اليوم العالمي للمياه - عمرو وجدي - بوابة الشروق
الثلاثاء 14 مايو 2024 8:44 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

اليوم العالمي للمياه

نشر فى : الأربعاء 22 مارس 2023 - 7:15 م | آخر تحديث : الأربعاء 22 مارس 2023 - 7:15 م

يحتفل العالم سنويا باليوم العالمى للمياه فى الثانى والعشرين من مارس من كل عام، وذلك بهدف التركيز على أهمية المياه العذبة والصالحة للشرب والتى يتعذر حصول ما يزيد على مليارى شخص حول العالم عليها. ويعكس اهتمام المجتمع الدولى ووعيه المتنامى بقضية المياه أهميتها فى تحقيق السلام والأمن لاسيما المياه العابرة للحدود، فضلا عن أثر المياه فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وفى الوقت الذى يزداد فيه تعداد سكان العالم، تزداد الحاجة إلى خلق توازن بين زيادة الطلب على المياه ونقص موارد المياه العذبة بفعل تحديات شتى.
لقد تضمنت العديد من الاتفاقيات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان الحق فى الحصول على مياه شرب نظيفة ونقية ومأمونة، ومنها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقية حقوق الطفل، واتفاقية حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة، والميثاق الأفريقى لحقوق الطفل ورفاهيته، والميثاق العربى لحقوق الإنسان.
وبالرغم من أن العهد الدولى الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لم يتضمن النص صراحة على الحق فى المياه، إلا أن لجنة الأمم المتحدة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفى إطار ولايتها لتفسير أحكام العهد اعتمدت فى عام 2002 (التعليق العام رقم 15) بشأن الحق فى المياه، والتى أكدت فيه أن المياه مورد طبيعى محدود، وسلعة عامة أساسية للحياة والصحة، وحق الإنسان فى المياه هو حق لا يمكن الاستغناء عنه للعيش عيشة كريمة، وهو شرط مسبق لإعمال حقوق الإنسان الأخرى. واعتبرت أن استمرار تلوث المياه واستنفادها وتوزيعها بصورة غير عادلة يؤدى إلى تفاقم الفقر.
وقد أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة حق الإنسان فى الحصول على كفايته من المياه للاستخدام الشخصى والمنزلى (ما بين 50 و100 لتر لكل فرد يوميا) ، على أن تكون تلك المياه مأمونة وبأثمان معقولة، بحيث لا ينبغى أن تزيد كلفة المياه عن 3 % من مجمل الدخل الأسرى، وأن تكون متاحة مكانا (ألا تبعد أكثر من 1000 متر من المنزل) وزمانا (ألا يستغرق الحصول عليها أكثر من 30 دقيقة) .
كما أكد مقرر الأمم المتحدة الخاص المعنى بالحق فى الحصول على مياه الشرب المأمونة وخدمات الصرف الصحى أن المشروعات الضخمة يمكن أن تسهم فى تحسين سبل عيش الناس ولكنها قد تعوق أيضا التمتع بحقوق الإنسان فى الحصول على المياه، وأنه لابد من وجود اتفاقيات تكفل الإدارة الرشيدة لأحواض الأنهار العابرة للحدود، وأن استخدام البشر للمياه له أولوية على الاستخدامات الأخرى. كما أكد أن الدول عليها الالتزامات بضمان عدم تأثير أى أنشطة مضطلع بها فى إقليمها على القدرة على إعمال حق الأشخاص فى دول أخرى فى الحصول على المياه.
وتوقعت الأمم المتحدة أن يعيش 1.8 مليار شخص حول العالم فى ندرة مطلقة فى المياه بحلول عام 2025، ليس فقط نتيجة لتغير المناخ، بل نتيجة للاستهلاك غير الرشيد للموارد المائية المتاحة ونقص التقنيات المستدامة. وأكدت أنه لضمان حصول الجميع على مياه الشرب المأمونة بحلول عام 2030، وتنفيذ الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة وهو ضمان توفير المياه وخدمات الصرف الصحى للجميع، فإن ذلك يتطلب زيادة الاستثمارات فى البنية التحتية، وتوفير مرافق الصرف الصحى، وتشجيع النظافة الصحية على جميع المستويات.
• • •
