قلق مشروع! - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
الجمعة 19 ديسمبر 2025 11:59 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

ما تقييمك لمجموعة المنتخب المصري في كأس العالم برفقة بلجيكا وإيران ونيوزيلندا؟

قلق مشروع!

نشر فى : الجمعة 19 ديسمبر 2025 - 6:45 م | آخر تحديث : الجمعة 19 ديسمبر 2025 - 9:11 م

إذا كانت معدلات الفقر فى مصر تناهز الـ 30٪؜، أى أن ثلث المجتمع أو أكثر قليلا يقبع تحت خط الفقر باعتراف الحكومة نفسها، فهل يجب عليها الشعور بالذنب على ما آلت إليه الأمور، أم الشعور بالقلق على حاضر ومستقبل البلاد؟


الشعور بالذنب أمر صحى بالتأكيد لأنه يعنى بشكل واضح الاعتراف بالإخفاق فى أداء المهمة الموكلة إليها، لكنه ليس كافيا للخروج الآمن من الأزمة الراهنة بدون الشعور بالقلق، الذى يجب أن يكون محفزا على ضرورة العمل على تغيير المسار والسياسات التى أوصلتنا إلى هذا الوضع الصعب، ومن ثمّ البدء فى المعالجة الحقيقية لجذور المشكلة الاقتصادية التى تعانى منها مصر فى الوقت الراهن.


معدلات الفقر فى مصر ليست وحدها فقط مصدر قلق مشروع وواجب، ولكن أيضا مستوى الدين بشقيه الخارجى والداخلى.


فوفقا للإحصاءات الرسمية الحكومية، فقد سجّل الدين الخارجى لمصر زيادة بنحو 6 مليارات دولار منذ بداية 2025 ليصل إلى 161.2 مليار دولار فى نهاية الربع الثانى، بعد وصوله إلى 155.1 مليار دولار فى الربع الرابع من 2024، فيما ارتفع الدين المحلى بنهاية يونيو 2025 بنسبة 3.5% ليصل إلى 11.057 تريليون جنيه، مقابل 10.685 تريليون جنيه خلال الربع الأول من العام نفسه.


رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولى، قال خلال مؤتمر صحفى الأربعاء الماضى، إن الحكومة اتخذت عدة خطوات للنزول برقم معدلات الفقر فى مصر، مضيفًا: «مررنا بفترة استثنائية صعبة والكل يرى الآن تحسنًا، ونريد أن يشعر المواطن أكثر بالأمر، لذلك نعمل على رفع الأجور وتثبيت وخفض أسعار السلع»، مشيرا إلى أن الدين الخارجى ما زال فى الحدود الآمنة، مشددا على أن «القروض الجديدة مخصصة فقط لتلبية الاحتياجات الأساسية للدولة مثل المنتجات البترولية والغذائية، وأن الحكومة تتبع آلية مالية استراتيجية فى إدارة الدين الخارجى، عبر استبدال الديون المستحقة بأخرى بفترة أطول وشروط أفضل، بما لا يزيد من إجمالى الدين».


لا شك أن الحكومة تبذل جهودا كبيرة لمعالجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة والمعقدة، لكن هذا الأمر يتطلب سياسات جديدة ومسارًا مختلفًا عما كانت تتبناه خلال السنوات الماضية، وأدت بنا إلى هذا المأزق الحالى، وبالتالى يجب عليها الهرولة سريعًا نحو معالجة جادة وحاسمة لتعقيدات الملف الاقتصادى المتخم بالمشكلات، والعمل على حماية الطبقات الفقيرة والمتوسطة فى المجتمع، والتى دفعت أثمانًا باهظة خلال السنوات الماضية، بسبب إجراءات الإصلاح الاقتصادى القاسية، وكبح جماح الزيادات المتلاحقة فى أسعار جميع السلع والخدمات، التى استنزفت فئات واسعة من المواطنين، حتى إنها لم تعد قادرة على توفير نفقات الحياة اليومية.


يجب أن يكون من بين أولويات عمل الحكومة التقليل من نشاط بناء المدن والشقق ومشاريع الطرق والقطارات فائقة السرعة، وتوجيه كل الطاقات والدعم لتشغيل المصانع المتوقفة، وإتاحة الفرص الكاملة للقطاع الخاص من أجل المساهمة فى التنمية والمساعدة فى توفير وظائف لملايين المصريين العاطلين عن العمل، وكذلك زيادة معدلات التصدير إلى الخارج ورفع رصيد البلاد من النقد الأجنبى، حتى نتوقف عن الاستدانة من الخارج لسداد الديون.


نعلم جيدا أن هناك الكثير من المؤشرات التى تدل على وجود تحسن فى أداء الاقتصاد المصرى، حيث توقع استطلاع أجرته وكالة «بلومبرج» نمو الاقتصاد المصرى بنسبة 4.4% فى 2025، مع تسارع وتيرة النمو إلى 4.7% فى 2026، كما أن الكثير من التقارير الدولية أشارت إلى وجود تفاؤل بتحسن إيرادات مصر الدولارية من السياحة والتصدير وتحويلات المصريين فى الخارج، إضافة إلى استعادة قناة السويس لجزء كبير من إيراداتها المفقودة نتيجة التوترات فى البحر الأحمر خلال العامين الماضيين.


لكن كل هذه المؤشرات الاقتصادية والتقارير والشهادات الدولية، لن تكون كافية بدون أن يشعر المواطن بالتغيير الحقيقى للواقع الصعب الذى يعيش فيه منذ سنوات طويلة، وأن ينعكس ذلك إيجابيا على مستوى معيشته وقدرته الشرائية وتلبية احتياجاته الأساسية ومتطلباته الحياتية، وهنا تقع المسئولية بالتأكيد على عاتق الحكومة التى ينبغى عليها العمل على إنجاز إصلاح اقتصادى حقيقى وليس شكليا يعالج جذور الأزمة ويخرج ثلث المجتمع من تحت «عتبة الفقر».

التعليقات