صورة للوضع بعد ثلاثة أشهر من الحرب - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الأربعاء 8 مايو 2024 1:25 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

صورة للوضع بعد ثلاثة أشهر من الحرب

نشر فى : الخميس 11 يناير 2024 - 8:20 م | آخر تحديث : الخميس 11 يناير 2024 - 9:52 م
ثلاثة أشهرٌ مرت بالضبط منذ بدء الحرب التى تؤثر فى إسرائيل كثيرا جدا، وفى مجالات متعددة؛ الأمن الشخصى، والاقتصاد، والمجتمع وغيرها. نتيجة أحداث 7 أكتوبر، تتعامل إسرائيل مع مصاعب لم تواجهها قط فى السابق. وهنا، صورة الوضع بعد 3 أشهر على اندلاع الحرب...
على المستوى العسكرى: حتى الآن، لم تتحقق أهداف الحرب. فالمناورة العسكرية التى بدأت فى نهاية شهر أكتوبر، تحقق إنجازات تكتيكية كثيرة يوميا، لكنها لم تؤدّ بعد إلى تحقيق إسرائيل أهداف الحرب: تفكيك قدرات «حماس» وإعادة الرهائن. المناورة العميقة وصلت إلى مناطق لم يكن لدى الجيش أى قدرة على الوصول إليها حتى فى السنوات التى سبقت فك الارتباط فى سنة 2005، كالأحياء المركزية فى مدينة غزة، وفى داخل جباليا، وأيضا فى خان يونس. لذلك، يعتبر الجيش أن ما حدث شكّل ضغطا كبيرا، وساهم فى صفقة تبادُل الأسرى.
ومنذ ذلك الوقت، عمليا، لم يتم استئناف المفاوضات للتوصل إلى صفقة، كما فشلت محاولة تحرير الرهائن الأحياء ميدانيا. هدف آخر تم تكليف الجيش به، ولم ينجح بعد، هو اغتيال قيادات «حماس»: تم اغتيال نحو نصف قادة الألوية والفرق، أو إصابتهم، إلّا أن أغلبية قيادات الكتائب لا تزال فاعلة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى القيادة العسكرية ــ محمد الضيف، ومروان عيسى، والأخوان محمد ويحيى السنوار.
أمّا فى شمال القطاع، فقريبا، سيعلن الجيش إخضاع الألوية الشمالية التابعة لـ«حماس». ويوميا، يجد الجنود آلاف الأدوات القتالية، وعشرات «المخربين» الذين يخرجون من الأنفاق، وبنى قتالية كثيرة، بين أشجار الزيتون والبيوت التى يهدمونها قبالة الجانب الإسرائيلى من الحدود. فى درج التفاح أيضا، لن يتم استكمال عملية «التطهير« الكاملة فى الشهر القريب، ذلك بأن كثيرين من «المخربين» هربوا من هناك لكونهم مدنيين، أو يختبئون تحت الأرض.
عدد القتلى القليل نسبيا بين الجنود، نحو 170، مقارنةً بمناورات برية سابقة قام بها الجيش خلال الـ20 عاما الماضية، يشهد على تقدّم بطىء وآمن للمقاتلين، بالإضافة إلى قيادة ذكية من الضباط الذين يكشفون كمائن «حماس»، ومعالجة غير مسبوقة بشأن كل ما يخص إجلاء المصابين عن ساحة المعركة.
هذه الأرقام لم يشهدها الجيش منذ أيام حرب «يوم الغفران» وحرب لبنان الأولى. أُضيفَ إلى هذا الضغط 90 يوما من الحرب وأكثر من شهر، أو شهرين سيمتدان إلى سنة 2024. فمثلا، أحد المقاتلين حصل خلال الأسبوع الماضى على موافقة استثنائية على السفر إلى الولايات المتحدة من أجل جمع أموال لشركته الخاصة فى مجال التكنولوجيا العالية الدقة، قبل انهيارها بلحظات. وبعد ذلك، سيعود إلى القتال مدة عام كامل!
