الأزمة السورية: تصفية الحسابات وخارطة الطريق - العالم يفكر - بوابة الشروق
الإثنين 2 ديسمبر 2024 4:14 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الأزمة السورية: تصفية الحسابات وخارطة الطريق

نشر فى : الأحد 17 سبتمبر 2017 - 10:20 م | آخر تحديث : الأحد 17 سبتمبر 2017 - 10:23 م
نشر مركز الأبحاث الأمريكى Brookings مقالا للسفير الإسرائيلى السابق لدى الولايات المتحدة «ايتمار رابينوفيتش» ــ وأستاذ تاريخ الشرق الأوسط بجامعة تل أبيب ــ ويتناول هذا المقال تحليل الأزمة السورية ومحاولة تحديد أسباب إخفاق الدول الغربية فى حلها، كما أنه يقترح حلا لتلك الأزمة.

لقد حدث تغيير واضح فى الحرب الأهلية السورية، خاصة بعد استعادة النظام السورى ــ بمساعدة كل من روسيا وإيران ــ لحلب والعديد من الأقاليم السورية التى كانت تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وجماعات المعارضة الأخرى. ومن الملاحظ أن المجتمع الدولى قد قبل على الأقل الانتصار الجزئى لنظام بشار الأسد باعتباره أمرا واقعا.

تكمُن وجهة نظر الكاتب فى أن هذا التغيير لا يعنى أن سوريا ستكون موحدة فى أى وقت قريب فى ظل حكومة مركزية فعالة. كما يرى أنه من المرجح أن يسيطر الأسد على أجزاء كبيرة من الأراضى السورية وليست كلها، وأن الجماعات المعارضة سوف تستمر فى سيطرتها على أجزاء من البلاد، أما بالنسبة لإيران وروسيا سوف يعززان من وجودهما ومكانتهما فى سوريا، وسوف تستمر عدد من دول الشرق الأوسط فى دعمهم للجماعات المعارضة. 

فى الوقت نفسه بدأ الحديث عن إعادة بناء البنية التحتية والاقتصاد فى سوريا، وبدأت الشركات ــ وخاصة الروسية ــ تنتقل إلى دمشق للمشاركة فى هذه العملية. فالكثير من العالم يود أن يرى الاستقرار والنظام فى سوريا، ولكن هذا لا يعنى النهاية السعيدة لتلك الأزمة حيث إنه يصعب على الكثيرين من السوريين أو المجتمع الدولى أن ينسوا الحرب والقتل الذى قام به النظام السورى واستخدامه للأسلحة الكيميائية. ولا أحد يستطيع أن ينسى الخسائر الفادحة وتشريد الملايين من اللاجئين، والأضرار التى لحقت بالعديد من الدول المجاورة وزعزعة الاستقرار فى الدول الأوروبية. 
***
يشير الكاتب إلى مقالة للدبلوماسى الهولندى والباحث «نيكولاس فان دام» ــ والذى كان يعمل كمبعوث هولندى خاص إلى سوريا فى عامى 2015 و2016 – والتى نشرت فى مجلة Foreign Policy، والتى تتناول الأخطاء التى وقع فيها الغرب فى سوريا.

يقول «نيكولاس فان دام» إنه إذا كان السياسيون الغربيون يتساءلون عن السبب وراء تحقيقهم القليل من أهدافهم فى سوريا، فعليهم أن يبدأوا بدراسة قراراتهم أولا، حيث كان نهج الغرب إزاء الانتفاضة السورية منذ البداية يسيطر عليه التفكير فيما يتمنوه وليس التفكير الواقعى».

ثم يذهب بالقول إلى أنه فى وقت مبكر من الصراع، كان معظم السياسيين الغربيين يصرون على فكرة أن الصراع لا يمكن حله إلا إذا تم الإطاحة ببشار الأسد من السلطة، كما افترض الكثيرون أن نهايته قريبة وأنه سوف يتم الإطاحة به قبل 2012. كما أنهم فشلوا فى تقدير قوة النظام السورى سواء كان بسبب سوء الفهم أو التفاؤل الذى كان فى غير محله، بالإضافة إلى ذلك تجاهلوا تطرف المعارضة والجهاديين. 

ويوجه الكاتب انتقادا لهذه المقالة قائلا: إن كل ما كتبه «فان دام» صحيحا، إلا أن تحليله فشل فى تفسير مرضٍ عن الأخطاء التى حدثت إزاء الأزمة السورية. كما أنه ذكر المساعدات الروسية والإيرانية للنظام الروسى لكنه لم يعطِ وزنا كافيا لحقيقة هذه المساعدات، حيث إنه بدون المساعدات التى تقدمها روسيا وإيران لنظام الأسد لهزم النظام فى معركته ضد المعارضة. 

