السد الإثيوبى.. لتوليد الكهرباء أم محبس لتعطيشنا؟! - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 11:26 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

السد الإثيوبى.. لتوليد الكهرباء أم محبس لتعطيشنا؟!

نشر فى : الثلاثاء 16 يونيو 2020 - 8:30 م | آخر تحديث : الثلاثاء 16 يونيو 2020 - 8:30 م

ما هو الهدف النهائى لإثيوبيا من بناء سد النهضة؟!
أظن أن معظمنا فى مصر وربما السودان ودول كثيرة، كنا حسنى النية لدرجة تقترب من السذاجة، حينما صدقنا أن إثيوبيا تهدف لتوليد الكهرباء أو حتى زيادة الرقعة الزراعية، أو تحزين كمية من المياه تحسبًا لموسم الجفاف.
الآن حصحص الحق، واتضح لنا أن الهدف النهائى لإثيوبيا هو تحويل السد إلى «محبس» تقوم من خلاله بالتحكم فى كمية المياه الواردة إلى مصر والسودان.
الدعاية الإثيوبية من عشرات السنين، وحتى قبل أن يكون هناك مشروع اسمه سد النهضة، كانت تركز على أنها تريد إقامة بعض السدود من أجل توليد الكهرباء، حتى تتمكن من إنارة القرى والمدن الإثيوبية الغارقة فى الظلام.
المؤكد أن هذا هدف نبيل لا يمكن لأحد أن يرفضه، وظنى أن مصر كانت شديدة الذكاء، حينما صاغت سياستها فى هذا الصدد بشعار «نحن مع حق إثيوبيا فى التنمية، ومع حقنا فى الحياة»، لأنه لم يكن ممكنًا أن نعارضهم فى بناء سدود لتوليد الكهرباء، طالما أنها لا تؤثر على حصتنا فى المياه.
ظنى الشخصى أيضا أننا بذلنا كل الجهد لكى نثبت ونبرهن للإثيوبيين خصوصا المواطنين العاديين أننا نمد أيدينا إليهم، ولا نريد إلحاق الضرر بهم، وإن كل هدفنا أننا نريد حقنا وحصتنا فى المياه لأنه من دونها نهلك تماما ونموت عطشا.
للأسف فإن السياسة الإثيوبية من أول ميليس زيناوى مرورا بهيلى ماريام ديسالين نهاية بأبى أحمد، تعمدت المماطلة والمراوغة وكسب واستهلاك الوقت لكى تفرض علينا أمرًا واقعًا، وحتى الآن فهى قد نجحت فى ذلك بصورة كبيرة، لكن المعركة لم تنتهِ.
ظنى الشخص أن القضية الجوهرية ليست بناء السد أو حتى سنوات ملئه فهو فى النهاية سيتم ملئه سواء فى ثلاث أو تسع سنين أو حسب إيراد النهر من الأمطار المتساقطة.
فى الشهور الأخيرة تبين لنا بوضوح أن إثيوبيا تريد تحويل السد إلى محبس لكى تبتز به مصر بالأساس هى ومعها أو خلفها من يساندها بطرق مختلفة، أو تحويله إلى بنك مياه تبيعها لمصر أو لمن تشاء.
حتى فبراير الماضى كان البعض يتشكك فى النوايا الإثيوبية السيئة، ويعتقد أنها حريصة على اتفاق يرضى الجميع، لكن وبعد أن حسمت مفاوضات واشنطن معظم الأمور الخلافية ولم يكن ناقصا إلا التوقيع، انسحبت إثيوبيا من المفاوضات بطريقة شديدة الطفولية، تم بدأت تتحلل شيئا فشيئا من كل الالتزامات والاتفاقيات والتعهدات السابقة وآخرها اتفاق المبادئ فى مارس 2015.
الآن بدأنا نسمع تصريحات وتهديدات أقرب إلى البلطجة مثل: «النهر نهرنا والمياه مياهنا وسنملأ السد فى كل الأحوال وقادرون على حشد الملايين فى حالة الحرب»!!
الرسالة الإثيوبية هى إجبار مصر على قبول الأمر الواقع، وأن ننتظر منها أن تتصدق علينا بما يفيض من استهلاكها من المياه سواء لتوليد الكهرباء أو الزراعة أو حتى التخزين فى سد النهضة وسدود أخرى تنوى بناءها فى الفترة المقبلة.
تعبير بنك المياه بدأنا نسمعه كثيرا فى الأسابيع الأخيرة، وكان آخر من استخدمه الخبير البارز فى شئون وادى النيل الدكتور هانى رسلان خلال حواره مع الأستاذ حمدى رزق على فضائية صدى البلد الخميس قبل الماضى.
الوفد المصرى المفاوض انتبه أخيرا إلى النوايا الإثيوبية، وبدأ فى كشفها وتعريتها أولا بأول.
كان مفروضا أن نفعل ذلك مبكرا لكن المهم أن تكون الرسالة الواضحة قد وصلت لإثيوبيا وخلاصتها: «لن نسمح لكم بتحويل سد النهضة إلى محبس، أو بنك للمياه من أجل ابتزاز مصر وتعطيشها.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي