واحد وواحد لا يساوى اثنين - أحمد الصاوى - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 9:57 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

واحد وواحد لا يساوى اثنين

نشر فى : الأربعاء 11 يوليه 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأربعاء 11 يوليه 2012 - 8:00 ص

يا مثبت العقل.. لا تستطيع أن تنظر للمشهد فى مصر دون أن تهتف بهذا القول المصرى التاريخى الذى يردده المصريون عادة حين تختلط بهم الأمور وتتشابه عليهم المواقف ويغرقون بين الحجج والأسانيد.

 

لم تكن «فتنة عودة البرلمان» هى الأولى التى تجد فيها طرفين كل منهما يتحدث باسم الشرعية وسيادة القانون، كلاهما حجته الأولى هى احترام أحكام القضاء، فإذا كان الطرفان يستهدفان احترام أحكام القضاء فمن ينتهكها إذن.. وإذا كان الخلاف فى مجرد تباين أسلوب احترام الأحكام وتنفيذها، فلماذا يبلغ الجدل هذا الحد من التخوين والازدراء المتبادل؟

 

لديك أطراف مدنية ــ وضع ألف خط تحت كلمة مدنية ــ تدعو القوات المسلحة علانية إلى الانقلاب على الرئيس المنتخب وخلعه فتصرخ منهم «يا مثبت العقل»، وأطراف مدنية كذلك لديها مخاوف على الديمقراطية وتعتقد أن قرار الرئيس فيه انتهاك لحكم المحكمة الدستورية، يعطى لمن فى نفسه مرض داخل القوات المسلحة العنوان الذى يتحرك على أساسه لقلب الطاولة مُصدرا للعالم أنه يحمى سيادة القانون ويدافع عن الشرعية الدستورية، فيواجهون بحملات شرسة كأن العقل سبة أو خيانة فى هذا الزمن الذى تذكرنا فيه الإجراءات الثورية بعد عام ونصف من السير فى الإجراءات القانونية والدستورية التى توجت بانتخاب رئيس مدنى لأول مرة.

 

وسط كل ذلك طلب برلمان «منحل» بحكم قضائى نافذ على الأقل فى ثلثه، من محكمة النقض الفصل فى صحة عضوية نوابه، وأمام محكمة النقض حكم من الدستورية العليا مفصل بحيثيات وأسانيد تجعل هذا البرلمان منعدما، وقانون للمحكمة الدستورية يمنع الطعن على أحكامها، ويعطيها وحدها حق تفسيرها، والفصل فى المنازعات بشأنها، فهل ستفصل محكمة النقض فى صحة عضوية أعضاء «منعدمين» بنص حكم الدستورية، وهل يعلم من أحال الطلب أن المحكمة يمكن أن تعتبره بلا صفة لإحالة الأمر إليها، وهل كان يعلم رئيس الجمهورية أن كل هذا اللغط سيحدث بقراره، وهل تحسب لردود الأفعال، أم أنه اقتنع أن لديه ماكينة تشويه ستصم كل من ينتقد قراره بأنه «فلول» أو من العبيد اللذين يفضلون العيش فى ظل العسكر.

 

ما يدعوك أيضا لتهتف «يا مثبت العقل» إن هناك من يردد أن من صمت على انتهاك القضاء والدستور فى عهد مبارك وحتى فى عهد العسكرى لا يجب أن يعترض على قرار مرسى، وكأننا نقول للرئيس المنتخب افعل ما كان يفعله مبارك أو أقل قليلا، أو نعاقب من صمت وتأمل خيرا وتغييرا فى العهد الديمقراطى القانونى الدستورى، أو نبرر لرئيس منتخب أن يعتقل عشرة أشخاص، فإذا ما اعترض أحد نلجمه بالقول: ولماذا كنت تصمت حين كان مبارك يعتقل 10 آلاف، أو نسمح لحكومة منتخبة أن تهدر مليون جنيه، وحين يعترض أحد نتهمه أنه كان يصمت على إهدار المليارات، وكأن كل أملنا فى الديمقراطية والدولة الجديدة فسادا أقل، وانتهاكا للقضاء أقل، وأن نبقى فى دوامة المقارنة بين ما هو قائم وما كان قائما، وليس التطلع لما هو مفترض أن يكون.

 

لكن الأصعب من كل ذلك أن تتشتت وسط نخبة قانونية عاجزة أن تحسم أمرا فيما يخص قرار الرئيس، ولكل فريق منهم منطقه وأسانيده وهواه السياسى أيضا، رغم أن القانون مثل المسائل الحسابية 1+1=2، لكن فى زمن تسييس كل شىء، ربما تجد غدا من يقنعك أنك كنت مخدوع وحاصل واحد وواحد لا يساوى اثنين.. تحسس عقلك.

أحمد الصاوى كاتب صحفي
التعليقات