الحاجة إلى ريموت كنترول - ليلى إبراهيم شلبي - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 2:21 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الحاجة إلى ريموت كنترول

نشر فى : الجمعة 22 يوليه 2016 - 9:00 م | آخر تحديث : الجمعة 22 يوليه 2016 - 9:00 م
أصبحنا فى عالم يختلط فيه العام بالخاص فلم يعد منا من يستطيع أن يفصل بين همومه الخاصة وهموم العالم من حوله.

من منا يستطيع الآن أن يدفع عن نفسه تلك السحب الداكنة التى تتجمع بانتظام فى سماء النفس كلما تلفّت الإنسان حوله. لم نعد حتى نقارن أحوالنا بغيرنا إنما أصبحنا مهمومين دائما بأحوالنا وأحوال العالم من حولنا كما لو أننا دائما الآن فى الهم سواء.

أذكر جيدا أثناء حرب العراق حينما أسرتنى المخاوف وداهمتنى مشاعر داكنة أن لجأت لأحد أساتذتنا العظام الأستاذ الدكتور عادل صادق أستاذ الطب النفسى أشكو إليه تلك المشاعر والأحاسيس التى تتملكنى إثر متابعة الأخبار وبرامج التليفزيون التى كانت تبث أحداث العراق مباشرة من بغداد حتى أنه انزعج حينما قلت إن صورة القنابل التى تسقطها الطائرات فى الليل لا تفارق خيالى وأنها تحول دونى والنوم. لكنه تماسك وكان ــ رحمة الله عليه ــ دائما بادى الهدوء يجيد الإنصات فإذا تحدث أوجز ولكلماته عمق الأثر.
سألنى مبتسما ابتسامة صغيرة معبرة: سمعت عن اختراع جديد اسمه «الريموت كنترول» فى البداية لم ألتقط الخيط لكنى سرعان ما فهمت مقصده.

على كل إنسان أن يبحث عما يجبره فى لحظة عن الانفصال عمن حوله قبل أن يصبح تماما كالنشافة التى لا تميز إلا الحبر تمتصه دون تمييز. قد تكون تلك وظيفة النشافة لكنها ليست بأى حال من الأحوال نفس الإنسان التى تخضع لما حولها تتأثر به وتمتص سواده.

سألته فى بعض الاستنكار هل تنصحنى بأن انفصل عن العالم فلا انفعل لتلك الأحداث التى تدمر بلدا شقيقا لها مثل ذلك التاريخ وتلك الحضارة كان يوما عاصمة للحضارة العربية والإسلامية؟ أجاب بذات الهدوء: من قال لك ذلك أنا أطلب منك أن تنفصلى وجدانيا عنا يحدث لكن عقلك بلا شك لن يتوقف عن تسجيل ما يحدث تلقائيا ثم أردف: هل لك أى دور فيما يحدث فى العراق؟ هل شاركت فى صنع تلك الخطة الجهنمية لتدميره؟ هل إذا سافرت الآن إلى هناك سيتغير الأمر؟ حينما أجبت بالنفى أكمل: إذن ليس لك الآن إلا الريموت كنترول لتحفظى على نفسك البقية الباقية من عقلك فلا يقودك ــ لا سمح الله ــ إلى متاهة الاكتئاب وما أدراك ما هى.

أذكر كلماته جيدا ربما حرفيا فقد كان لقاء تعلمت فيه ما لا يمكن أن أنساه.. عزيزى القارئ لا تستهن أبدا بما يتسلل إلى عقلك من سواد تبثه الأحداث سواء أكان ذلك قادما من نيس أو اسطنبول أو البنك المركزى.. ابحث لنفسك عن ريموت كنترول فلا دواء لانكسار الروح.
التعليقات