لا حرج شرعًا فى الاتفاق على قائمة المنقولات الزوجية «قائمة العَفْش» عند الزواج، فلا بأس بالعمل بها على كونها من المهر، قال تعالى: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهنَّ نِحْلَةً﴾ [النساء: 4]، والمرأة إذا قامت بإعداد بيت الزوجية فى صورة جهاز، فإن هذا الجهاز يكون ملكًا للزوجة ملكًا تامًّا بالدخول، وتكون مالكة لنصفه بعقد النكاح إن لم يتم الدخول. على أنه يراعى فى ذلك عدم إساءة استخدام «القائمة» حال النزاع بين الزوجين.
بهذه الجمل الموجزة اختصرت دار الإفتاء رأيها فى الجدل الذى دار على مواقع التواصل الاجتماعى بين عديد المتحاورين، وذلك بعد رسالة قصيرة لأحد المتواصلين قالت «القائمة سقطت فى مصر»، علما بالطبع أن القائمة لا تزال موجودة ولم يحدث فيها أى تغيير.
المؤكد أن بعض الناس تداخلوا مع تلك العبارة، بعضهم مؤيد وبعضهم معارض، وقد ربط البعض الموضوع بمعدلات الطلاق التى تفاقمت فى المجتمع المصرى، وربطها البعض الآخر بمعدلات العنوسة. بعبارة أخرى، رأى البعض أن موضوع قائمة المنقولات تُزيد من درجة عنوسة النساء، لأنها ربما تساهم فى عزوف الرجال عن كتابتها، خشية من عواقبها إذا ما حدث خلاف بين الزوجين، واستخدمت فيه الزوجة قائمة المنقولات كوسيلة لحفظ حقوق المرأة. فى حين اعتبرها البعض وسيلة مهمة جدا ليس فقط لحفظ حقوق الزوجة، بل للحد من الطلاق الذى أصبحت ردهات وأروقة المحاكم تعج به.
وواقع الأمر أن أسلوب قائمة المنقولات يتوقف التمسك بها على عديد العوامل مفردة أو مجتمعة.
واحد من تلك العوامل، هو الاحتكام للشرع، وهنا يعتبر أهل المرأة أن شرع الله الذى يركز على قيام الرجل بإعداد بيت الزوجية هو الأصل، وأن الاستثناء هو ما درج عليه العرف فى مصر، من قيام أسرة الزوجة بالمشاركة فى تجهيز منزل الزوجية. هنا يعتبر أهل المرأة أنه طالما أنهم اتفقوا على شىء خارج الشرع، وأنهم سيشاركون فى مهام كان على الزوج أن يقوم بها، فمن حقهم إما تضمين ما ابتاعوه من منقولات وربما مشغولات ذهبية قام الرجل بإهدائها لعروسه فى قائمة منقولات، وبعضهم يرغب فى كتابة كل المنقولات بغض النظر عن من اشتراها.
عامل ثانٍ، وهو الجهة بمعنى أن أسلوب قائمة المنقولات هو أسلوب متبع فى المجتمع المصرى فى الكثير من المناطق، خاصة المناطق الريفية كعادة أو كعرف بالأساس، ويكثر فى الوجه القبلى أكثر من الوجه البحرى، وذلك لدى غالبية الناس حتى من هم من الطبقات المتوسطة والعليا، والذى يفترض أنهم فى المدينة لا يعيرون اهتماما فى بعض الأحيان لكتابة قائمة منقولات لحفظ حقوق بناتهم عند الزواج.
العامل الثالث، هو العلاقة بين المقبلين على الزواج، بمعنى أنه لو كان هؤلاء من هم على صلة قوية قبل الزواج، أو كانت هناك علاقة ودٍّ كبيرة بين أسرة الزوج وأسرة الزوجة، لكان هذا يعنى فى أغلب الأحوال رفض الطرفين لكتابة قائمة المنقولات، لكن هذا لا يعنى منع أو عدم دب الخلاف بين الزوجين فى المستقبل.
العامل الرابع فى وجود قائمة المنقولات من عدمه، هو سن المتزوجين. بمعنى أنه كلما تقدمت سن أحد الطرفين، كلما كان ذلك أقرب إلى التنازل عن قائمة المنقولات وغيرها من شروط، لإتمام الزواج.
أخيرا وليس آخرا، فإن أحد أسباب رفض أو قبول قائمة المنقولات هو ترتيب أولويات أهل الزوجة. بعبارة أخرى، فإنه فى بعض الأحيان يكون يقين أهل المرأة أن قائمة المنقولات لا علاقة لها بردع الزوج، وأنه حال وجود خلاف بين الطرفين، فعلى أسرة المرأة أن تغتنم ابنتهم ويردوها سالمة سفر اليدين، أفضل من أن يردوها متضررة ومعها منقولاتها.
وهكذا ونتيجة الخلافات الكبيرة بين الطرفين، فإن الدولة عليها أن تتدخل لحماية الأسرة. فمن ناحية يعد المهر شرعا واجبا، وفى ذات الوقت بات العرف نتيجة أن الكثير من الشباب أصبح عاجزا عن الزواج لأسباب مالية محضة، أن تشارك الزوجة فى شراء الأثاث، لذلك أصبح من حقها آليا كتابة قائمة منقولات. لكن المشكلة التى تستحق التدخل هى العمل على زجر الزوجة فى أن تستخدم القائمة كسلاح قاتل، كأن تتشدد فى رد نفس الأثاث عند انفصال الزوجين، ومن ثم من المهم ترجمة القائمة لمبلغ مالى أى أمر يرد بدلا من الأثاث نفسه، لكن مع منع المغالاة فى كتابة أثمان غير حقيقية للمنقولات، وكذلك يفترض ألا يكتب بالقائمة إلا ما دفعته الزوجة وما أهدى إليها (الشبكة) فقط.