسات الخرسانية لـ«البرج الأيقونى» ــ أعلى الأبراج السكنية المطلة على ساحل البحر المتوسط بمشروع «دوان تاون» بمدينة العلمين الجديدة.
ومن مساوئ الصدف أن تنشر صحف القاهرة خبرى «التأجيل» و«الصب» على صدر صفحاتها يوم الثلاثاء الماضى، ليكتشف الجمهور الحقيقة التى تصر الحكومة دوما على إنكارها، وهى أنها أخفقت فى ترتيب أجندة أولوياتها.
خلال جولته بمحافظة البحيرة لتفقد بعض مشروعات مبادرة «حياة كريمة» سُئل مدبولى عن الرسالة التى يريد توجيهها للمصريين فى ظل الأزمات الاقتصادية العالمية، فأجاب: «نحن كحكومة نتحسب تماما خلال العام الحالى للأزمة، ونأخذ السيناريو المتحفظ والمتقشف ونضع هذا فى الاعتبار، ووضعنا نسبة احتياطى كبيرة فى هذا العام بالموازنة للطوارئ التى يمكن أن تحدث نتيجة عدم معرفتنا بأسعار المنتجات وأسعار الوقود».
وتحدث مدبولى عن خطط حكومته للاستمرار فى تنفيذ مشروعات «حياة كريمة»، رغم المشكلات الخاصة بتوريد المواد الخام التى تدخل فى تصنيع المنتجات، «وهو ما أجبرنا كجهات تنفيذ أن نقوم بعمل إعادة جدولة للمشروعات»، معربا عن أمله فى أن الانتهاء من المرحلة الأولى للمشروع والتى كان من المفترض أن تنتهى بنهاية يونيو الماضى، «تنتهى فى آخر العام الحالى».
أقر رئيس الحكومة إذن بأن هناك أزمة اقتصادية طاحنة أثرت على تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع «حياة كريمة» وهو أحد المشاريع التى تلقى استحسانا لدى عموم الناس لما لها من آثار وعوائد مباشرة على حياتهم، ومع ذلك تصر الحكومة على المضى قدما فى مشروعات تستفز بها مشاعر المواطنين كالبرج الأيقونى الذى تنفذه هيئة المجتمعات العمرانية التابعة لوزارة الإسكان، وتتعدى تكلفة بنائه مع باقى أبراج العلمين الشاهقة أضعاف قيمة القرض الذى تتفاوض مصر مع صندوق النقد للحصول عليه بشروط مجحفة من شأنها زيادة معاناة الشعب المطحون بالفعل.
ما يرسخ من حالة التناقض بين مزاعم «التقشف» الذى وضعته الحكومة عنوانا للموازنة المالية للعام الجديد، وحقيقة «الهدر» الذى تمارسه، أنها عقدت 5 اجتماعات خلال الشهرين الماضيين بمقرها الصيفى الفاره بمدينة العلمين والذى يتميز بإطلاله ساحرة على ساحل البحر المتوسط، حتى تبتعد عن ضجيج القاهرة وزحامها ورطوبة أجوائها، كما كانت تفعل حكومات العهد الملكى قبل ثورة 23 يوليو والتى كانت تمارس أعمالها خلال شهور الصيف من مقر بلوكلى بالإسكندرية.
تنتقل مواكب السيد رئيس الحكومة ووزرائه الـ(31) يصاحبهم مئات الموظفين من وكلاء وزارة ومستشارين وأطقم حراسة من القاهرة إلى الساحل أسبوعيا لعقد الاجتماع الحكومى بالمقر الصيفى الذى يضم استراحات وثيرة يقوم على خدمتها وحراستها وتأمينها المئات من موظفى الدولة أيضا، ما يكلف موازنة الدولة الفقيرة التى تدعى التقشف ملايين أخرى من الجنيهات.
يأتى هذا فى الوقت الذى ترفع فيه الحكومة أسعار الوقود وتعوم قيمة الجنيه أمام الدولار للمرة الثانية خلال 4 أشهر، فيدفع المواطن الُمثقل كاهله ليس فاتورة التضخم فحسب بل فواتير «المصيف الحكومى» بساحل المتوسط، فضلا عن سداده فشل ترتيب الأولويات.
عقب اجتماع الحكومة الأخير الذى عقده بالعلمين الخميس الماضى أكد رئيس الوزراء أن الإجراءات التى تتخذها حكومته بشأن التعامل مع الأزمة الاقتصادية تستهدف فى المقام الأول «التخفيف من حدة التحديات والتداعيات عن كاهل المواطن المصرى»، مشددا على أن حكومته ستبدأ بنفسها عن طريق «التوفير فى المبانى الحكومية وكذا المبانى تحت الإنشاء».
لم يلفت نظر الدكتور مدبولى وهو يعلن ذلك أن لحكومته ثلاث مقرات، الأول فى وسط القاهرة، والثانى فى العاصمة الإدارية، والثالث على ساحل البحر الأبيض، وهو ما لم تأت به أى حكومة فى الغرب ولا الشرق، سوى حكومات الدول التى لا تخضع للمساءلة أو الرقابة فى الديكتاتوريات العريقة.
لا أعلم كيف لحكومة تسعى إلى الاقتراض بل أغرقت الدولة فى الديون على مدى السنوات الست الماضية للحد الذى وصل معه الدين الخارجى لمرحلة الخطر، أن تخصص لاجتماعتها 3 مقرات فى وقت تنصح فيه المواطنين بالتقشف وترفع عليهم الأسعار، وتبحث تنفيذ إجراءات أكثر قسوة تخص دعم الخبز وباقى السلع استجابة لشروط صندوق النقد الدولى.
أولى بحكومة «العلمين» أن تتقشف أولا، قبل أن تتخذ إجراءات تقشفية جديدة تضع بها المواطنين على حافة الانفجار، كفاها ما أحدثته سياساتها الاقتصادية والاجتماعية من آثار مررت معيشة الناس وضغطت حياتهم ودفعت معظمهم إلى غياهب الفقر.

التعليقات