• • •
ثانيا الاقتصاد: الحروب عالية التكلفة: بعد 3 أشهر، يبدو أن حرب «السيوف الحديدية»، كلما امتدت، كلما كانت الحرب الأعلى تكلفة بين حروب إسرائيل، عسكريا، وأيضا على صعيد الاقتصاد الداخلى. حساب محدّث حتى نهاية الأسبوع الماضى، يكشف أن تكلفة الحرب بلغت تقريبا 217 مليار شيكل. هذه التكلفة تتضمن تمويل الجيش، وأيضا المساعدات الواسعة فى جميع المجالات.
تكلفة يوم القتال الواحد للجيش فى أكتوبر، فى البداية، مع 360 ألف جندى، وصلت إلى مليار شيكل. وبسبب تسريح عشرات الآلاف من الجنود فى الأيام الماضية، فإن التكلفة اليوم نحو 600 مليون شيكل فى اليوم الواحد. حاليا، اتُّخذ قرار دفع مبلغ 300 شيكل عن كل يوم لكل جندى احتياط حتى نهاية سنة 2024. هذه الدفعات وحدها كلّفت نحو 9 مليارات شيكل.
على الصعيد المدنى، تصل التعويضات إلى عشرات مليارات الشواكل، وهذه أيضا تتقلص الآن بسبب عودة الاقتصاد إلى العمل بطريقة شبه كاملة فى أغلبية المناطق. بدءا من ديسمبر الماضى، لا يدفعون تعويضات كاملة للمصالح التجارية التى تضرّر مدخولها فى بئر السبع وأسدود. حتى الآن، من المتوقع أن تدفع الدولة للمصالح التجارية التى تضررت نحو 10 مليارات شيكل.
حتى الآن، تم إجلاء 125 ألفا تقريبا من الشمال والجنوب. تصل تكلفة دعمهم إلى مليارات كثيرة من الشواكل. الآن، كل نزيل فى فندق يحصل شهريا على 6 آلاف شيكل للشخص البالغ، و3 آلاف للطفل. وحتى الآن، يبدو أن كثيرين منهم لن يعودوا إلى منازلهم فى الأشهر القريبة. الضرر الذى لحِق بالاقتصاد خطِر جدا: عجز كبير بقيمة 111 مليار شيكل فى ميزانية الدولة، سيتطلب تقليصات فى الميزانية، ورفع ضرائب بقيمة 67 مليار شيكل، وسيؤدى إلى تراجُع على مستوى الحياة فى عدة فئات داخل المجتمع.
• • •
ثالثا: التعليم: بعد وباء الكورونا الذى شوّش روتين التعليم لدى طلاب إسرائيل كليا، جاءت الحرب فى غزة، وأوقفت السنة التعليمية. كثيرون من الطلاب بقوا فى منازلهم، وتعلموا أحيانا عبر الـ«زوم»، وعادوا إلى المدارس رويدا رويدا. الذين ما زالوا يواجهون صعوبات كبيرة هم مَن تم إجلاؤهم من جنوب البلد وشماله. وإلى جانب ذلك، عدد كبير من المعلمين يخدمون كجنود احتياط ــ وهو ما دفع إلى حالة طوارئ فى المؤسسات التعليمية.
48 ألف طالب وطالبة فى المستوى الثانى خرجوا من منازلهم. بعضهم تم فرزه على أطر فى بلدات آمنة، وآخرون يدرسون فى الفنادق. عموما، يوجد اليوم 285 حضانة تم إنشاؤها للأطفال الذين تم إجلاؤهم. وقبل تسريح جنود الاحتياط بشكل واسع، كان يوجد تقريبا 2500 مدرس يخدمون فى «غلاف غزة» والحدود الشمالية.
• • •
رابعا: النزوح: بعد ثلاثة أشهر على إجلاء سكان الغلاف: تحولت الفنادق إلى طنجرة ضغط اجتماعى، وهناك تخوّف من تفكُّك البنى الاجتماعية. تم إجلاء سكان الغلاف عن منازلهم مع اندلاع الحرب، ومنذ ذلك الوقت، انقلبت حياتهم رأسا على عقب. وعلى الرغم من أنهم نزلاء فى فنادق ذات مستوى مرتفع نسبيا، فإن البقاء ثلاثة أشهر خارج المنزل ــ مع أولاد فى الغرف الصغيرة ــ حوّل حياتهم إلى صعبة جدا، ولهذا إسقاطات بعيدة المدى. نمط الحياة تغيّر، والأولاد يتعلمون فى مدارس تم إنشاؤها بسرعة، والسكان يعانون مشاكل نفسية.
