قد تكون تلك الأسطر من النوع الذى لا يحظى باهتمام بعض القراء، ولكن من المفترض أن تحظى برعاية ومتابعة خبراء اللعبة ورجالها والذين يشاركون فى إنتاج تلك الصناعة بمهنية وشغف، وانتماء للوطن.. وأدخل فى الموضوع بهذا السؤال: كيف ينتج مصنع الكرة المصرية المنتخب الأول الجديد، الذى سيكون بديلا فى المستقبل القريب للفريق الحالى الذى سجل أفضل انتصارات اللعبة فى مصر على مدى تاريخها بفوزه بثلاث بطولات متتالية للأمم الأفريقية؟
ثم أضيف هذا السؤال: ما هى علاقة انتصارات ومستويات الأندية بالمساهمة فى إنتاج المنتخب الأول القوى؟
●● كنت أظن، وقد أصبحت كثير الظن، أن هذا الأمر يستحق أن يشغل اتحاد الكرة، والإدارات الفنية بالاتحاد وبالأندية، باعتبار أن هذا عملهم كمتخصصين، وأنه أمر مهم، وأهم بكثير من تلك القضايا التافهة التى تناقش على جميع المستويات. وكنت أتوقع، «بلاش أظن»، أن الاتحاد قام بتحليل أسباب فوز المنتخب بكأس أفريقيا ثلاث مرات، بعيدا عن «أفكار البركة والوش الحلو، ورئيس البعثة الذى لا يخسر، ومشروع البتلو الذى أفسدته كرة القدم بذبح الماشية فكا لنحس أو احتفالا بحظ، فندرس أسلحة اللاعب المصرى ونفهم ما جرى لمنتخبات أفريقيا الزاخرة بالمحترفين.. إلا أن الظن بقى ظنا، والاعتقاد ظل وهما».
●● فى صحيفة الصنداى تايمز مقال للكاتب إيان هاوكى عن «النجوم الجدد للكرة الإسبانية» (ذكرت اسم الصحيفة، حتى لا يغضب أنصارها كما غضب أنصار الفاينانشال تايمز علما بأنها ليست ترجمة ولكنها قراءة).
يتحدث المقال عن مواهب كرة القدم فى إسبانيا، وهو يرجع فوز الفريق الإسبانى الأول بكأس أوروبا وكأس العالم خلال ثلاث سنوات إلى أجيال الناشئين والشباب، التى أحرزت فى 25 عاما ما يلى: 6 ألقاب لمنتخب 16 سنة، ولقب واحد لمنتخب 18 سنة، وأربعة ألقاب لمنتخب 19 سنة، ولقبان لمنتخب 21 سنة.. كما توج منتخب إسبانيا تحت 20 سنة بطلا لكأس العالم عام 1999 وفاز المنتخب الأوليمبى بذهبية برشلونة 1992.. وأشار المقال إلى أن 15 لاعبا من المنتخب الأول الفائز ببطولة أوروبا وكأس العالم، كانوا ضمن صفوف منتخبات الناشئين والشباب. وهم بيبى رينا، وإيكر كاسياس، وتشابى هيرنانديز، وكارلوس مارشينا، وإنييستا، وكارلوس بيول، وفرناندو توريس، ودافيد سيلفا، وفابريجاس، وسيرجيو راموس، وبيكيه، وخافير مارتينيز، وخوان ماتا، وراءول ألبيول، وخوان كابديفيا.
وهؤلاء تضاف إليهم انتصارات برشلونة وريال مدريد فى البطولات الأوروبية.. بجانب النجوم الأجانب الذين أثروا الدورى الإسبانى وجيل المواهب الرائع وأسلوب اللعب الفريد لفريق برشلونة، وهو نفسه اسلوب لعب منتخب إسبانيا.. «ارفع رأسك، شاهد الملعب، مرر الكرة، تحرك، استقبلها، ثم أعد تمريرها».. ويقوم هذا الأسلوب على مواجهة الأجساد الأوروبية القوية والأطوال، بالكثرة العددية، فكل ثلاثة لاعبين إسبان عليهم هزيمة لاعب واحد من الخصوم أو لاعبين بالتمرير ثم بالمهارة والمراوغة.. وبالمناسبة هذا نفسه كان سلاح منتخب مصر فى كأس الأمم الأفريقية 2008.
