التنافس الروسى الصينى موجود.. ولكنهما ليسا خصمين - العالم يفكر - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 1:15 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

التنافس الروسى الصينى موجود.. ولكنهما ليسا خصمين

نشر فى : الثلاثاء 22 يونيو 2021 - 8:20 م | آخر تحديث : الثلاثاء 22 يونيو 2021 - 8:20 م
نشر مركز تحليل السياسة الأوروبية مقالا للكاتب إميل أفداليانى تناول فيه التنافس الاقتصادى والتجارى بين الصين وروسيا فى منطقة جنوب شرق آسيا، ويرى الكاتب أن هذا التنافس لا يعنى أن هناك إمكانية لنشوب صراع بين القوتين وعلى الغرب أن يغير من نظرته للمنطقة... نعرض منه ما يلى:
الشهر الماضى، استضاف وزير خارجية الصين «وانغ يى» اجتماع وزراء خارجية دول آسيا الوسطى (كازاخستان وأوزبكستان وقيرغيزستان وتركمانستان وطاجيكستان) فى مدينة شيان الصينية. هذا هو الاجتماع الثانى من نوعه الذى يركز بالأساس على القضايا الجيوسياسية. يشير هذا الاجتماع إلى عدم اهتمام الصين بما تعتبره روسيا مصالحها الاقتصادية والسياسية الحيوية فى المنطقة. على رأس جدول الأعمال كانت أفغانستان، حيث تخشى الصين من التأثيرات المحتملة على المنطقة من انسحاب القوات الأمريكية والقوات المتحالفة معها من أفغانستان فى سبتمبر القادم.
ومع ذلك، فإن القضية المركزية فى المشهد الجيوسياسى المتغير فى آسيا الوسطى هى الاقتصاد والتجارة. وعدت الصين بتنفيذ عدد من المشاريع الجديدة وتم التعهد بزيادة التعاون فى مجالات الزراعة والصحة والتعليم والتجارة والطاقة والنقل وحتى فى مجال الآثار. الأهم فى ذلك أن الصين تعهدت بمساعدة قيرغيزستان على تخفيف تراكم ديونها وضغطت عليها للموافقة على إنشاء خط سكة حديد يربط الصين بأوزبكستان وهو ما سيكون له دورا فى ربط الصين بالشرق الأوسط وجنوب القوقاز. تعرقل إنشاء المشروع أكثر من مرة، وهو ما يمكن إرجاعه جزئيا إلى المشكلات الاقتصادية والسياسية فى قيرغيزستان، ويمكن إلقاء جزء من المسئولية أيضا على روسيا، فروسيا تتخوف من أن يحول الممر جزء كبير من التجارة بعيدا عن خطوط سككها الحديدية، فكل اتفاقية اقتصادية تجعل المنطقة أكثر ارتباطا بالصين.
لقد أدركت الصين أن مؤتمرات القمة الكبيرة غالبا ما تفشل فى تحقيق النتائج المتوقعة، وهى تفضل الآن الاجتماعات الصغيرة. ففى الاجتماعات الصغيرة تصبح الصين هى القوة الأكبر فى الغرفة، وتستطيع بسهولة الهيمنة على جدول الأعمال والنتائج.
بطبيعة الحال، هذه التطورات لها تأثير كبير على روسيا، صاحبة النفوذ التقليدى فى وسط آسيا، ويجعلها تتساءل عما إذا كانت قواها تضعف فى المنطقة. من المؤكد أنها تحتفظ بقدرات عسكرية كبيرة من خلال قواعد فى طاجيكستان وقيرغيزستان، وتعاون عسكرى غير منتظم مع دول المنطقة الأخرى. تعد روسيا أيضا لاعبا اقتصاديا قويا؛ فهى شريك تجارى رئيسى للدول الخمس، ومصدر حيوى للاستثمار، ومصدر مهم للتحويلات من العمال المهاجرين من آسيا الوسطى. علاوة على ذلك، روسيا لديها مبادرات أمنية واقتصادية مشتركة فى المنطقة مثل الاتحاد الاقتصادى الأوراسى ومنظمة معاهدة الأمن الجماعى، والمنطقة قريبة ثقافيا من روسيا مع وجود اللغة الروسية كلغة مشتركة.
لقد استهدفت الصين كل مجال من مجالات النفوذ الروسى، وسيكون من المفاجئ ألا تتسبب هذه التطورات فى نشوب أحقاد بين الجانبين. بالتأكيد، هناك رواية متصاعدة فى الغرب حول مواجهة جيوسياسية وشيكة بين الجانبين فى آسيا الوسطى... ولكن الحقيقة قد تكون مغايرة.
لفهم طبيعة المنافسة بين الصين وروسيا فى آسيا الوسطى، من الضرورى النظر إلى النظام العالمى المتغير وما تسعى القوى غير الليبرالية إلى تحقيقه. إحدى خصائص نظام ما بعد الليبرالية هى الأقلمة الشديدة للمناطق الجيوسياسية الحساسة. تسعى القوى الكبرى المجاورة للإقليم إلى استبعاد القوى الثالثة. تتبع روسيا هذه الاستراتيجية بنجاح فى جنوب القوقاز، حيث تسعى مع تركيا وجزئيا مع إيران إلى إزاحة الغرب. هناك عملية مماثلة جارية فى سوريا ويمكن تطبيقها على بحر الصين الجنوبى، حيث تحاول الصين تسوية المشكلات الإقليمية مباشرة مع جيرانها ودون تدخل الولايات المتحدة.
المظاهر قد تكون خادعة. تتنافس روسيا والصين، ولكن من غير المرجح أن يتحولا إلى خصمين. وبالتالى على الغرب إعادة النظر فى طريقة تفكيره حول الشراكات فى آسيا الوسطى.
تحسين وزيادة علاقات الغرب مع آسيا الوسطى قد يساعد على منع تسليم المنطقة إلى قوتين؛ الصين وروسيا. المنطقة فى حاجة ماسة إلى إعادة التوازن، وخلق مجال أكبر للمناورة. تقدر دول آسيا الوسطى روسيا والصين وتخافهما. ومع ذلك، سيكون موقف الغرب حاسما، ويجب أن يصوغ استراتيجية متماسكة للمشاركة الاقتصادية والسياسية مع آسيا الوسطى، أو سينتهى الأمر بطرده من المنطقة.

إعداد: ابتهال أحمد عبدالغنى
النص الأصلى

التعليقات