لماذا يقطع الفلاحون خطوط السكك الحديدية؟ - ريم سعد - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 9:58 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لماذا يقطع الفلاحون خطوط السكك الحديدية؟

نشر فى : الأحد 17 فبراير 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأحد 17 فبراير 2013 - 8:00 ص

المسألة تقريبا بديهية ولا تحتاج لسؤال فالفلاحون وسكان الريف بصفة عامة لديهم مظالم عديدة تتجاهلها بانتظام السلطة المركزية التى فى يدها الأمور. وإن كان العمال يمتلكون سلاح الإضراب الذى يستخدمونه لتوصيل أصواتهم والتعبير عن شكاواهم من أجل نيل حقوقهم فإن هذا السلاح غير متاح للفلاحين الذين لن يضار غيرهم إن امتنعوا عن العمل. ربما تزايدت وتيرة هذه الأحداث فى الآونة الأخيرة أو ربما زادت قيمتها كمادة إخبارية تستحق النشر فأصبحنا أكثر إحساسا بوجودها، لكن الحقيقة أن قطع طرق السكك الحديدية هى وسيلة تقليدية استخدمها الفلاحون على مدى القرن الماضى بهدف إيصال رسالة إلى السلطة المركزية وإجبارها على الاستماع إليهم. الارتباط الأشهر بين الفلاحين وبين قطع الطرق كان لدورهم الوطنى فى ثورة 1919 بهدف منع جنود الاحتلال من الحركة ولكنها كانت فى الأغلب الوسيلة التى يعبرون بها عن مظالم تخصهم وتخص قراهم.

 

●●●

 

 ولا يمكننا فى الحقيقة فهم مغزى قطع طرق السكك الحديدية دون النظر إلى الوسيلة التقليدية الأخرى الأكثر استخداما وانتشارا التى يلجأ إليها الفلاحون لرفع مظالمهم وهى إرسال الشكاوى والعرائض عبر التليغراف، وقد أفرد الدكتور سيد العشماوى فى كتابه المهم «الفلاحون والسلطة على ضوء الحركات الفلاحية المصرية (1919-1999)» والذى يرصد فيه بشكل دقيق ورائع كافة أشكال المقاومة الفلاحية على مدى القرن العشرين، جزءا كبيرا حول تلك الوسيلة التى احتلت أيضا مكانها المميز فى الأعمال الأدبية والفنية التى تناولت حياة الفلاحين وقضاياهم.

 

●●●

 

لا يستيقظ أهل القرية فجأة من نومهم ويقررون قطع الطريق بل يلجأوون إلى ذلك بعد استنفاذ السبل الأخرى، إذا أردت أن تعرف لماذا يقطعون الخطوط الحديدية فانظر إلى أعلى حيث خطوط التليغراف المحمّلة برسائل لم تصل فلم يبق غير الخط الحديدى على الأرض يحملونه الرسالة. قطع الطرق لا يصنف ضمن وسائل الاحتجاج العنيفة فهى  مجرد طريقة أعلى صوتا لتوصيل رسالة سبق إرسالها همسا لسلطة ثقيلة السمع ــ شكاوى الفقراء كثيرة وقد تبدو مملة ومكررة وغير ملفتة وتعطيل مصالح الناس شىء مزعج بالتأكيد، ولكن تذكر فى المرة القادمة وانت منتظر فى قطار قطع طريقه أهل قرية ما أنك بالـتأكيد قد مريت ببصرك ذات مرة على شكوى صغيرة فى صحيفة ما صيغتها ثابتة وغير ملفتة أن أهل قرية ما يناشدون مسئول ما التحرك لإنقاذ قريتهم من العطش، حيث إن مياه الشرب مقطوعة عنهم منذ بضعة شهور أو أن زرعهم قد جف وضاع شقاهم لعدم وصول مياه الرى إليهم، ربما لم تلفت نظرك الشكوى لإنها صارت اعتيادية ولا تعتبر خبرا يذكر وربما لفتت نظرك وشعرت بالتعاطف مع هؤلاء ولكن لم تجد أن بيدك شيئا تفعله ــ تستطيع على الأقل ألا تلعنهم وأنت منتظر فى القطار المعطل بل وجه لعناتك إلى من لم يستمع حين وصلته الرسالة بطريقة  أكثر هدوءا كنا نفضلها جميعا وعلى رأسهم أصحاب القضية.

 

 

 

باحثة مصرية

التعليقات