هل نحن فى تونس أم فى «تونستان»؟ - امال قرامى - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 6:25 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل نحن فى تونس أم فى «تونستان»؟

نشر فى : الثلاثاء 22 يناير 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 22 يناير 2013 - 8:00 ص

لسنا من هوّاة ترويج الشائعات أو «الفزّاعات».. فذاك مسلك قد اختاره من يصر على أن لا يرى إلا النصف الفارغ من الكأس، ولسنا من المولعين برصد الفضائح.. فذاك منهج من يروم شيطنة الخصم وتجريده من كل الفضائل. ولكن ما تشهده تونس خلال هذه السنة من أحداث تتواتر بنسق سريع يسترعى الانتباه، خاصة إذا تكررت أو اتخذت مسارا تصاعديا بسبب عجز الحكومة عن التصدى للانتهاكات والاعتداءات من جهة، واختيارها الصمت والتقليل من شأن الخروقات من جهة أخرى.

 

•••

 

وحتى لا نتهم بالتجنى سنعرض بعض الأمثلة: عشرات الاعتداءات على أضرحة الأولياء الصالحين فى كل ربوع البلاد بدعوى مقاومة مظاهر الشرك، وانتشار ظاهرة الزواج العرفى، ودعوات «جمعية الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فى ثوبها الجديد: «الجمعية الوسطية للتوعية والإصلاح» يوم 14 يناير 2013، بالفصل بين الجنسين فى المؤسسات التعليمية، وبمراجعة مجلة الأحوال الشخصية وقانون 1956 الذى يمنع تعدّد الزوجات، لاسيما بعد ارتفاع أصوات نسائية تنادى بهذا المطلب و«كل امرأة تحترم نفسها وتحترم دينها ستوافق بالضرورة على تعدد الزوجات» حسب رئيس الجمعية الذى يرى أن هذه المطالب هى من بين أولويات المرحلة الانتقالية، فضلا على رغبة مجموعة فى فرض «الطب الحلال»  بعدم كشف الأطباء الرجال على النساء فى مستشفى بصفاقس، زد على ذلك مقاضاة شابين بدعوى الاعتداء بالفاحشة بسبب قبلة فى الطريق العام، ومنع عرض شريط سينمائى فى جزيرة جربة لأنه ينتقد حزب النهضة، وتقسيم التعويض وجبر الضرر لعائلات الشهداء وفق الشريعة «للذكر مثل حظ الانثيين»، وتوجه جحافل من الشبان التونسيين للمساهمة فى الجهاد فى سوريا ومالى وغيرها من الأحداث التى تجعل عددا من التونسيين يرددون بعد كل خبر: إن البلاد «تتصومل» أو «تتأفغن» بل إنها لعمرى «تونستان».

 

•••

 

لا شك أن مسار التحول نحو الديمقراطية عسير وطويل، تنتشر فيه الفوضى المادية وكذلك فوضى المفاهيم والدلالات والأنساق والخطابات، وتكثر فيه «الانفلاتات» الأمنية و«الفلتات» السياسية والأخلاقية، لكن ثمة قناعة بأن الذى سقط هو رأس النظام فمؤسسات الدولة لم تنهر وإنما حققت الاستمرارية ورعت مصالح الناس.

 

بيد أن الذى نعيشه اليوم يفترض أننا إزاء محاولات للانقضاض على مفاصل الدولة بغية تحويلها من دولة المؤسسات والقانون إلى دولة الحزب الحاكم الذى يريد فرض مشروعه المجتمعى على حساب المختلفين معه. فهل أن مرحلة التمكن من الحكم أغرت «الأغلبية» بتحقيق أحلامها المنشودة؟ هل ما يعيشه التونسيون تحالفا بين توجهات أيديولوجية مختلفة ظاهرا ولكنها متفقة حول مشروع مستقبل تونس؟ هل هى موازين القوى التى تفرض التراجع عن الوعود والتنكّر للمشاريع؟

 

•••

 

ونذهب إلى أن خطاب «الطمأنة» الذى ساد فى المرحلة الانتخابية قبل 23 أكتوبر قد اهترأ وما عاد يقنع. فقد أدرك التونسيون أن نمط عيشهم يتغيّر شيئا فشيئا بالقوّة وعلى أرض الواقع، وأن سياسة توسيع دوائر الخوف قد جعلت فئات من التونسيين» تنضبط»، وانتبهت مختلف مكونات المجتمع التونسى إلى أن الانتهاكات تشير إلى «أسلمة» قسرية تهدد مدنية الدولة وأنّه يتعيّن عليهم المقاومة. فهذه النسخة الثانية من مسودة الدستور تتوشّى بمضامين تُبعدها عن مرجعيّة كونية حقوق الإنسان وتدفعها نحو التأقلم مع المنظور الإسلامى وذلك من خلال بعض المواد المدرجة. ومع ذلك تزداد ثقة التونسيين فى دور مختلف للجمعيات والمنظمات والإعلام.. فى التصدّى لهذا الانزياح والخروج عن المسار بدقّ نواقيس الخطر وبالضغط وبالمقاومة.

 

 

 

 

أستاذة بالجامعة التونسية

التعليقات