كما أنه أغفل الحديث عن القرارات السياسية الرئيسية التى اتخذتها إدارتا «باراك اوباما» و«دونالد ترامب». بالنسبة لإدارة «أوباما»، فلقد أوضح «أوباما» أثناء مقابلته مع مجلة The Atlantic أنه اتخذ قرارا استراتيجيا بعدم المشاركة على نطاق واسع فى الأزمة السورية، ورفض السماح بإقامة منطقة حظر الطيران ومناطق آمنة فى سوريا. بالإضافة إلى ذلك تجاهلت تلك الإدارة استخدام النظام السورى للأسلحة الكيميائية ضد الشعب السورى، كما أنه سمح بمشاركة محدودة للولايات المتحدة فى الصراع ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

وبالنظر إلى إدارة «ترامب»، عندما تولى منصبه سمح بشن غارة أمريكية ضد السلاح الجوى السورى بعد استخدامه مرة أخرى للأسلحة الكيميائية ضد المدنيين. ولقد أسقطت القوات الأمريكية طائرة حربية سورية وطائرات بدون طيار إيرانية فى شرق سوريا، كما أنه يركز أيضا فى هذا الصراع على الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية. وعلاوة على ذلك، اعتبر قراره فى يوليو الماضى والذى يشمل «الحد من تقديم الدعم من قبل وكالة المخابرات المركزية للجماعات المعارضة السورية» هجوما على أى جهد جاد من أجل الوقوف على توطيد الهيمنة الروسية والإيرانية فى سوريا. وإن اتخاذ هذا القرار بعد وقت قصير من اجتماعه مع الرئيس الروسى «فلادمير بوتين» ــ على هامش اجتماع مجموعة العشرين ــ يدل على أن هذا القرار جزء من صفقة مع نظيره الروسى. 

***

فى الوقت الحالى هناك اهتمام كبير بالتطورات التى حدثت فى جنوب غرب سوريا، حيث إن كلا من إسرائيل والأردن قلقان بشأن الاستيلاء الإيرانى ــ من خلال وكلائها الشيعة ــ على عدد من المناطق القريبة من أراضيهما. وأن التزام روسيا بمراقبة هذه المنطقة كجزء من ترتيبات وقف إطلاق النار لا يخفف من حدتها. وفى أواخر أغسطس الماضى، قام رئيس الوزراء الإسرائيلى «بنيامين نتنياهو» بزيارة روسيا لتقاسم مخاوفه مع الرئيس الروسى «فلاديمير بوتين» إزاء الدور المتنامى لطهران فى سوريا، ولقد سربت الحكومة الروسية لوسائل الاعلام واصفة هذا الاجتماع بأن نتنياهو فشل فى مهمته.

يبدو أن الأوضاع فى سوريا مقلقة للغاية حيث لاتزال الجيوش الإيرانية والروسية حاضرة على الأراضى السورية، كما يبدو أن إيران تحافظ على سعيها للحصول على ممر برى للبحر الأبيض المتوسط والذى يربط بين إيران والمناطق الشيعية فى شمال العراق وسوريا ولبنان، بالإضافة إلى عدم قبول العديد من السوريين بنظام الأسد وبأنه رئيس شرعى للبلاد. 

ويضيف الكاتب أنه لا يمكن توقع الكثير من الدول المجاورة لسوريا؛ فيبدو أن تركيا تركز على القضية الكردية والتى تهدف إلى منع توطيد الحكم الذاتى الكردى والاستمرارية على حدودها. أما السعودية وغيرها من الدول السنية فمن المرجح أن يستمروا فى دعمهم للجماعات المعارضة الإسلامية، وبالنسبة لإسرائيل والأردن يركزان بشكل كبير على المناطق القريبة من حدودهما.

***

وفى الشهور الماضية، كانت هناك عدة مؤشرات على تصميم ترامب بتحجيم الدور الإيرانى فى المنطقة وخاصة فى سوريا، فأثناء زيارته للرياض استخدم خطابا قويا مناهضا لإيران، كما أنه شن غارة جوية ضد السلاح الجوى السورى والطائرات من دون طيار التى تستخدمها ميليشيات موالية للنظام الإيرانى كرد على استخدام النظام السورى للأسلحة الكيميائية. وسرعان ما تغيرت سياسة ترامب فى الأزمة السورية حيث تم التركيز على الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية فى شرق سوريا. ويبدو أنه غير مهتم بالاستيلاء الإيرانى على الكثير من الأقاليم السورية، ومن الملاحظ أنه توصل إلى تفاهم مع بوتين بشأن الأزمة السورية. 

وأخير يرى الكاتب أنه إذا استمر الأمر كذلك فى سوريا فإنه من المرجح أن تسود هيمنة روسية إيرانية على الوضع السورى، وأن كلا من الدول المجاورة مثل إسرائيل والإمارات والأردن والسعودية سوف تتخذ إجراءات من أجل حماية مصالحها. وحل هذه الأزمة يكون فى يد الولايات المتحدة الأمريكية وحدها من خلال اتخاذ إجراءات فعالة فى الساحة التى تلعب فيها روسيا دورا رئيسيا، ولكى تكون الولايات المتحدة وسيطا فعالا فى حل الازمة السورية فإنها تحتاج للاحتفاظ بتطوير جهودها على الأراضى السورية وخاصة شرق وجنوب سوريا. 

النص الأصلى 

 

التعليقات