تعتبر مصر، بحكم وجودها داخل حزام المناطق الجافة، شديدة الحساسية تجاه مواردها المائية المحدودة والواردة من خارج حدودها الجغرافية، حيث تعتمد مصر على نهر النيل كمصدر رئيسى للمياه بينما المتاح من المصادر الأخرى لا يتعدى 7% فقط من هذه الموارد. وتتمثل الموارد المائية التقليدية المتوفرة فى حصة مصر من مياه النيل والتى تبلغ 55.5 مليار متر مكعب سنويا، إلى جانب كميات من مياه الأمطار والسيول والمياه الجوفية العميقة فى الصحراء الغربية والشرقية وفى سيناء، وهى موارد غير متجددة تقريبا ويمكن تخطيط استغلالها لفترات زمنية طويلة حسب الظروف التنموية ومدى الحاجة لمياهها.
وأخيرا تمثل التحلية موردا مائيا يمكن استغلاله فى توفير مياه الشرب للمدن القريبة من شواطئ مصر الممتدة شرقا وشمالا وأيضا من بعض الأحواض الجوفية ذات المياه الضاربة للملوحة. أما موارد المياه غير التقليدية فتشمل إعادة استخدام نواتج استخدامات الزراعة والسكان والصناعة من مياه صرف زراعى وصحى وصناعى، واستغلال المخزون الجوفى الضحل فى الدلتا والوادى والذى تأتى مياهه من تسرب المياه من النيل أو من الترع ومياه الزراعة.
ويعتبر النمو السكانى المتزايد وارتفاع مستوى المعيشة من التحديات الرئيسية التى تواجه مصر حاليا والتى تؤدى إلى زيادة الاحتياجات المائية لكافة القطاعات المستخدمة للمياه.
وتؤدى الزيادة السكانية إلى اتساع الفجوة الغذائية مما يتطلب زيادة الرقعة الزراعية وبالتالى زيادة الاحتياجات المائية الزراعية. كما تؤدى أيضا لزيادة فرص تلوث المجارى المائية مما يؤثر على استعمالات المياه فى بعض المجالات، فضلا عن التغييرات المناخية التى يمكن أن تؤثر على كل من إيراد النيل وعلى الاحتياجات المائية داخل البلد وخاصة الاحتياجات الزراعية.
ويصنف خبراء الموارد المائية نظام الموارد المائية بمصر على أنه نظام شبه مغلق تعتمد إداراته على إعادة استخدام موارده المائية غير التقليدية مرات عديدة، مما قد يتسبب فى تدنى نوعية هذه الموارد على المدى المتوسط والبعيد فى حالة عدم معالجتها وتنقيتها بالطرق المناسبة قبل إعادة استخدامها، وبالتالى يشكل التلوث البيئى وتدهور نوعية المياه أحد التحديات الرئيسية التى يجب التعامل معها والتى تؤثر على الصحة العامة وتحد من إعادة الاستخدام الآمن للموارد المائية.
وأطلقت مصر فى عام 2020 استراتيجية لإدارة الموارد المائية حتى عام 2050، ترتكز على التحليل الدقيق لكافة عناصر الموارد المائية والتى تشمل الجوانب المناخية والهيدرولوجية والبيئية الذى تتفاعل فيه هذه العناصر جميعا، وتلقى الضوء على المتغيرات المتوقعة مستقبلا فيما يخص الموارد المائية وإدارتها بهدف الوفاء بالمتطلبات الأساسية للبلاد فى ظل التحديات السابق الإشارة إليها.
كذلك تتضمن الاستراتيجية الوطنية لحقوق الانسان التى تم إطلاقها فى عام 2021 تأكيدات واضحة على الحق فى مياه الشرب الآمنة والصرف الصحى انطلاقا من كفالة الدستور لحق كل مواطن ومواطنة فى ماء نظيف، والتزام الدولة بمد الأراضى بالمرافق الأساسية فى إطار تخطيط عمرانى شامل للمدن والقرى بما يحقق الصالح العام، ويسهم فى تحسين نوعية الحياة للمواطنين والمواطنات، ويحفظ حقوق الأجيال القادمة. وتستهدف الاسترتيجية رفع متوسط توافر مياه الشرب الآمنة للسكان، ورفع جودة مياه الشرب، وزيادة عدد محطات تحلية المياه، ورفع معدل إنتاج المياه الجوفية بما لا يخل باستدامة الخزان الجوفى، وتقليل الفاقد من المياه.
• • •
إن المياه هى جزء رئيسى من الحياة اليومية للبشر وأساس تحقيق النمو الشامل، ويعتبر اليوم العالمى للمياه فرصة لإدراك قيمتها، والتأكيد على الحاجة إلى أهمية تضافر الجهود لمواجهة تحديات الوصول الموثوق إليها، وكذلك إدارة الأخطار الأخرى المتعلقة بها من أجل صحة أفضل ومعيشة وازدهار اقتصادى للجميع. كما أن هناك حاجة أيضا إلى مزيد من التعاون على المستوى الدولى لتشجيع كفاءة استخدام المياه ودعم تكنولوجيات المعالجة فى البلدان النامية.

عمرو وجدي باحث فى مجال حقوق الإنسان
التعليقات