نذر الخطر! - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 10:04 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نذر الخطر!

نشر فى : الجمعة 8 ديسمبر 2023 - 8:15 م | آخر تحديث : الجمعة 8 ديسمبر 2023 - 8:15 م
تقترب شيئا فشيئا نذر الخطر، التى طالما تحسبت وحذرت منها مصر، منذ بدء العدوان الصهيونى على غزة، وتحديدا الشروع فى تنفيذ مخطط إجبار سكان القطاع على النزوح قسريا وتوطينهم فى سيناء، وتصفية القضية الفلسطينية فى ظل تواطؤ ودعم دولى غير مسبوق، مما يهدد بشكل مباشر الأمن القومى المصرى.
ثلاثة مشاهد تؤشر إلى أن هذا المخطط بات قاب قوسين أو أدنى من التحقق على أرض الواقع، الأول فرار «آلاف المدنيين نحو مدينة رفح الفلسطينية، إما مشيا أو على دراجات نارية أو على عربات تجرها أحصنة محملة بما تيسر من أمتعة»، وفقا لهيئة الإذاعة البريطانية، التى ذكرت أيضا أن بعض النازحين قالوا إنهم «باتوا مجبرين على البقاء فى منطقة تتقلص مساحتها قرب الحدود مع مصر حيث يواجهون وضعا إنسانيا كارثيا».
أما مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية فقد ذكر فى تقرير له أن «عشرات الآلاف من النازحين الفلسطينيين تكدسوا فى منطقة رفح على حدود قطاع غزة مع مصر هربا من القصف الإسرائيلى»، مشيرا إلى أن «معظم النازحين فى رفح ينامون فى العراء بسبب نقص الخيام رغم أن الأمم المتحدة تمكنت من توزيع بضع المئات منها».
المشهد الثانى يتمثل فى تحذير أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة من «انهيار كامل وشيك للنظام العام» فى قطاع غزة، وذلك فى رسالة غير مسبوقة إلى مجلس الأمن، تطرق فيها للمرة الأولى منذ توليه الأمانة العامة فى 2017 إلى المادة 99 من ميثاق المنظمة الأممية التى تتيح له «لفت انتباه» المجلس إلى ملف «يمكن أن يعرض حفظ السلام والأمن الدوليين للخطر».
وقال جوتيريش فى رسالته «مع القصف المستمر للقوات الإسرائيلية، ومع عدم وجود ملاجئ أو حد أدنى للبقاء، أتوقع انهيارا كاملا وشيكا للنظام العام بسبب ظروف تدعو إلى اليأس، الأمر الذى يجعل مستحيلا (تقديم) مساعدة إنسانية حتى لو كانت محدودة». وأضاف «قد يصبح الوضع أسوأ مع انتشار أوبئة وزيادة الضغط لتحركات جماعية نحو البلدان المجاورة».
المشهد الثالث الذى يؤشر إلى اقتراب نذر الخطر من مصر، إعلان القيادى فى ⁧‫حركة حماس‬⁩ أسامة حمدان، فى تصريحات لقناة الجزيرة القطرية أن «⁧‫سيناء‬⁩ ستكون قاعدة مقاومة أكثر رسوخا تجاه الاحتلال إذا ما ظن أن تهجير الفلسطينيين إليها حل». وتابع أن «أى محاولة لدفع الفلسطينيين خارج الحدود، لا يعنى أن القضية ستنتهى ولكنهم سيثبتون حيث هم ويستمرون فى المقاومة».
هذه المشاهد الثلاث مجتمعة، تشكل ملامح «الكابوس»، الذى طالما أثار مخاوف وقلق مصر رسميا وشعبيا، منذ بدء تساقط قذائف وصواريخ آلة الدمار الإسرائيلية على قطاع غزة فى السابع من أكتوبر الماضى، بل ودفع الدولة المصرية مرارا وتكرارا إلى التحذير من أنها لن تقف مكتوفة الأيدى، حال تهديد أمنها القومى أو المس بأراضيها وحدودها، وأكدت بشكل واضح وصريح وبلا مواربة على رفضها القاطع لتهجير سكان قطاع غزة من أرضهم قسريا وتوطينهم فى سيناء مهما كانت الإغراءات أو الضغوط، وشددت على أن هذا الأمر «خط أحمر».
إزاء خطر محدق مثل هذا، ينبغى على الدولة المصرية الانتباه جيدا، والاستعداد لمواجهة المخطط الصهيونى الإجرامى، المتمثل فى تصفية القضية الفلسطينية على حسابها، عبر ارتكاب جيش الاحتلال للمجازر اليومية لدفع الفلسطينيين إلى النزوح نحو الحدود المصرية. هذه المواجهة تبدأ بقيام مصر ومعها الدول العربية المؤثرة إقليميا ودوليا، بزيادة الضغوط الدبلوماسية من أجل العمل على تحقيق وقف دائم لإطلاق النار فى قطاع غزة، وليس مجرد هدنة إنسانية مثلما حدث فى الفترة الأخيرة.
كذلك العمل على تكثيف إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية لسكان القطاع، الذين يواجهون ظروفا حياتية صعبة، وتقديم يد العون لهم من أجل تأمين بقائهم على أرضهم، ومطالبة المجتمع الدولى بالعمل على زيادة مساعداته الإنسانية للفلسطينيين، خصوصا وأن مصر ودولا عربية قليلة، هى من تتحمل العبء الأكبر فى تقديم المساعدات حتى الآن.
أيضا يجب على الدولة المصرية، توجيه رسائل حاسمة للأطراف الدولية الداعمة لفكرة تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، بأن يدها دائما على الزناد، لحماية حدودها وأمنها القومى مهما كانت الظروف والتحديات، وأن أى محاولة لفرض أمر مثل هذا عليها، سيواجه بكل قوة وحسم وصلابة.
التعليقات