«طايع» كم من التضحيات يمكن أن تقدمها لتنتصر - خالد محمود - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 11:09 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«طايع» كم من التضحيات يمكن أن تقدمها لتنتصر

نشر فى : السبت 9 يونيو 2018 - 8:40 م | آخر تحديث : السبت 9 يونيو 2018 - 8:40 م

فى مسلسل «طايع» يكشف لنا المؤلفون الأشقاء محمد وخالد وشيرين دياب عالما من الصراعات القديمة والمألوفة فى صعيد مصر وهو عالم الثأر، وإن كان هنا قد ارتدى ثوبا ملحميا ثريا فى إنسانيته، فالصراع هنا ولد من رحم «طايع» الشاب الصعيدى الطيب الذى درس الطب «عمرو يوسف» ويرفض الثأر الذى يوغل الحقد والكراهية فى النفوس، بسبب رأيه وأفكاره يدخل فى العديد من المشكلات، ويتورط فى قضايا تهريب الآثار وأشياء أخرى، هو طوال الوقت يهرب، ويفضل دخول السجن خوفا من مجهول ينتظره فى الخارج، وعندما يخرج يقحمه القدر ليكون طرفا أصيلا فى اللعبة، وهو يؤمن بأن ما يفعله من أجل إنقاذ عائلته، وخاصة بعد مقتل أخيه الصغير فواز «أحمد داش»، ثم زوجته مهجة «صبا مبارك»، وطوال الرحلة لم يسلم من تهديدات المعلم حربى «عمرو عبدالجليل» ذى السطوة والنفوذ فى تهريب الآثار، وجرائم أخرى ويظل الصراع قائما فى عقل وقلب طايع أيضا والذى انخرط هو الآخر فى بستان الدم.
المخرج عمرو سلامة أبدع بتجربته مع «طايع» وفى التعامل مع شخصياته، التى قدمت أجمل أدوارها، وكذلك فى تصوير القصة بسيناريو شديد الحبكة والإثارة، لدرجة تجعلك كمتلقٍّ تنتظر بشغف ما سوف تسفر عنه الأحداث، بالتأكيد سينتصر طايع فى النهاية، لكن ثمة تساؤلات كثيرة يطرحها العمل عن قيمة التضحيات التى يمكن أن يقدمها بطلنا حتى يفوز على كتلة الشر المتمثلة فى حربى.
عمرو يوسف قدم دورا مهما فى مسيرته واستطاع تغيير جلده، وكان أداؤه رائعا فى اكثر من اختبار درامى قاس، حتى وإن افتقر إلى لغة الجسد، لكن الأداء كان مطمئنا ومفعما بالمشاعر وتعبير الوجه والعينين، وخاصة فى مشهد مقتل أخيه فواز بالرصاص، والذى أبكى الجميع، وقد بدأ المشهد عندما طلب سيد القبيلة حربى من طايع أن يسلمه زوجته الحامل مقابل ترك أخيه، لنفاجأ بفواز يطلب من أخيه عدم حضورها، وهنا انطلقت الرصاصات فى صدره، لنجد طايع يرقد على الأرض منهمرا فى البكاء ويبدأ خيط جديد فى قلب الصراع، بينما جاء عمرو عبدالجليل صاحب الأداء المحترف لإضافة لمسة خاصة ومميزة على العمل، وقد وضعه هذا الدور فى مكانة مختلفة بين أبناء جيله، وكان هناك أكثر من مشهد منها عندما أطلق رصاص مسدسه فى صدر مهجة ووقف ليقول لها: «يابنتى انا بأعتذر لك عن اللى فات سامحينى، وسامحينى ايضا على اللى جاى، ثم أطلق الرصاص.. بهرنا خلاله عمر عبدالجليل بأداء راسخ متزن، تمكن كبير فى لغة التعبير بالمشاعر التى لا تعرف الرحمة شكلا لكن يقطن بمضونها لحظة ضعف أمام شهوة الانتقام.. وكذلك كان هناك نضج كبير من صبا مبارك التى تفوقت كامرأة صعيدية تواجه صراعا كبيرا بين رفض اهلها لطايع وحبها له كما لفتت مى الغيطى الأنظار بدور أزهار الصعب، وقد نضجت كثيرا وكبرت مبكرا، وكذلك على قاسم بشخصية ضاحى نجل حربى الذى تزوج من شقيقة طايع حتى يضمن ولاء والده ولكنه يقع فى حبها بحق وينقذها من الموت بعد أن حاولت الانتحار، ويقتل هو على يد طايع تاركا زوجته حاملا، بينما جاء أداء الصغير أحمد داش كبيرا وناضجا والواقع أن النصف الثانى من العمل أهم وأقوى، ليبقى مسلسل «طايع» من أفضل الأعمال الدرامية بالجهد الواضح من صناعة، ومنهم مدير التصوير بيشوى روزفلت، بكادراته الملهمة بالأحداث، وإضاءة شبه ظلامية لعبت دورا دراميا مهما فى الإيحاء بواقع ملبد بالغيوم ورائحة الموت وخاصة فى الحلقات الأولى، بينما جاءت موسيقى طارق الناصر عنصرا مساعدا فى التفاعل بين الصورة والحوار، وقد تجلت فى اكثر من موقف مؤثر.
ستظل دراما الصعيد عنصرا جاذبا وخاصة لأهل الريف والقرى الذين يهوون الحكايات الدرامية ويلتفون حولها، وهو ما تحقق مع طايع على الرغم من وجود منافسة اخرى على شاشة رمضان من عملين هما «نسر الصعيد» و«سلسال الدم».

خالد محمود كاتب صحفي وناقد سينمائي
التعليقات