الرواية شبه الرسمية فى مقتل ريجينى - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الثلاثاء 27 مايو 2025 10:15 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

الرواية شبه الرسمية فى مقتل ريجينى

نشر فى : السبت 19 مارس 2016 - 10:40 م | آخر تحديث : السبت 19 مارس 2016 - 10:40 م
قبل ثلاثة اسابيع قابلت مسئولا مهما، وسألته: ما هو ردك على ما أثارته وسائل إعلام غربية بأن أجهزة الأمن المصرية متورطة فى مقتل باحث الدكتوراه الإيطالى باولو ريجينى الذى اختفى يوم ٢٥ يناير الماضى، ثم عثر على جثته بعدها بأسبوع؟!.

عندما سألت هذا السؤال، كان معى زميلان صحفيان بارزان، ورد المسئول الكبير قائلا:

«هل يعقل ان يرتكب جهاز أمنى مصرى هذه الفعلة الشنعاء، وهل المنطقى ــ إذا جنبنا كل العوامل الأخلاقية والإنسانية والقانونية ــ أن نعمل ضد انفسنا؟!.

أضاف: وزيرة التنمية الإيطالية كانت تزور القاهرة، ومعها رؤساء ستين شركة إيطالية كبرى، وجميعهم مهتمون بالاستثمار فى مصر، وكان الحديث معهم شديد الايجابية.

فجأة ــ يضيف المسئول ــ تظهر جثة ريجينى وعليها آثار تعذيب همجية بصورة تجعل الجميع يتعاطف مع الشاب، وفجأة أيضا ــ والحديث للمسئول الكبير ــ تبدأ بعض التسريبات عبر صحف بريطانية وأمريكية لا تكنُّ أى نوع من الود للحكومة المصرية، وجميعها يلمِّح إلى تورط الأجهزة الأمنية المصرية فى الحادث.

يضيف المسئول: إذا افترضنا أن جهة رسمية مصرية هى التى قتلته، فهل تفعل الأمر بالطريقة التى تمت بها، وكأنها تريد أن تفضح نفسها؟! ألم يكن ممكنا فى هذه الحالة ان تخفيه للابد، أو يكون الأمر بصورة أكثر احترافية، لا تثير أيا من الشكوك التى تركها القاتل الاصلى عمدا ليلصقها بالحكومة المصرية؟!.

فى رأى المسئول فإن القصة بكل تفاصيلها تشير إلى أن هناك من يحاول توريطنا بأى طريقة فى أزمة كبرى مع إيطاليا وكل أوروبا وإظهارنا وكأن مصر صارت غابة يتم فيها أى شىء، كما صرح الرئيس السيسى أخيرا.

فى تقدير المسئول أيضا فإن ما حدث مع الطائرة الروسية التى سقطت فوق سيناء، أدى إلى توجيه ضربة كبيرة للسياحة المصرية، بل ومحاولة إفساد العلاقات المصرية الروسية، والآن فإن «عملية روجينى» تهدف إلى توجيه ضربة إلى أقوى حليف أوروبى لمصر وهو إيطاليا، وبالتالى فالخطر من وجهة نظر المسئول المصرى هو ضرب كل مراكز القوة التى تعتمد عليها مصر داخليا وخارجيا، وهو مخطط صار واضحا لكل صاحب بصيرة.

هذا المسئول لا يستبعد تورط أجهزة مخابرات أجنبية عالمية وإقليمية فى الحادثين، عبر أدوات محلية مع استغلال بعض نقاط الضعف هنا او هناك. ويعتقد المسئول أن بعض الصحف الغربية تلعب دور رأس الحربة فى الهجوم الممنهج الذى تتعرض له مصر منذ ٣٠ يونيو، ويبدو جليا فى افتتاحيات هذه الصحف التى لا يمر أسبوع الا وهناك قصة معادية أو محرضة.

قال المسئول الكبير أيضا: إن التعاون بين المحققين المصريين والإيطاليين على أعلى مستوى فى هذا الحادث، الذى لم يؤثر حتى هذه اللحظة على العلاقات المتميزة بين البلدين فى مجالات متعددة، خصوصا موضوع الطاقة والتعاون ضد الإرهاب.
الجديد ان هناك تسريبات من داخل اجهزة التحقيق تقول إن ما قتل ريجينى ليس اشتغاله بالسياسة بل علاقاته النسائية المتشعبة، وإن أجهزة الأمن الإيطالية بدأت تتفهم ذلك.

عند هذه اللحظة سألت المسئول البارز: إذا كان كل ما تقوله صحيحا، فلماذا لم تقدموا للرأى العام وإيطاليا وكل العالم حقيقة ما حدث؟. فإذا تكلمنا عن مؤامرة داخلية صغرى أو خارجية كبرى، فعلينا أن نكشفها للناس، وألا نتصرف بالطريقة التى تصرفنا بها بعد سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء.او بالطريقة التى ذهب بها «فاعل الخير» إلى الشرطة ليقول لهم إنه شاهد ريجينى يتشاجر مع إيطالى آخر امام قنصلية بلاده بمنطفة وسط البلد، ثم ثبت أنه كان موجودا فى الشيخ زايد!!.

علينا ونحن نتحدث فى هذا الأمر ألا نستبعد أى احتمال، وفى المقابل، فإن العالم يريد معلومات محددة، حتى يتوقف النزيف الذى تتعرض له سمعتنا فى الخارج.

ليس مهمًا ما نعتقده عن أنفسنا، ولا يكفى أن يكون حديثنا طوال الوقت موجها للداخل وأن نستمر فى حالة الانكار، علينا أن نخاطب العالم باللغة التى يفهمها.

أتمنى من كل قلبى أن يكون كلام المسئول المصرى هو الصحيح فيما يتعلق بحادث مقتل ريجينى؛ لأنه لو ثبت العكس ــ لا قدر الله ــ فإننا سنكون قد خسرنا الكثير على جميع الأصعدة، ونكون وقتها قد وقعنا فى المصيدة فعلا.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي