ليس هذا (دس السم فى العسل) بل تلطيخ كبسولات من المواد السامة بالسكر الكيماوى - أهداف سويف - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 4:24 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ليس هذا (دس السم فى العسل) بل تلطيخ كبسولات من المواد السامة بالسكر الكيماوى

نشر فى : السبت 21 مايو 2011 - 9:00 ص | آخر تحديث : السبت 21 مايو 2011 - 9:00 ص

 وضع السيد أوباما أمام العالم قائمة بما يراه «المصالح الجوهرية» لبلاده فى بلادى ومنطقتى، وقائمة بـ«المبادئ الجوهرية» لبلاده التى ستحكم تصرفاتها نحونا، ووصفا للسياسات التى ينوى اتباعها لدفع هذه المصالح الجوهرية فى إطار تلك المبادئ الجوهرية.

ولنترجم ما يصفه الرئيس الأمريكى بـ«المصالح الجوهرية لبلاده فى المنطقة» إلى أثرها على أرض الواقع:

«مكافحة الإرهاب» ورطت (على الأقل) مصر، وسوريا، والأردن، فى برنامج الولايات المتحدة لنقل الشباب المسلم المحتجز تحت شبهة الإرهاب إلى بلاد يتم تعذيبهم فيها على الرغم من القانون، فجعلت من حكومات هذه الدول جلادين أجراء، وكرست ثقافة هيمنة أجهزة الأمن وتوحشها، وهى ذات الثقافة التى التى تقتل المتظاهرين فى الشوارع السورية اليوم، والتى مازالت تشكل جزءا أساسيا من القوى الفاعلة المضادة للثورة فى مصر.

«الحد من انتشار الأسلحة النووية» يبرز على نحو مستمر نفاق الولايات المتحدة، وجنوحها للكيل بمكيالين، فبينما يغتال علماء الذرة العرب، وتهدد الولايات المتحدة إيران وتتوعدها، تهنأ إسرائيل بتنمية وتطوير ترسانتها من الأسلحة النووية السرية.

أما «تأمين التدفق الحر للتجارة» فكان يعنى إرغامنا على ابتلاع نوع شديد القسوة من الرأسمالية غير الأمينة، رشوة الحكومة بتحفيزها لبيع الأصول المملوكة للوطن، وابتزازنا للدخول فى شراكات واتفاقات ضارة بنا.

وبالطبع فقد أدت «مساندة إسرائيل» إلى سرقة الأكثر والأكثر من الأراضى والعقار والمياه والأمل من الفلسطينيين، بينما تلعب مصر دور السجان والوسيط غير الشريف فى القضية الفلسطينية، فتفقد مصداقيتها بل واحترامها لذاتها.

وتحت يد باراك أوباما كل المعلومات التى تشير إليها الكلمات الـ١٦١ أعلاه. فهو يعلم أن تفانى حسنى مبارك فى تحقيق الـ«مصالح الجوهرية» للولايات المتحدة فى المنطقة هو بالضبط ما دفع الملايين المصرية للمطالبة برحيله، وما جعل التحرير يعلنه «عميل أمريكا وإسرائيل»، وما يضعه اليوم فى موضع الحبس والمساءلة.

وليس اللوم كله على أمريكا: كان النظام المصرى ضعيفا أمام الإغراءات، ثم صار متورطا، ثم مساهما بشكل فاعل وراغب، يبحث وينقب بمثابرة وابتكار عما يخدم المصالح الأمريكية الإسرائيلية، ويدمرنا. لكننا تخلصنا منه، بثورة سلمية، مباركة، حافظت دائما على حدود القانون والإنسانية. تـ خـ لـ صـ نـ ا مـ نــ ه.

فحين يصر السيد أوباما «سنستمر فى القيام بهذه الأشياء»، أى الأشياء الموصوفة عاليه، فهذا ضرب من التحدى، أما حين يضيف «مع إيماننا الراسخ بأن المصالح الأمريكية ليست مضادة لآمال الشعوب، بل هى عامل أساسى لها»، فهذا تضليل صريح ومهين؛ مهين لكل مواطنى العالم ــ بما فى ذلك الملايين فى أمريكا ــ الذين تماهوا مع ثوراتنا، وحرصوا عليها ورافقوها بالأمل.

وهو ينوى الاستمرار فى «القيام بهذه الأشياء» عن طريق نفس السياسات التى أدت بنا إلى ما نحن عليه: مشروعات وعقود لشركات أمريكية يتم تمويلها عن طريق تحميل مصر بالديون، ثم الديون، ثم مخططات جديدة من البنك الدولى وصندوق النقد العالمى، ثم زجنا إلى سياسات من شأنها تفضيل مفاهيم الـ«نمو» الاقتصادى، والسوق «الحرة» على التنمية الحقيقية الذاتية المستدامة والقضايا المحورية مثل قضية الأمن الغذائى أو تأمين المياه. ليس هذا ما نريده.

إذا كان السيد أوباما جادا فى زعمه ان أمريكا سوف تساند حق تقرير المصير وحقوق الإنسان فى منطقتنا فها هى قائمة ببعض المبادرات المفيدة التى يمكنه القيام بها:

رفع الحظر الذى تضعه وزارة الخارجية الأمريكية الآن على السفر إلى مصر.

تحفيز سياحة الأمريكيين إلى مصر وتونس عن طريق الإعفاءات الضريبية.

إعفاء الصادرات المصرية (إلى أمريكا) من الجمارك لفترة معلومة.

البحث عن أموالنا المنهوبة والتحفظ عليها لحين تسليمها إلى حكومة مصرية منتخبة.

تنظيم صناعة الـ«أمن» فى أمريكا بحيث لا تسمح بإفراز أمثال إريك برنس، صاحب شركة بلاك ووتر لتوريد الجنود المرتزقة.

وقف جميع المعونات لمصر ولإسرائيل.

سد الثغرات الضريبية التى تشجع المواطنين الأمريكيين على تمويل بناء المستوطنات فى إسرائيل.

حث إسرائيل على الكشف عن أنشطتها النووية والتعامل فى هذا المجال بشكل قانونى.

وفى النهاية، فثوراتنا ليست لأمريكا أو بأمريكا أو عن أمريكا. نحن، فى تونس، ومصر، وقريبا فى ليبيا وسوريا واليمن، نبحث عن الأفكار والنظم التى تمكننا من أن ندير بلادنا بما فيه مصلحة ملاييننا، ومصلحة العالم. ونرى أن الديمقراطية عامل أساسى فى هذا، لكن الديمقراطية وحدها لا تكفى. نرى النظم الـ«ديمقراطية» تخذل شعوبها، فى بريطانيا، فى الهند، فى الولايات المتحدة، يغرق الملايين فى العوز والدين، وتبدى الدولة المصارف على الجامعات والمستشفيات، وتلوث البيئة وتدمر، ويتحلل المجتمع بروابطه، ويكرس الإعلام منظومة الزيف، وتمر أمامنا منوعات الفضائح الساسية المالية الواحدة تلو الأخرى.

ليس هذا ما نريده. العالم بحاجة إلى ما هو أفضل. وهو ما نعمل هنا، فى بلادنا، من أجل استشفافه، ثم بلوغه.

التعليقات