حديثى مع الملك - خالد محمود - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 3:04 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حديثى مع الملك

نشر فى : الأربعاء 19 يناير 2011 - 9:53 ص | آخر تحديث : الأربعاء 19 يناير 2011 - 9:53 ص

 كم أسعدنى فوز الممثل البريطانى كولين فيرث بجائزة الجولدون جلوب كأفضل ممثل عن دوره فى فيلم «حديث الملك»، لأن الجائزة توجت ما شعرت به من روعة الأداء، التى ظهر بها فيرث وهو يجسد تلك الشخصية الصعبة، التى قاومت التلعثم والتهتهة.. قاومت الخوف من مواجهة الآخر فى ظروف عادية وغير عادية.. قاومت الإحساس بضآلة الذات وأنه من الصعب أن تكون شيئا مهما.

طوال مشاهدتى لـ«حديث الملك»، وأنا أشعر بعقدة هذا البطل وأزمته ــ رغم الفارق طبعا ــ هو يعد أن يكون ملكا، وأنا ما زلت أعد نفسى لمواجهة الحياة ومحاولة العيش، هو استطاع فى النهاية أن يفك العقدة، وأنا ما زلت غارقا فيها وبها
.
وفى دبى التقيت كولين فيرث فى الليلة التالية لعرض الفيلم، وقال لى: «نعم قدمت أصعب شخصية فى حياتى كممثل حتى الآن.. لكننى ما زلت أنتظر الأصعب» كانت الجملة مدهشة بالنسبة لى، فهو لا يخشى أداء الشخصيات الصعبة ويريد أن يصنع تاريخه كممثل، وهذا بالقطع تاريخا ليس سهلا. وقلت له: «لقد تأثرت كثيرا بأدائك لشخصية الأمير ألبرت، والذى صار لاحقا الملك جورج السادس، وأخبرته بأن مشاهد التلعثم والتهتهة كانت متعة للغاية، وإنه عبر أداء تلقائى ومفردات غارقة فى الإنسانية حفزنى أكثر على مواجهة الصعاب وأنه يمكننى أن أساهم فى تقرير مصيرى فى زمن أصبح الإنسان مسيرا أكثر مما هو مخير فى أمور حياته.

ضحك فيرث وربت بيده على كتفى وقال: «إن الحياة أيضا شريط سينما وحكاية لها بداية وعقدة ونهاية، ويمكنك أن تسهم فى ملامح هذه النهاية.. وربما يمكن أن تكون هذه النهاية هى البداية الحقيقية لهذه الحياة»، فبادرته سائلا: «هل يمكن أن يؤثر تجسيدك لمثل هذه الشخصية على حياتك ؟»، وقال: «لقد أثرت أنا على حياة الملك جعلته وكولين شخصية واحدة».

وبين حوارى مع كولين فى الواقع إلى الشخصية على الشاشة كانت بعض لقطات «حديث الملك» تحوم فى ذهنى فى اللحظة نفسها.. فالبرت أو جورج السادس الذى كان يخشى الحديث على الملأ، أمام أى جمع بسبب مشكلة تلعثمه فى الكلام، وقف أمام الجميع بعد أن توفى والده الملك وتنازل أخوه عن العرش ليدلى بخطاب حرج ومهم فى وقت تعانى فيه الأمة شبح الحرب العالمية.. وانفك اللسان بكلمات بدت ثقيلة ورصينة لكنه كان مشهدا عظيما، حينما حول طرد فيرث كل مفردات الأمير الخائف وحل بدلا منهل مشاعر وأحاسيس ومفردات ملك حقيقى لا يعانى شيئا. أيضا مشهده وهو يتدرب على يد أحد معالجى أمراض التخاطب، فتارة يبدو عاجزا بلا أمل فى الشفاء وتارة أخرى تجده منطلقا وقد شفى تماما.

كشف لى كولين فيرث كم عانى من هذا المشهد وكم كان مؤلما إعادة تصويره أكثر من مرة. لكننى أقول إنها المعاناة التى تقربك من لحظة التوهج، لحظة المسك بقبضة من حديد على الذات.. لحظة أن تكون.. أن تنجح وأن تحصد.

خالد محمود كاتب صحفي وناقد سينمائي
التعليقات