الزهور الفاتنة - محمود قاسم - بوابة الشروق
الأربعاء 8 مايو 2024 6:35 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الزهور الفاتنة

نشر فى : الجمعة 14 يوليه 2023 - 9:15 م | آخر تحديث : الجمعة 14 يوليه 2023 - 9:15 م

هناك فارق ملحوظ بين رحلة كل من فاتن حمامة وتحية كاريوكا فى السينما المصرية حيث بدأت كل منهما رحلتها السينمائية فى النصف الثانى من الثلاثينيات، وظلت كل منهما تعمل حتى نهاية القرن العشرين، هما قطبان متناقضان ولا يمكن لهما أن يلتقيا، ولذا فإن جمال مدكور الذى جمعهما عام 1952 فى فيلم الزهور الفاتنة كان يعرف ما تتمتع به كل منهما من خلال التركيبة الجسمانية والأداء والجاذبية، والغريب أن المخرج قد أعطى للراقصة مساحة أكبر بكثير من المساحة التى منحت إلى فاتن حمامة، وكانت هى المرة الوحيدة التى تبدو فيها فاتن فى دور ثانوى قياسا بالمساحة التى منحت لكاريوكا، وجعل من هذه الأخيرة زهرة فاتنة فواحة أشبه بملكة النحل يحوم حولها الذكور من الأثرياء تمتص رحيقهم وأموالهم وتنتقل من رجل إلى آخر، هذه الملكة هى ابنة عاقة فى اسرة تتكون من أمها وأختها، الأخت تعمل ممرضة وهى أيضا تنتقل بين المرضى لكنها لا تمارس مهنة امتصاص الرحيق، أما الأخت الكبرى فهى تهوى الرقص ولديها طموح ليس له حدود، وبالتالى فهى تترك بيت أمها وتذهب لتعمل فى الصالات تذوق طعم المال، ويقودها فى هذا الطريق قواد يختار لها الرجال والعشاق ويخطط لها ما تفعل حتى تقوم بالاستيلاء على كل أموال عشيقها، ثم تهجره إلى عشيق جديد، ولأننا فى السينما فإن كاتبة القصة جعلت الرجال الذين وقعوا فى حبائل هذه المرأة يعرفون بعضهم البعض بمعنى أنه سوف يأتى اليوم الذى يلتقى فية العشاق المضحوك عليهم ويفضحون هذه المرأة.. هذه المرأة لا تتراجع أبدا، وكلما كسبت المال منحته إلى عشيقها «فريد شوقى» وهو دور كم أجاد الممثل عمله فى تلك السنوات، هؤلاء الرجال يمارسون الأعمال الشريفة ولكنهم من وقت لآخر يبحثون عن وقت للتسلية مع امرأة من هذا الطراز، وإذا كانت القصة الأساسية هى للراقصة فإن الأخت الممرضة من قبيل المصادفات هى التى تمرض أحد العاشقين «محمود المليجى» كما أنها تقع فى غرام ابن العاشق الثانى «حسين رياض» وهكذا نجد ان القصة تدور فى مسبحة واحدة لا يخرج أبطالها عنها مربوطين ببعضهم البعض رغم اتساع المدن حيث تدور الأحداث بين القاهرة والإسكندرية، قد اختفت الأخت الممرضة طوال الفيلم بعد أن هربت اختها من المنزل، وذلك لأنها ذهبت إلى أحد المعسكرات الطبية فى أسيوط.
الفيلم مكتوب بشكل شبه نمطى ففى تلك السنوات كانت الممرضات فى السينما هما ملائكة الرحمة مثلما رأينا «مريم فخر الدين» فى فيلم «ليلة غرام»، أما الراقصة التى تتاجر بجسدها من أجل المال فإن أمرها سوف ينكشف وستصاب بمرض قاتل وتموت دون أن تهنأ بوليدتها التى أنجبتها من آخر الرجل خدعته، كما ان السيناريو يحل مشكلة الممرضة حين تلتقى بابن المليونير ويقف إلى جانبها علما انة سوف تؤول ابنة اختها اليها لتربيتها.
اذا كان الفيلم تقليديا فى كل شىء فإنه بالنسبة لنا فى هذا الزمن بمثابة حالة خاصة من التمثيل لمجموعة من الأجيال ابتدأ من حسين رياض ومحمود المليجى ومحمد توفيق ثم تحية كاريوكا وفاتن حمامة وفردوس محمد وعزيزة حلمى وشكرى سرحان، وما يجب التوقف عنده أن فاتن حمامة كانت هى الأولى دائما فى أفلامها ولكنها هنا تركت الساحة لتحية كاريوكا التى سرعان ما مرت بها السنوات لتتغير أدوارها وتفقد بعض بريقها من فيلم لأخر ولكنها ظلت تعمل حتى الفيلم الأخير مثلها مثل فاتن حمامة وهما من الممثلات اللاتى ارتبطن بالفن ولم يهجرنه رغم الضغوط التى حدث لكل منهما عبر الزمن فى الستينيات والتسعينيات.

التعليقات