** تشرفت بالمشاركة فى ندوة «الرياضة والأمن القومى العربى، وتعزيز الانتماء عند الشباب». وذلك فى المنتدى الأول للعاملين بوزارات الشباب والرياضة والعرب. الندوة نظمها المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية تحت رعاية الجامعة العربية ووزارة الشباب والرياضة المصرية. وشارك بها العديد من الخبراء والمتحدثين العرب عبر تقنية الفيديو.
** العلاقة مباشرة بين الأمن القومى العربى وبين الرياضة التى تعد قوة ناعمة مؤثرة للغاية فى الإقليم وفى العالم. وقدأفاض السادة المتحدثون فى شرح معنى الأمن القومى لأى دولة ومستواه ونطاقه، وهو مفهوم قديم، وفقا لتعريفه حيث يعكس قدرة الدّولة على تأمين استمرار أساس قوّتها الدّاخلية والخارجية، والعسكريّة والاقتصاديّة فى مُختلف مناحى الحياة لمواجهة الأخطار التى تهدّدها من الدّاخل والخارج، وفى حالة الحرب والسِّلم على حدٍّ سواء.
** ولا شك أن تنظيم الأحداث الرياضية، وتحقيق الانتصارات فى مجالات الرياضة بشتى أنواعها، يعزز فكرة قوة الدولة، اقتصاديا وحضاريا، وتكنولوجيا، ويشير إلى قدرتها على الإدارة. كما أن الأحداث الرياضية العالمية الكبرى تساهم فى تغيير الصورة الذهنية عنها، كما حدث على سبيل المثال عندما نظمت روسيا كأس العالم 2018، فعاد الآلاف من زائريها القادمين من دول غربية وهم يتحدثون عن روسيا التى عرفوها عن قرب وكم هى مدهشة. كذلك يمكن أن يؤثر إيجابيا تنظيم دولة ما لبطولة قارية أو عالمية فى محيطها، وفى شعوب العالم أيضا كما كان تأثير تنظيم مصر لكأس الأمم الإفريقية عام 2019، حين أخذ الأفارقة يطلقون عبارات الإعجاب المباشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعى أثناء حفل الافتتاح المبهر، مثل: «فخورون بك يا مصر . فخورون أننا أفارقة». «عاشت إفريقيا».
** وفيما يتعلق بالانتماء، فإن شعوب العالم لا تخرج بالملايين إلى الشوارع والميادين إلا لسببين. الأول هو تغيير أو تأييد واقع سياسى. والثانى هو الاحتفال بالانتصارات الرياضية ولا سيما فى كرة القدم اللعبة الشعبية الأولى. ودون ذلك لا تخرج الشعوب بالملايين لأى سبب آخر، وذلك تحديدا منذ الثورة البرتقالية فى شرق أوروبا بالقرن الماضى. وهذا الأمر يسير على كل شعوب العالم بما فيها اليابان وكوريا وألمانيا وإنجلترا وفرنسا، وقد شاهدنا كيف خرجت فرنسا فى الشانزليزيه يوم فاز منتخبها بكأس العالم 1998. وكيف تقدم رئيس جمهوريتها صور الفرحة بالانتصار ومظاهرها.
** هذا يعكس انتماء الشباب والمواطن وتفريغ طاقة هذا الانتماء للأوطان فى الانتصارات الرياضية والأحداث الكبرى. بعد أن باتت الرياضة مشروعا حضاريا كبيرا ومؤثرا فى الشباب وفى الشعوب، مع التطور المذهل فى الاتصالات والتواصل، فلا يوجد حدث فى الكوكب لا يراه سكانه فى لحظتها. وهنا قد يختلف الأمر بين أجيال سابقة عاشت حياتها محاطة بأسوار تكنولوجية تمنع التواصل وبين أجيال تعيش الآن لحظات الاتصال المباشر وتقارن بين ما تراه وما يبهرها من أحداث رياضية بما تعيشه فى دوائرها ودولها. وهو تأثير خطير على أفكار الشباب والأجيال الجديدة التى تختصر صورة الدولة الحضارية فى الأحداث الرياضية والمباريات المحلية والعالمية التى تنظمها الدولة أو هيئاتها الرياضية الأهلية.
** وليس تبسيطا أن يكون البريميرليج، الدورى الإنجليزى، من مظاهر القوة الناعمة لبريطانيا، بجانب ما يمثله من دعم للاقتصاد، والأمر كذلك للدوريات الأوروبية الكبرى فى كرة القدم، إسبانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا. تماما كما كانت البرازيل القوة الناعمة التى بهرت العالم فى القرن العشرين بكرة القدم. خاصة أن اللعبة وأن الرياضة نشاط سريع الانتشار، وعريض المشاهدة. حيث يشاهد مباريات كأس العالم أو الدورات الأوليمبية المليارات من سكان الكوكب. ولا يوجد نشاط إنسانى آخر يحقق هذا الانتشار بالمشاهدة عبر البث المباشر مثل النشاط الرياضى.
** الأمة العربية فى أشد الحاجة إلى الاهتمام بتنظيم الأحداث الرياضية وتكرارها بين الشباب العربى، كى يتوحد هذا الشباب بمرور الوقت ويتحد فى شعوره بأنه ابن لإقليم واحد بالفعل وباللقاء، وبالمشاركة، وليس بالكلام وبالنظريات، فالرياضة أقصر طريق للقاءات الشعوب، وإذا كان ذلك يحدث فى الدورات الأوليمبية وبطولات كأس العالم بين شعوب مختلفة الأفكار والثقافات والأديان والأيديولوجيات، فهو وواجب وهدف بين الشعوب العربية.