أغلبية المجموعات من الغلاف، من الذين فقدوا أبناء عائلاتهم وأصدقائهم، وما زالوا يحاولون التعود على الحياة مع الفقد. وإلى هذا كله، تضاف الفنادق التى تحولت إلى طنجرة ضغط اجتماعى دفع بكثير من العائلات إلى استئجار منازل على أساس المنحة المقدمة من التأمين الوطنى. هذا بالإضافة إلى أن جزءا من هذه العائلات انتقل للسكن فى مناطق موقتة.
الوضع الجديد هذا يخلق واقعا تتخوف منه السلطات: تفكُّك وتوزع البنى الاجتماعية. وهناك تخوُّف لدى السلطات من عدم عودة العائلات التى انتقلت إلى بيوت موقتة فى مدينة أُخرى، حتى بعد نهاية الحرب. هذا الوضع يمكن أن يؤدى إلى هجرة سلبية من الغلاف. الحديث يدور حول بلدات ملاصقة للحدود مع قطاع غزة.
• • •
خامسا: على الصعيد الدبلوماسى؛ هجوم 7 أكتوبر والحرب التى أعقبته، أدتا إلى تغييرات دراماتيكية سياسية: فى البداية، تمت إزالة الأقنعة عن اللاعبين الدوليين فى الساحة. اليوم، من الأسهل معرفة مَن هو صديق إسرائيل الحقيقى (الولايات المتحدة، ألمانيا، بريطانيا وفرنسا)، ومَن هو العدو (روسيا والصين).
شعرت تل أبيب بصداقتها العميقة مع الولايات المتحدة منذ اليوم الأول للحرب. كما شعرت بالتقارب بين الرئيس بايدن نفسه وبين إسرائيل، هناك مصالح سياسية، وعلى رأسها «حرب عالمية» بين العالم الغربى بقيادة الولايات المتحدة، وبين المحور الديكتاتورى بقيادة الصين وروسيا، الذى تنتمى إليه إيران وأذرعها فى الشرق الأوسط.
الروس يحتفلون، لأن أخبار أوكرانيا اختفت طوال أسابيع. الآن، الأزمة الجديدة هى الدعوى المقدمة من جنوب أفريقيا فى لاهاى. كلما سمحت إسرائيل بإدخال مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة، وتبرأت من أقوال نواب اليمين المتطرف فى الائتلاف سيكون من الأسهل التعامل مع الادعاءات.
• • •
سادسا: الأمن الشخصى: لا شك فى أن الهجوم التى نفّذته «حماس» فى الغلاف، أثّر فى الأمن الشخصى لسكان إسرائيل. كان يمكن ملاحظة ذلك فى طلبات الحصول على رخص سلاح وإقامة صفوف تأهُّب، حتى فى بلدات فى وسط البلد، كاستخلاص مما حدث فى الغلاف.
مباشرةً بعد 7 أكتوبر، قرر وزير الأمن القومى إيتمار بن غفير تسهيل الحصول على رخص سلاح. ومنذ ذلك الوقت، قُدّم عدد غير مسبوق من الطلبات ــ 277874 من الإسرائيليين الذين لم يفكروا يوما فى الحصول على رخصة سلاح، قدموا طلبات إلى وزارة الأمن القومى. حتى الآن، تم إصدار 44658 رخصة سلاح، ولا تزال 68053 رخصة تنتظر المصادقة. وللمقارنة، منذ بدء سنة 2023 حتى 7 أكتوبر، تم تقديم 36446 طلبا. وفى سنة 2022 قُدّم 42170 طلبا، وفى سنة 2021، 19407 طلبات.
سهّل الوزير بن غفير، مع دخوله إلى الوزارة، شروط الحصول على طلبات سلاح، حتى إنه دفع الجمهور إلى التسلح بعد 7 أكتوبر. وعلى الرغم من ذلك، فإنه تم الكشف عن كثير من المشكلات، مثل الكشف عن تجنيد فتيات من «الخدمة الوطنية» لتسريع الحصول على رخص سلاح.
التعليقات