الأربعة باعوا القضية - خالد محمود - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 11:58 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الأربعة باعوا القضية

نشر فى : الثلاثاء 17 سبتمبر 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 17 سبتمبر 2013 - 8:00 ص

اعترف لى النجم الكبير أنه شاهد بعينه دموع العشرات من العاملين فى صناعة السينما.. دموعا تملؤها الحسرة وربما الإحساس بالعجز وقلة الحيلة من أجل لقمة العيش، فقد توقفت حياتهم بعد أن ساد الظلام والصمت أرجاء البلاتوهات ولم يعد هناك أعمال جديدة يتم تصويرها.. كانوا يعيشون بها وفيها حياتهم، أغلقت فى وجوه تلك العمالة أبواب رزق حتى فى ذروة المواسم، فالحركة السينمائية التى كانوا يقتاتون منها أصبحت خارج نطاق الخدمة، وربما يصبحون هم أيضا خارج نطاق الزمن.

تركته وكلى فضول فى أن ألمس عن قرب مشاعر هؤلاء الفنيين الذين ساهموا فى الكثير من أفلامنا، بل هم جزء لا يتجزأ من صناعة أى عمل سينمائى، وعندما تحدثت مع بعضهم وجدت الموقف أكثر قسوة وألما، فهم باتوا يقضون يومهم إما فى منازلهم أو على مقاهى البسطاء فى انتظار أى «أوردر»، والشىء الذى أحزننى بحق أنهم يفكرون فى هجر المهنة، وترك ما مضى من حياتهم وراء ظهورهم، والبحث عن عمل آخر يحقق لهم وسيلة رزق تضمن قوت يومهم وأسرهم.. وجدت فنى مونتير يستعد للعمل فى مصنع نسيج، وعامل كلاكيت قديم يوزع الخبز، وفنى إضاءة فى عيادة طبية، ومساعد مخرج يسوق أدوية، ومدير دار عرض مقاول أنفار على الله، وممثل شاب فى أعمال البياض..!!

أدركت أن صناعة السينما فى بلدى يحيطها خطر من نوع آخر وهو هروب من يملكون الخبرة فى كل النواحى الفنية المساعدة، وبالتالى ربما نفاجأ فى لحظة ما بفجوة كبيرة فيمن يشكلون عنصرا أساسيا فى الصناعة.

حتى شباب السينمائيين من مخرجين ومصورين أصبحوا على وشك إسدال الستار على أحلامهم، الذين عاشوا معها سنوات دراسة وكلهم لهفة وشوق لخروج رؤاهم وأفكارهم ومشارعهم إلى النور، هم أيضا يجلسون فى البيوت والمقاهى بلا عمل نتيجة قلة الإنتاج وتوقف عجلته التى دارت لمدة قرن دون أن تتأثر بحدث سياسى أو تغير اجتماعى أو حتى نكسة.

نعم نحن نمر بظروف استثنائية عصيبة وبمرحلة فارقة فى تاريخ الوطن ندعو الله أن تمر بسلام، لكن كنا حتى فى أحلك الظروف ننتج أفلاما تشجعنا وتزيد من عزمنا لنمر من الأزمة وراجعوا معى الأعمال التى قدمت عقب نكسة 67، كان لدينا منتجون مخلصون للمهنة بحق ويغارون على مكانة السينما المصرية، لا ينظرون إلى المكاسب المادية فقط. وهنا يبرز التساؤل: لماذا لا تقوم الشركات الإنتاجية الأربع الكبرى بواجبها الآن تجاه الصناعة وقد كسبوا منها الكثير فى فترات الازدهار، لماذا تتخلى عن السينما وعامليها فى الظرف الراهن، فهل يعقل أن يكون الأكثر إنتاجا طوال العامين السابقين منتج واحد هو السبكى، بينما غابت بشكل شبه كامل تللك الشركات عن ساحة الانتاج السينمائى مكتفية فقط بدور الموزع للأفلام.

إننى هنا لا أعفيها من المسئولية المباشرة فى تراجع الإنتاج وبطالة هؤلاء الفنيين والعاشقين للسينما بعد أن تخاذلوا فى حقهم وأداروا ظهورهم لهم وللسينما المصرية وقد منحتهم الكثير والكثير.. سيدينهم التاريخ والأيام لبيعهم القضية بعد ان تزول تلك الأزمة وسوف تزول.

خالد محمود كاتب صحفي وناقد سينمائي
التعليقات