ليست مجرد جناية - أحمد الصاوى - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 9:45 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ليست مجرد جناية

نشر فى : الأحد 8 يوليه 2012 - 8:35 ص | آخر تحديث : الأحد 8 يوليه 2012 - 8:35 ص

تنفس وزير الداخلية الصعداء، وهو يعلن أن «المشايخ» الثلاثة كما يطلق عليهم فى السويس، الذين قتلوا الطالب بعد رفضه «النصح والإرشاد»، لا ينتمون إلى أية أحزاب أو تنظيمات سياسية أو دينية، كما فعلت مثله الأحزاب الإسلامية وهى تؤكد أن هؤلاء لا ينتمون للتيار الإسلامى، والمؤكد كذلك أن العاملين فى أمن الدولة كانوا سعداء كذلك بعد كل ما راج أن من يخوفون الناس باسم «الأمر بالمعرف والنهى عن المنكر» هم عملاء أمن دولة يقصدون تشويه التيار الإسلامى.

 

وزير الداخلية أيضا وقف سعيدا ليعلن أنه لا وجود لتنظيم أو جماعة اسمها الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، ضباطه لم يجدوا مع الجناة الثلاثة «كارنيهات» تدل على انتمائهم لمثل هذ التنظيم، كما أن التحريات أثبتت أن سجلات وزارة الشئون الاجتماعية خالية من أى جمعية تحت هذا الاسم، وكذلك سجلات وزارة الشباب خالية من أى رابطة بهذا المعنى أو المضمون، وكل الأوراق الرسمية، تؤكد أن كل ذلك إشاعات مغرضة هذه المرة تهدف إلى تشويه جهاز الأمن والتيار الإسلامى على السواء.

 

كل الأطراف باتت سعيدة إذن على المستوى السياسى، حتى على المستوى الجنائى المفترض أن أسرة القتيل فى وضع أفضل بعد أن عرفت قتلة ابنها وشاهدتهم محتجزين، فيما عدا طرف لم يكترث به أحد اسمه «المواطن»، الذى لا يهمه إن كان القتلة منتمون سياسيا أم لا، لتنظيمهم وجود أم مجرد أقاويل، لأن حادث القتل ليس إشاعة، كما قلت هو المؤكد الوحيد فى الواقعة، والذى صار مؤكدا أيضا أن القتلة ربما لا ينتمون رسميا لتنظيم اسمه الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، لكنهم ينتمون فكريا وثقافيا لأفكار تدعوهم للسير فى الشوارع لحماية الفضيلة حسب فهمهم، والاعتداء على من يشاءون وقتله لو تطلب الأمر وهم يظنون أنهم يقتلون باسم الله، وتكفيهم ركعتين وبضع كفارات للتخلص من إثم القتل، الذى ما فعلوه إلا بنية حسنة تستهدف فى النهاية رضا الله.

 

الكل ينام قرير العين بعد أن ثبت أن جناة السويس «مستقلون»، لكن لا وزير الداخلية ولا الرئاسة ولا الأحزاب السياسية، وهى تتفاخر بعدم وجود التنظيم عقبت على وجود الفكرة ورواجها، ووجود مشايخ فضائيات يدعمونها، ويروجون لشبان كثيرين أنها فريضتهم السادسة التى يجب أن يقوموا عليها بأنفسهم حتى يكتمل إيمانهم، لم تقل الدولة كيف ستواجه هذا الفكر، ولم تبلغ مواطنى السويس وكل البلاد عن ضماناتها لعدم تكرار ذلك، وكيف لا يتحول 3 فى السويس إلى 30 بعد أسبوع ثم 300 ثم 3 آلاف ثم 30 ألفا ينتشرون فى شوارع مصر يروعون الناس ويقتلونهم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.

 

بالنسبة لوزير الداخلية لا يوجد تنظيم، وبالنسبة للمجتمع توجد أفكار تتلقفها مبادرات فردية للتطبيق، وإذا كانت المسألة عند الوزير مجرد قضية جنائية تنتهى بالقبض على الجناة وتقديمهم للمحاكمة، فالقضية بالنسبة للمجتمع غير ذلك، وأداء الأطراف المختلفة فى هذه القضية لا يعنى سوى أن تعرف أن شاب السويس لن يكون الأخير.

أحمد الصاوى كاتب صحفي
التعليقات