عن تأثير وسائل التواصل الاجتماعى على الطلاب - قضايا إعلامية - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 1:41 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عن تأثير وسائل التواصل الاجتماعى على الطلاب

نشر فى : الإثنين 15 مايو 2017 - 9:35 م | آخر تحديث : الإثنين 15 مايو 2017 - 9:35 م
نشر موقع The Chronicle of Higher Educationمقالا لـ«دونا فريتاس» ــ الباحثة والمؤلفة ــ حول تأثير وسائل التواصل الاجتماعى (فيسبوك ــ تويترــ سناب شات.. إلخ) على حياة الأفراد وبخاصة الفئات العمرية الشابة التى ما زالت تلتحق بالمدارس والجامعات.
بداية.. تقول الكاتبة إنها لازالت تتذكر عندما أخبرها طلابها لأول مرة بأنه لابد أن يكون لها حساب على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك» حتى تتمكن من الاطلاع على ما يكتبونه هم وأقرانهم، كان ذلك عام 2005 ووقتها كان الفيسبوك لايزال موقعا حديثا للغاية ولا يحتوى على الكثير من إعدادات الأمان والخصوصية كالموجودة الآن، حينها كان الأمر غريب بعض الشىء، فالأمر كله يتطلب فقط أن يكون للفرد حساب على ذلك الموقع حتى يتمكن من رؤية كل ما ينشره الآخرون حتى ولو لم يكونوا أصدقاء لديه. وقتها كان أغلب مستخدمى ذلك الموقع متحفظين ومهذبين كثيرا، ولكن الآن تغير الأمر وشهد الموقع الكثير من التغيرات من قبل مستخدميه، كالتعليقات المبتذلة والمنشورات والصور التى تتجاوز الآداب والأخلاقيات وتنتهك الخصوصيات. مع الوقت حاول مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعى وتحديدا الطلاب إخفاء بعض أنشطتهم وهوياتهم إن لزم الأمر، وذلك خوفا من ملاحقاتهم وإلحاق الضرر بهم من قبل الجهات التى ينتمون إليها؛ كاستبعاد أحدهم من الانضمام لأسرة ما داخل الجامعة أو الحرمان من الالتحاق بإحدى الوظائف عقب التخرج، نتيجة لأحد هذه المنشورات المبتذلة أو غير اللائقة.
لكن مع الوقت بات بعض الطلاب يشعرون بالمسئولية عما قد تؤول إليه أفعالهم على وسائل التواصل الاجتماعى، والخوف من المخاطر الكبيرة التى قد تنجم نتيجة الاستخدام الخاطئ للإنترنت بشكل عام وليس فقط حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعى، وذلك كما كشفت مقابلات أجريت مع نحو 200 طالب فى 13 كلية وجامعة بالولايات المتحدة، ومن خلال استطلاع أجرى عبر الإنترنت شارك به نحو 800 طالب.
***
على صعيد آخر تقول «فريتاس» بأن إحدى الطالبات قد قامت بتغيير جميع الإعدادات الخاصة بحساباتها على مواقع التواصل الاجتماعى التى تشترك بها من أجل ضمان مزيد من الأمان والخصوصية؛ حيث أكدت أنها تتفاعل على هذه الوسائل ولكن هناك حدود لذلك الأمر، فهى انتقائية للغاية، تختار بدقة ما تنشره مع الآخرين، ولا تنشر كل أمورها للعامة؛ كالأمور المتعلقة بحياتها الشخصية، العاطفية..إلخ، فذلك وفقا لها قد يضر بسمعتها وصورتها فى نظر الآخرين. الأمر السيئ والمزعج هنا أن هذه الوسائل قد دفعت الأشخاص إلى التصنع ورسم صور عنهم مخالفة لما هم عليه فى الواقع، كما قاموا بالعمل على نشر كل ما هو جيد بهم وتصوير حياتهم بأنها رائعة لا ينقصها شىء، نتيجة لكل ذلك أصبح من النادر العثور على أشخاص طبيعيين لا يتصنعون ولا يختلقون أمورا غير حقيقية عن حياتهم وما يمرون به.