●● كرة القدم المصرية لها مصنعها أيضا الذى ينتج المواهب والنجوم، على مدى 30 عاما الأخيرة، وهذا ليس إحصاء للمراكز والإنجازات، لكن فى مقدمة خطوط الإنتاج فى مصنع المواهب للكرة المصرية فرق الأهلى والزمالك والإسماعيلى والمقاولون العرب، وقد تفوقت تلك الأندية على مستوى البطولات الأفريقية، حيث أحرزت 30 لقبا فى بطولات القارة بالإضافة إلى 3 كئوس أفروآسيوية للزمالك والأهلى.. وهذه الألقاب لها نتائج مباشرة على المنتخبات، ونتائج مباشرة على اللعبة والأندية.
●● حين فاز جيل الشباب عام 1981 بكأس أفريقيا أفرز ذلك فى النهاية جيلا موهوبا قدم عروضا قوية فى أمم أفريقيا 1984 بساحل العاج ثم توج بطلا للأمم عام 1986، وتلاه جيل آخر فاز بكأس أفريقيا للشباب عام 1991، وهو الجيل الذى صنع للكرة المصرية بطولة الأمم مع الجوهرى عام 1998 كما ساهم جيل من المواهب فى منتخب الشباب الحاصل على المركز الثالث فى أمم أفريقيا للشباب، تحت قيادة شوقى غريب ثم الفائز ببرونزية كأس العالم بالأرجنتين وثالث دورة الفرانكفون، كما فاز منتخب الشباب بكأس أفريقيا 2003 تحت قيادة حسن شحاتة، وهؤلاء النجوم الصاعدة كانوا وراء.. دعم المنتخب الأول الذى حقق ثلاث بطولات متتالية للأمم الأفريقية.
●● اليوم هناك 14 لاعبا يمكن أن يشكلوا قاعدة لمنتخب مصر الأول لكرة القدم الجديد الذى سيخوض تصفيات كأس العالم 2014 بالبرازيل، على أن يدعموا ببعض أصحاب الخبرة من الجيل الحالى.
اللاعبون هم سبعة أعضاء فى المنتخب الأوليمبى، ويشاركون ضمن فرقهم الأولى بالدورى الممتاز (محمد أبوجبل حارس مرمى إنبى، سعد سمير مدافع المقاولون العرب، معاذ الحناوى مدافع مصر المقاصة، حسام حسن لاعب وسط المصرى، عمرو السولية لاعب وسط الإسماعيلى، مروان محسن مهاجم بتروجيت، أحمد شرويدة مهاجم المصرى).
وفى صفوف منتخب الشباب سبعة لاعبين آخرين وهم (أحمد الشناوى حارس مرمى المصرى، أيمن أشرف ظهير أيسر الأهلى، أحمد نبيل مانجا لاعب وسط الأهلى، محمد الننى لاعب وسط المقاولون، عمر جابر ظهير أيمن الزمالك، محمد صلاح مهاجم المقاولون، محمد إبراهيم مهاجم الزمالك).
●● كما دخلنا فى الموضوع بسؤال، نخرج منه بسؤال: ترى هل يتعامل اتحاد الكرة مع المنتخبين، ومع هؤلاء اللاعبين على أنهم قاعدة بناء المنتخب الأول الجديد لتصفيات كأس العالم، فيسرع بإعداد وتجهيز أفضل.. أم يبقى الظن ظنا، والاعتقاد وهما، والأمل حلما أو أضغاث أحلام؟!●