الندم - محمود قاسم - بوابة الشروق
السبت 13 سبتمبر 2025 7:03 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

برأيك.. من البديل الأنسب لـ ريبيرو في النادي الأهلي؟

الندم

نشر فى : الجمعة 12 سبتمبر 2025 - 7:50 م | آخر تحديث : الجمعة 12 سبتمبر 2025 - 7:50 م

فى بداية حضورى إلى القاهرة كنت أزور الكثيرين من كُتاب السيناريو المشاهير، خاصة هؤلاء الذين يميلون بشدة إلى اقتباس الأعمال الأجنبية، وكان لكل منهم أسلوبه وطريقته فى التعامل مع النص الأساسى، فالذين يجيدون اللغات الأجنبية يرجعون إلى تلك النصوص مباشرة ثم يتعاملون معها كل على طريقته، مثلما فعل الدكتور رفيق الصبان مع مسرحيات تينيسى ويليامز، خاصة «قط على صفيح ساخن»، أما كُتاب آخرون كان أحدهم متزوجًا من سيدة تجيد اللغة الفرنسية، وكانت تقتنى المجلات التى تروى قصص الأفلام فى حكايات أو صور، وكانت هذه الزوجة تقوم بعمل كل شىء، حيث تترجم وتلخص قصة الفيلم وتقدمها إلى زوجها كى يبدأ العمل، وفى الغالب فإن الفيلم الذى توضع العينان عليه يكون معروضًا فى الصالات، ومن الأفضل أن يكون نجاحه التجارى محدودًا جدًا، وقد حدث هذا مع فيلم بريطانى باسم «دوليسيما»، قام ببطولته المخضرم جون مايلز عام 1971 عقب نجاحه فى دور الأبله فى فيلم ابنة الريان، وبالفعل فإن الفيلم لم يلقَ نجاحًا مثلما حدث مع فيلم «الندم» الذى أخرجه نادر جلال عام 1978، ومن بطولة فريد شوقى ومصطفى فهمى ونورا فى الأدوار الرئيسية الثلاث، كان الفيلم البريطانى يدور فى منطقة الريف، حيث يعيش رجل عجوز، ثرى، بخيل، ماتت زوجته منذ عشر سنوات دون أن يتزوج، تربت تحت عينيه طفلة صغيرة فلما كبرت تكشفت أنوثتها ذات مساء فوقع الرجل فى غرامها رغم فارق السن بينهما، وبدأ فى إغرائها، بالهدايا، والنزهات، والعواطف المتأججة، فإن الفتاة من ناحية أخرى تعرفت على مهندس يعمل فى المصنع الوحيد بالقرية، وأبلغته بأنها تعيش مع أبيها الثرى وأنكرت دومًا أنها حبيبته، وتنامت عواطف الأفراد الثلاثة ببطء حتى وصلت إلى درجة حينما ذهب الشاب لخطبة الفتاة من أبيها المزعوم، وعرف الحقيقة، وخرجت الفتاة من حياة العجوز الذى قرر أن يحمل بندقية وأن يتخلص من خصمه، حدث هذا فى نفس اللحظة التى أحست فيها الصغيرة بالتعاطف مع رجل وقررت العودة إليه والارتباط به، لأنه أكثر حاجة إليها من المهندس الشاب، كان مشهد النهاية بليغًا جدًا ومختصرًا، حيث تغيرت المصائر بسبب تغيرات حادة فى مشاعر الفتاة التى لم تكن سوى مراهقة صغيرة جميلة أحبها كمن عرفها، وقد تحول الفيلم إلى عمل ريفى تدور أحداثه فى محافظة البحيرة، لكن لم يستطع السيناريو الخروج من الجو العام للأسرة البريطانية، فالفتاة خرجت مع حبيبها العجوز أكثر من مرة إلى المدينة القريبة، وهناك عاشت تجربة أن تكون مع رجل آخر، وفى السيناريو المصرى فإن زوجة الأب لم تعارض هذا الأمر سوى بجملة واحدة وما لبثت أن قبلت الهدايا التى جاءتها عن طريق العاشق العجوز.

الفيلم كتبه فيصل ندا الذى له الرصيد الأكبر فى الاقتباس فى قائمة أفلامه، خاصة فى السينما، وأخرجه نادر جلال الذى كان يميل إلى السينما الشعبية البسيطة، ويقدم أفلامه بشكل محبوك، لكنها جيدة على مستوى الفن، وقد ظل على هذا المنوال منذ بدايته فى السبعينيات وحتى رحيله فى أوائل هذا القرن، ورغم أن المخرج من عائلة فنية عملت بكل أنواع المهن السينمائية، فإننى لن أنسى ما قاله هذا المخرج يومًا فى ندوة لمناقشة فيلمه «الاغتيال» حين شارك الجمهور رأيهم فى أن الفيلم به نقاط ضعف، ولم يتكابر أبدًا مثل الكثير من المخرجيين الذين يقومون بتنزيه أفلامهم فى مثل هذه الندوات التى تحسب عليه، بدأـ نادر جلال كمخرج تنقصه المهارة فى اختيار كل فيلم جديد، وكما نعرف جميعًا فإنه حبس نفسه فى أواخر حياته مع نادية الجندى وأفلام المغامرات والجاسوسية التى تقدمها، وانتهت علاقته السينمائية من خلال فيلم «الواد بلية ودماغه العالية».

التعليقات