الشرق الأوسط ــ لندن: الذكاء الصناعى ومستقبلنا مع الروبوتات - صحافة عربية - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 6:03 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الشرق الأوسط ــ لندن: الذكاء الصناعى ومستقبلنا مع الروبوتات

نشر فى : الخميس 16 مايو 2019 - 10:10 م | آخر تحديث : الخميس 16 مايو 2019 - 10:10 م

نشرت جريدة الشرق الأوسط اللندنية مقالا للكاتبة «مينا العريبى» وجاء فيه:
بينما تتطور تقنية الذكاء الصناعى بطرق متعددة وبوتيرة متسارعة، من الصعب التكهن بمستقبل هذه التقنية التى لم تعرف البشرية مثيلها. إلا أن هناك مؤشرات واضحة علينا متابعتها وفهمها. فهناك حقائق لا خلاف عليها، منها أن الملايين من الوظائف معرضة للاندثار، كما أن الروبوتات التى تتمتع بميزة الذكاء الصناعى أمامها نحو عقد من الزمن لتقترب من المرحلة المتطورة المقبلة لتنافس الإنسان على العمل.

وبحسب دارسة أجرتها شركة «ماكينزى» للاستشارات، فإن نحو 50 فى المائة من الوظائف التى يقوم بها البشر حول العالم من الممكن أن تقوم بها روبوتات فى وقت قريب من الزمن، لكن فقط 5 فى المائة منها يمكن أن تعتمد كليا على الروبوتات. فسيبقى الإشراف الإنسانى مهما على الماكينات كلها. لكن الأمر المحسوم هو أن عدد الوظائف المتعارف عليها اليوم سيتقلص مع دخول الروبوتات سوق العمل بقوة خلال العقد المقبل.

من جهة أخرى، فإن 65 فى المائة من طلاب المرحلة الابتدائية حاليا سيشغلون لاحقا وظائف لم يتم خلقها بعد وغير معروفة فى سوق العمل الحالية. هذه المعلومات مهمة ليس فقط للاقتصاديين ووزراء التخطيط، لكن لنا جميعا. على الأهالى إعداد أبنائهم وبناتهم للواقع الجديد الذى سيواجههم، كما أن على الساسة الإعداد لمرحلة شديدة الاضطراب خلال الانتقال الذى أصبح وشيكا ومحتوما. ومن المتوقع أن تندثر الوظائف الروتينية، مثل العمل فى المصانع والمراقبة البسيطة مثل مراقبة الحدود، وتحل محلها الماكينات. لكن كل ذلك سيؤدى إلى واقع يجعل القدرات البشرية الخاصة بالابتكار والإبداع خصالا أساسية فى وظائف المستقبل القريب والمتوسط... إلى حين تعلم الروبوتات تلك الميزات وتصبح أفضل من البشر فى الإبداع الفكرى ــ لكن ما زالت الطريق طويلة على ذلك.

يقول البروفسور أندرو نغ، من جامعة ستانفورد الأمريكية، إن الذكاء الصناعى سيكون له تأثير على العالم شبيه بتأثير اختراع الكهرباء الذى وصل تأثيره لجوانب الحياة كافة. ومثلما كان من الصعب أن يتخيل أجدادنا مدى تأثير الكهرباء على كل مفاصل الحياة، سيكون الأمر نفسه فيما يخص الذكاء الصناعى.

من اللافت أن هناك دولتين تتصدران مشهد مجال الذكاء الصناعى ــ الصين والولايات المتحدة. وقد أعلنت الصين أنها تنوى أن تصبح الدولة الأكثر تقدما فى مجال الذكاء الصناعى بحلول عام 2030. ومن بين أفضل 10 جامعات تختص بالذكاء الصناعى والتعلم الآلى، خمس فى الصين. كما أن نصف خريجى هندسة الذكاء الصناعى فى العالم هم فى الصين، إلا أن غالبيتهم يهاجرون إلى الولايات المتحدة ويعملون فى كبرى شركاتها. وبينما تتنافس كل من الهند والمملكة المتحدة وكندا مع الصين والولايات المتحدة على التقدم التقنى، إلا أن حجم الدولتين وتقدمهما فى هذا المجال يجعلهما فى موقع فريد فى التأثير على مسار هذه التكنولوجيا. لكن ما يثير القلق هو إمكانية انتقال الحرب بين الولايات المتحدة والصين، ليصبح المجال التقنى وبخاصة فيما يخص الذكاء الصناعى، فى مقدمة المواجهة بين البلدين. فمحاربة الولايات المتحدة لشركة «هواوى» واتهامها بالقيام بعمليات تجسس مؤشر على نوع التعقيدات التى ممكن أن تطرأ فى حال تفاقمت الخلافات بين البلدين.

وقد حذر أخيرا رئيس الوزراء البريطانى الأسبق جوردون براون من تطور الخلاف بين البلدين إلى درجة «فصل الإنترنت» ليكون هناك «إنترنت أمريكى» بكل الوسائل التقنية الأمريكية بما فيها نظم البريد الإلكترونى وشبكات التواصل الاجتماعى الأمريكية مثل «تويتر»، و«إنترنت صينى» مختلف مثل موقعَى «وايبو» و«على بابا». وفى هذا الحال الفصل سيكون على أساس إضعاف الآخر، بدلا من فتح الآفاق ليستفيد كل طرف من الآخر.

كل هذه التطورات تأتى فى وقت العالم العربى شبه غائب عن عالم التكنولوجيا والبحوث التى تؤدى إلى طفرات نوعية لا نعلم منها سوى الجانب الاستهلاكى. وحسنا فعلت دولة الإمارات العربية المتحدة؛ إذ باتت اليوم وجهة لمن يريد التفكير بكل هذه القضايا، بعد تعيين عمر بن سلطان العلماء وزير دولة للذكاء الصناعى ووضع استراتيجية وطنية للذكاء الصناعى. لكننا فى حاجة إلى دول عربية إضافية تقوم بمهامها فى مواكبة العصر وتوسيع النفوذ العربى الممكن فى هذا المجال.

كما أن الحديث عن تأثير الذكاء الصناعى فى مجال العمل شبه منعدم فى العالم العربى، الذى يعانى أساسا من نسب بطالة عالية وبخاصة بين الشباب، تصل فى بعض الدول العربية إلى 25 فى المائة بين الشباب. كما أن دولا تعيش حالة حرب أو تخرج منها لا توجد لدى جامعاتها القدرة على مواكبة أبسط التغييرات التقنية التى باتت تتغير كل يوم. علينا أن نخشى على الأطفال والشباب فى دول مثل اليمن والعراق وغيرهما من دول مزقتها الحروب ولم تواكب العصر، بل تراجعت إلى الوراء. فبالإضافة إلى كل التحديات التى تواجهها الدول العربية التى تعانى من النزاعات، هناك تحدٍ هائل هو عدم الانخراط بالاقتصاد المعاصر وعدم إعداد جيل من الطلاب يمكنهم أن يتنافسوا فى الظروف العادية، فما بال التنافس مع الروبوتات والذكاء الصناعى. وعلى صناع القرار أن يتعاملوا بجدية مع هذه التطورات والتعامل مع الواقع الجديد كى لا نعانى كثيرا من انعدام المعرفة والمقدرة خلال المرحلة المقبلة.

التعليقات