كيف نصل لقلوب الشباب الإفريقى؟ - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 4:51 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كيف نصل لقلوب الشباب الإفريقى؟

نشر فى : الأربعاء 11 ديسمبر 2019 - 9:15 م | آخر تحديث : الأربعاء 11 ديسمبر 2019 - 9:15 م

طالما أن هناك إمكانيات كبيرة متاحة لمؤتمرات ومنتديات الشباب، وطالما أن هناك اهتماما على أعلى مستوى بالمنتدى، فأتمنى أن تكون هناك آلية ثابتة ودائمة وفاعلة للاهتمام المصرى الحقيقى بالشباب الإفريقى، وتعويض سنوات الغياب الطويلة لمصر عن إفريقيا.
صرنا الآن ندرك أهمية الاستثمار بجميع أنواعه فى إفريقيا، ليس حبًا فى الاستثمار فى حد ذاته، ولكن لتعظيم علاقتنا بإفريقيا حفاظا على مصالحنا الاستراتيجية، وبالأخص ضمان استمرار تدفق مياه النيل من منابعه، خصوصا النيل الأزرق فى إثيوبيا، حيث نحصل على ٨٥٪ من حصتنا من المياه و١٥٪ الأخرى تأتى من النيل الأبيض الذى ينبع من بحيرة فيكتوريا فى بقية دول حوض النيل.
لأسباب متعددة يطول شرحها فإننا ومنذ نهاية حرب أكتوبر ١٩٧٣، وحتى سنوات قليلة مضت، فقد أهدرنا معظم أصولنا الاستراتيجية فى إفريقيا، وبعد أن كانت غالبية القارة تدعمنا فى كل شىء، تغير الوضع، وبعد أن كانت غالبية دول حوض النيل لا تجرؤ على المساس بمصالح مصر المائية، انتهى الأمر بتوقيعهم اتفاقية عنتيبى التى ألغت أهم بندين أو حقين لنا، وهما الإخطار المسبق قبل إنشاء أى سدود، وعدم الإضرار بحصتنا التاريخية البالغة ٥٥٫٥ مليار متر مكعب.
وانتهى الأمر بإثيوبيا إلى بدء إنشاء سد النهضة الذى يسبب العديد من الأضرار الاستراتيجية الفادحة بمصر ومصالحها وحقوقها المائية.
لا أؤمن بنظرية البكاء على اللبن المسكوب فى السياسة، بل ضرورة محاولة علاج أى خلل بكل الطرق الممكنة، وبالتالى فإن اقتراحى الذى أطرحه للنقاش هو إنشاء هيئة أو مفوضية أو لجة قومية أو أى مسمى مناسب يكون مختصا فقط بإفريقيا.
سيقول البعض ولكن هناك العديد من الوزارات والمؤسسات، كل منها يقوم بجزء من هذا الدور. نعم هذا صحيح، واقتراحى أن تكون مهمة هذه اللجنة القومية التنسيق والإشراف، على جميع هذه المؤسسات والأقسام، بحيث نضمن تكامل الأدوار. مهمة هذه الهيئة القومية المقترحة، هى وضع خطط وسياسات استراتيجية طويلة المدى شعارها تحقيق التعاون وتعميق علاقاتنا بإفريقيا.
إحدى المهام الرئيسية لهذه اللجنة المقترحة هو تعزيز العلاقات مع إفريقيا، خصوصا على مستوى الشباب.
على سبيل المثال، يمكنها أن تنسق جهود المنح والبعثات الدراسية التى تقدمها الجامعات الحكومية والخاصة للشباب الإفريقى، خصوصا شباب دول حوض وادى النيل. هؤلاء سيكونون خير سفراء لمصر فى القارة السمراء، وعلينا أن ندرك أن هؤلاء الخريجين هم أفضل أنواع القوة الناعمة لمصر فى القارة.
أعلم أننا لا نملك الكثير من العملات الصعبة، كى نستمر فى القارة الإفريقية، كما تفعل الصين أو تركيا أو الدول الأوروبية، بل والخليجية، لكن هناك الكثير الذى نملكه، ولا يحتاج إلى الكثير من المال، ولكن الكثير من الحكمة والعقل والسياسات الرشيدة وحسن استغلال الإمكانيات المتاحة.
يمكن أيضا أن ندرس زيادة عدد الشباب الإفريقى الذين يدرسون فى الأزهر الشريف، وهو أمر شديد الأهمية، لأن هؤلاء الخريجين سيكونون أفضل حائط صد ضد التطرف والمتطرفين.
لا نملك أموالا كثيرة لكن هذه اللجنة يمكنها أن تطلب من وزارة التموين أن تستورد حاجاتها من اللحوم من دول حوض النيل فقط، وليس من أمريكا اللاتينية، ونفس الأمر يمكن أن نفعله مع كبار مستوردى القطاع الخاص، عبر تقديم المزيد من التسهيلات لمن يستورد من حوض النيل سواء كانت لحوما أو سلعا أخرى.
يمكن لهذه اللجنة أو الهيئة متابعة وتشجيع شركات المقاولات المصرية العاملة فى إفريقيا، وكذلك الشركات التى تقوم بمختلف أنواع الاستثمار، وتسهل لها أعمالها، عبر التواصل مع الوزارات والهيئات المصرية المختلفة.
يمكنها أيضا أن تتابع وتدعم دور الصناديق الفنية خصوصا التابعة لوزارة الرى.
مرة أخرى، مثل هذه اللجنة لا تعنى الانتقاص من دور الوزارات والهيئات القائمة، ولكن التنسيق فيما بينها وضمان تحقيق أفضل عائد ممكن من وراء عملها.
أعتقد أن ما ننفقه على العديد من المؤتمرات والمهرجانات لو تم توجيهه لإفريقيا ولشبابها، فسوف يكون العائد كبيرا. من المهم أن ننفتح على كل شباب العالم، لكن علينا أن ندرك أن الأولوية يجب أن تكون للانفتاح على الشباب الإفريقى، على أن يكون انفتاحا مستمرا وحقيقيا، وليس أثناء الموتمرات فقط.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي