متى تقود الصين العالم؟! - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 1:33 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

متى تقود الصين العالم؟!

نشر فى : الأحد 17 مايو 2020 - 10:50 م | آخر تحديث : الأحد 17 مايو 2020 - 10:50 م

يخلط كثيرون بين أمنياتهم وبين الواقع، فيما يخص قيادة العالم. وهكذا بدأنا نسمع منذ انتشار فيروس كورونا أن قيادة أمريكا للعالم انتهت، وأن الصين ستبدأ فى تسلم مقعد القيادة بمجرد القضاء على الفيروس!!.
هذه الطريقة فى التفكير رغائبية ولا تستند إلى أى أساس علمى.
بالطبع من حق كل شخص أن يحلم، لكن عليه ألا يخلط الحلم بالواقع وحقائقه.
الصين فى المركز الثانى عالميا بعد أمريكا فى الاقتصاد، وحققت طفرات كبيرة جدا، يشهد بها الجميع، وصارت تلعب دورا مهما فى الاقتصاد العالمى، وأحد كبار مسئوليها قال قبل فترة قليلة: «لا يخلو أى بيت فى العالم من منتج مكتوب عليه «صنع فى الصين».
وهى تمكنت من استقطاب ٤٠٪ من مجمل استثمارات الغرب فى الخارج.
وإلى أن تتضح التداعيات النهائية لفيروس كورونا وتأثيره على الاقتصاد، وربما على النظام العالمى نفسه، فإن الحقائق على الأرض حتى هذه اللحظة تقول لنا الآتى:
الناتج القومى الإجمالى للولايات المتحدة ما يزال يحلق فى الصدارة منفردا بنحو ٢١٫٤ تريليون دولار سنويا، مقابل نحو ١٤٫٢ تريليون للصين. الفارق المهم فى الأبحاث والتعليم، والعهدة فى هذه الأرقام على الدكتور محمد المنشاوى المتخصص فى الشئون الأمريكية، فعدد الفائزين الصينيين بجوائز نوبل فى الطب والفيزياء والكيمياء ٤ علماء فقط مقابل ٢٨ من اليابان و٨٠ من ألمانيا و٩٨ من بريطانيا و٢٥٨ من أمريكا.
لكن ما يجعل أمريكا تقلق، هو أن الصين صارت أكبر مصدر لبراءات الاختراع، وتفوقت على أمريكا لأول مرة منذ ٤٠ عاما، وأنفقت ٢٧٩ مليار دولار على الأبحاث والتطوير فى العام الماضى، وفقط أمريكا هى التى تسبقها فى هذا المجال.
حتى هذه اللحظة ما تزال الصين فى حاجة للولايات المتحدة، خصوصا فى الموارد التكنولوجية الدقيقة، وهو ما يفسر لنا لماذا فرض دونالد ترامب عقوبات على الصين وشركاتها فى هذا المجال خصوصا شركة هواوى.
لكن أحد التفسيرات لذلك أنه يشعر بأن الصين قد تلحق بالولايات المتحدة وتهدد عرشها خصوصا أنها صارت الرائدة عالميا هذه الأيام فى شبكات الجيل الخامس والتحول الرقمى، التى تخشى أمريكا أن تكسبها الصين.
الدولة الشيوعية حققت معدلات نمو لم تقل عن ٨٪ طوال العشرين عاما الماضية، فى حين أن الاقتصاد الأمريكى تعرض لاستنزاف خلال تلك الفترة، بسبب التورط فى حروب وصراعات خارجية، زادت تكاليفها عن ٦٫٤ تريليون دولار.
الصين تتفوق أيضا فى عدد السكان ١.٤ مليار نسمة يشكون ١٨٪ من سكان العالم مقابل ٣٣٠ مليون أمريكى يشكلون ٤٫٣٪ من سكان العالم، لكن الفارق المهم أن دخل المواطن الأمريكى السنوى ٦٤ ألف دولار مقابل ٩٧٠٠ دولار للمواطن الصينى.
وطبقا لمؤسسة جولدمان ساكس فإن الاقتصاد الصينى سيصبح رقم واحد عام ٢٠٢٧.
السؤال الذى يشغل كثيرا من الخبراء فى هذا الملف هو هل تسبق الصين أمريكا؟.
البعض يقول لا، لأن أمريكا تتفوق فى معظم المجالات، والبعض يقوم نعم، لكن السؤال هو متى؟! والبعض الثالث يقول إن البلدين سوف يتصارعان سلميا لأن المشتركات بينهما كثيرة، فالصين تعتمد على جزء كبير من التكنولوجيا الأمريكية، ولديها ٣٦٠ ألف طالب يدرسون فى الجامعات الأمريكية، ثم إن السوق الأمريكية هى الأهم بالنسبة لها، فهى تصدر لها بـ٤٥٢ مليار دولار مقابل واردات لا تزيد على ١٠٨ مليارات دولار. صحيح أنها تنفق ١٧٠ مليار دولار عسكريا، لكن الإنفاق الأمريكى أربعة أضعاف هذا الرقم، وهناك ٤ ملايين صينى يعيشون فى أمريكا، وحصلوا على جنسيتها.
وطبقا لمحمد الشناوى ولمراقبين كثيرين فإنه يصعب تصور أن تتفوق الصين على أمريكا، حتى لو سبقتها تجاريا. والتصور الجديد أن يكون القرن المقبل آسيويا وليس صينيا فقط.
تتفوق الصين على أمريكا حينما يكون لديها هوليوود صينية، وأمازون وتويتر وفيسبوك وإنستجرام ومايكروسوفت ويوتيوب وأيفون وجوجل واكسفورد وهارفارد، وأن تكون هى مصممة الأيفون وليست المجمع له، والأهم أن تحسن ترتيبها فى مجال حريات الصحافة والإعلام خصوصا أنها تحتل ١٧٦ بين ١٨٠ دولة. وكما يقول الكاتب المتميز سمير عطالله «جميع الطلاب المتفوقين فى المعهد التقنى الأمريكى المتميز صينيون، لكن جميع الاساتذة أمريكيون. وحينما يتغير هذا الوضع وحينما تكون اللغة الصينية عالمية، قد تقود الصين العالم.
تلك هى الصورة الراهنة، وإن كان البعض يقول إن اليقين الوحيد الآن هو غياب أى يقين!!

عماد الدين حسين  كاتب صحفي