الأوراق المصرية القوية ضد إثيوبيا - محمد عصمت - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 11:03 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الأوراق المصرية القوية ضد إثيوبيا

نشر فى : الإثنين 15 يونيو 2020 - 8:55 م | آخر تحديث : الإثنين 15 يونيو 2020 - 8:55 م

كل موازين القوة بين مصر وإثيوبيا تصب فى صالحنا، فمن الناحية العسكرية لا وجه للمقارنة بيننا وبينهم سواء فى الأسلحة والمعدات والخبرات القتالية، ومن الناحية الاقتصادية فرغم أزماتنا الصعبة فإن اقتصادنا أكبر وأكثر تنوعا وقدرة على رفع مستوى معيشة ملايين المصريين لو أحسنا إدارته على أسس جديدة، وحتى على المستوى الاجتماعى فإثيوبيا تعانى من صراعات مكبوتة بين أكثر من 80 اثنية مختلفة تشتعل اضطرابات بينها لدرجة مطالبة بعضها بالانفصال، ومع ذلك فإن مواقف إثيوبيا التفاوضية حول سد النهضة تبدو أقوى من مواقفنا بكثير!
الأكثر من ذلك، فإن كل المواقف الإثيبوبية التفاوضية تتصادم بمنتهى العنف بل والبجاحة مع القانون الدولى الذى يمنع بوضوح تام أى دولة من بناء سدود أو انشاءات هندسية تؤثر على حصص الدول المتشاطئة معها فى هذا النهر باعتباره ملكية مشتركة لها كلها، بل أن إثيوبيا لم تتورع على لسان رئيس وزرائها آبى أحمد عن التأكيد على حقها فى ملء خزان السد فى يوليو المقبل رغم توقيع بلاده على اتفاقية اعلان المبادئ مع مصر والسودان عام 2015 التى تشدد على ضرورة اتفاق الدول الثلاث على قواعد ملء وتشغيل السد، كما أنها رفضت خلال الاجتماعات التى تجرى منذ يوم السبت الماضى عبر تقنية الفيديو كونفرانس بين ممثلى الدول الثلاث اضفاء أى طابع قانونى على أى اتفاق محتمل حول هذه القواعد، ليصبح بلاى أى قيمة ولا حتى ثمن الحبر الذى كتب به.
كل هذه المواقف الإثيوبية المتصلبة كان سببها الأخطاء التى ارتكبناها خلال مسيرة التفاوض العبثية معها، استبعدنا بدون مبرر الورقة العسكرية، تحملنا سلسلة طويلة من المراوغات واللف والدوران من الجانب الإثيوبى بلا سبب واضح، لم نتمسك بقوة بحقوقنا التاريخية فى مياه النيل التى تضمنها لنا الاتفاقيات الدولية.
كنا دائما فى خانة رد الفعل للمواقف والتصريحات الإثيوبية العدائية التى تصدر من قادتها السياسيين والعسكريين بين الحين والآخر، آبى أحمد الحاصل على جائزة نوبل للسلام قال بنفسه منذ عدة شهور إن بلاده على استعداد لتجنيد 2 مليون إثيوبى للحرب ضد مصر بعد أن كان قد أقسم بالله ثلاثا أنه لن يضر بحصتنا من المياه، ورئيس أركان جيشه ونائبه هددا مصر منذ عدة أيام بخوض الحرب ضدها إذا لم ترضخ للشروط والإملاءات الإثيوبية، وإن القاهرة تدرك جيدا معنى ومآل هذه الحرب مع بلاده إذا ما فكرت فى الإضرار بالسد!
كثيرون يرون أن إسرائيل هى التى تحرك اثيوبيا وتدفعها لهذه المواقف العدائية المتصلبة لإجبار مصر على توصيل مياه النيل إليها عبر سيناء، وآخرون يرون أن قادة اثيوبيا يقدمون مصر لشعبهم ــ أو بالأحرى لشعوبهم ــ كعدو تاريخى لا يريد الخير لهم، وأن عليهم أن يصطفوا خلفهم لمواجهتها، وهناك دراسات معتبرة ترى أن هناك مخططات أوروبية استعمارية قديمة ــ كانت تستند لاعتبارات دينية ثم أصبحت تستند أكثر لاعتبارات اقتصادية واستراتيجية ــ تريد إضعاف مصر عن طريق التحكم فى النيل، حتى لا تقود العرب ليصبحوا قوة عظمى تقف ضد مصالحهم.
قد يكون السبب فى التعنت الاثيوبى أحد هذه العوامل، وقد تكون كلها معا، لكننا فى النهاية مطالبون أكثر من أى وقت مضى بإجراء تغييرات جذرية فى أفكارنا ومجتمعنا ومؤسساتنا لنواجه كل هذه التحديات، سواء لإجراء مفاوضات بطريقة تضمن لنا حقوقنا، أو حتى بتحمل تبعات حرب قد تفرضها الظروف علينا، والمؤكد أن قيم الحرية والديمقراطية هى الطريق الوحيد لبناء دولة قوية تستطيع الدفاع عن حقوقها وتحقيق أهدافها.

محمد عصمت كاتب صحفي