مع الوقت تبدلت الأمور، وسيطرت هذه الوسائل على الطلاب، وبخاصة الذين أصبح لديهم متابعون كُثر باتوا بمثابة جمهور لهم ينتظرون منشوراتهم والتفاعل معهم، وتطور الوضع إلى أن أصبحت ــ المشاركة والتفاعل عبر هذه الحسابات ــ أمرا روتينا وشاقا يحتاج إلى جهد وإعداد دقيق، وينبغى القيام به بشكل دورى سواء أسبوعيا أو يوميا؛ كالمهام الوظيفية والواجبات المنزلية (حسب وصف العديد من الطلاب).
من جهة أخرى فقد ذهب بعض الطلاب إلى البحث عن منصات جديدة للتواصل الاجتماعى عبر الإنترنت يمكنهم من خلالها إخفاء هوياتهم عبرها؛ كسناب شات مثلا والذى تستمر المشاركات عليه لمدة مؤقتة وتحذف بعدها. فى الوقت ذاته لجأ البعض إلى السير فى الأمرين معا؛ حيث ذهبوا إلى منصات تواصل يعبرون بها عن هوياتهم الحقيقة ويتواصلون من خلالها باحترام وتعليقات مهذبة، وبالتوازى مع ذلك انشأوا حسابات عبر منصات أخرى تخفى الهوية ووقتها يمكنهم التواصل كما يشاءون؛ كاستخدام التعليقات اللفظية والكتابية غير اللائقة دون أن يتعرف عليهم أحد.
لكن المشكلة التى ظهرت نتيجة لكل ذلك تمثلت فى التناقض الذى تولد لدى الصغار الذين تعلموا إخفاء هويتهم على الإنترنت والذى بدوره يمكن أن يؤثر على عقولهم وشخصياتهم فى المستقبل بشكل سلبى. كما رأى آخرون أن التصنع بالشعور بالسعادة واختلاق حياة مثالية فقط من أجل مشاركتها مع الآخرين عبر وسائل التواصل الاجتماعى يؤدى فى نهاية المطاف ــ فى الواقع بعيدا عن هذه الوسائل ــ إلى أشخاص بائسين ذوى مشاعر متناقضة.
رغم أن الفصول الدراسية تغرس فى الطلاب بأن يعبروا عن آرائهم ومناقشتها مع أقرانهم وألا يخشوا من اختلافها، حيث إنه من الطبيعى وجود الرأى والرأى الآخر، إلا أن ذلك يمثل نقيضا لما يحدث فى واقع وسائل التواصل الاجتماعى التى تؤدى إلى ظهور أفراد محايدة غير قادرة على خلق شخصيات مستقلة لها تخشى من التعبير عن آرائها خوفا من تعارضها مع متابعيهم ومن ثم خسارتهم؛ فهم يعتقدون بأن المشاعر الإنسانية كالضعف أو الحزن أو الفشل لا مكان لها على هذه الوسائل التى يعتقدون بأنها مملوكة لجمهورهم الذى قد لا يتقبلها أو يتعامل معها على نحو غير مأمول، وكل ذلك لاشك يؤثر على تعاملهم مع هذه المشاعر فى الواقع بعيدا عن هذه الوسائل.
رغم ملاحظة أن هؤلاء الصغار لديهم الكثير من التساؤلات حول هذه الوسائل المعنية بالتواصل الاجتماعى إلا أنهم أحرجوا أن يناقشوها على المستويات الأكاديمية مع معلميهم وأساتذتهم أو على المستويات الشخصية والإنسانية مع والديهم أو أقربائهم.
***
تختتم الكاتبة بالتأكيد على ضرورة التحدث مع الصغار (معلمين وآباء) حول وسائل التواصل الاجتماعى واستخداماتها والكيفية التى يمكنهم من خلالها التعامل معها بشكل صحيح لا يؤثر على أوقاتهم أو عقولهم وشخصياتهم ومن ثم نضجهم فى المستقبل، وأن يضعوا هذه الوسائل فى مكانها الصحيح الذى تستحقه ولا يتعاملوا معها على نحو أكثر من كونها وسيلة للتواصل الاجتماعى عليهم تقليل مخاطرها والاستفادة من إيجابياتها.

النص الأصلى

 

التعليقات