الكتلة الثالثة.. حديث التقدم - سامح فوزي - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 11:33 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الكتلة الثالثة.. حديث التقدم

نشر فى : الأربعاء 20 نوفمبر 2013 - 7:00 ص | آخر تحديث : الأربعاء 20 نوفمبر 2013 - 7:00 ص

منذ ثلاثة أسابيع كتبت فى هذه الزاوية عن أهمية ظهور «الكتلة الثالثة»، وذكرت أنها تلك الشريحة من العقول المثقفة، والنخب السياسية، التى تمارس وعيا نقديا، وتقدم قراءة ترتبط فى الأساس ببناء الدولة المصرية أكثر ما تصطدم بالاستقطاب السائد. كثير من المثقفين والنشطاء تحدث معى فى شأن هذه الفكرة، مرحبا وداعما. وهو ما يدفعنى لمواصلة الحديث بشأنها.

ما تحتاج إليه مصر الآن هو ظهور نخبة من المثقفين، وطبقة من الساسة تسعى لإعادة بناء الدولة المصرية على أسس ديمقراطية وتنموية، وهو ما يقتضى بالضرورة أن يكون لها رأى لن يعجب فى مجمله جانبى الاستقطاب السياسى الراهن. بالتأكيد فإن الحديث الجدى عن عملية بناء الدولة لم يصل إلى كثير من المنافذ الإعلامية، والدليل على ذلك أن النظام السياسى تغير فى 30 يونيو، ولكن لم يواكب ذلك نقاشات تدل على أن التغيير حدث بالفعل. ما أعنيه أن الحديث عن الرئيس السابق وجماعته يحتل الجانب الأكبر من النقاش الإعلامى فى حين أن الأفكار التى ينبغى أن تطرح فى بناء الدولة فى جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية غير موجودة، أو على أحسن تقدير محدودة. هذا الاهتمام المكثف بالإخوان المسلمين، رغم أنهم ليسوا فى الحكم، وغالبية القيادات خلف القضبان، تسبب فى إيجاد تساؤلات لدى المواطن الذى لا يزال يرى تلال القمامة فى الشارع، ومشكلات «أنابيب البوتجاز»، وارتفاع الأسعار. مثال على ذلك اهتمام الإعلام بما حدث للسيدة المصرية الفاضلة التى نالت «صفعة» على وجهها من شاب معدوم الإحساس، وهو أمر مشين بالفعل، لكنه لم يسلط الضوء على كيفية الخروج من براثن الحياة البائسة، التى تعيشها هذه السيدة، ومئات الآلاف مثلها. الفقر يسدد صفعات كل لحظة على وجه الملايين من المصريين. هل كل السيدات التى ترزحن تحت وطأة الفقر والحاجة ينتظرن صفعات مماثلة حتى تحدث لهن طفرة اجتماعية وإنسانية؟ هنا ينبغى أن تتغير بوصلة النقاش، أى الخروج من العرض إلى المرض، ونرى خطط وبرامج تنموية، وأفكار ورؤى تغير واقع المصريين.

المجتمع يريد حديثا مختلفا. ألمح تغيرا مثلا فى نبرة حديث الناس المباشر على برامج «راديو مصر»، حيث أصبحت تقل كثافة الحديث عن «نحن فى مواجهة الإخوان» إلى «نحن فى مواجهة غياب العدالة الاجتماعية» يعنى ذلك أن المواطن يتطلع إلى الملفات الأساسية: الحقوق والحريات، العدالة الاجتماعية، الديمقراطية، وجميعها فى صميم بناء الدولة الحديثة.

دور الكتلة الثالثة أن تطرح الأفكار التى تتعلق ببناء الدولة المصرية، الديمقراطية والتنموية، للنقاش، والتأمل والحوار، بعيدا عن الاستقطاب، والأجندات المتصارعة، وتجمع كل أبناء المجتمع المصرى فى حوار حولها بعيدا عن التصنيفات الجاهزة. هكذا يُصنع التقدم حين يصبح حديث التقدم ثقافة، وحوار، وممارسة، وتنشغل القوى السياسية والحزبية بإدارة نقاش حول مستقبل هذا البلد، وليس توزيع المغانم فيه. وهناك تعبير مهم ذكره «فرنسيس فوكوياما» عندما تحدث عن إعادة بناء الدولة فى اليابان بعد الحرب العالمية الثانية، مؤكدا أنها لم تبن بالمال وحده، ولكن بالقيادات التى تولت المواقع العامة، وبالثقافة التى انتشرت بين المواطنين.

سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات