دور الإعلام الأمريكى فى تشويه الصورة - محمد المنشاوي - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 12:42 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

دور الإعلام الأمريكى فى تشويه الصورة

نشر فى : الجمعة 23 أغسطس 2013 - 9:20 ص | آخر تحديث : الجمعة 23 أغسطس 2013 - 9:20 ص

عبر السيد مصطفى حجازى، المستشار السياسى للرئيس المؤقت عدلى منصور، عن مرارة تجاه التغطية الإعلامية الأمريكية خاصة والغربية عموما لما يحدث فى مصر، فكما قال خلال المؤتمر الصحفى «العالمى» الأسبوع الماضى «أين توجد قصص حرق الكنائس، وقتل ضباط قسم كرداسة والتمثيل بجثثهم؟ أين توجد أخبار سرقة متحف ملوى؟ أين توجد أخبار حرق مدن كاملة فى المنيا وبنى سويف؟ أين توجد قصص الأطفال الذين يتم تكفينهم أحياء؟».

كذلك اتهم وزير الخارجية المؤقت نبيل فهمى وسائل الإعلام الأمريكية والغربية بالتحيز فى تغطيتها لتطورات الأحداث الاخيرة. خلال مؤتمره الصحفى يوم الأحد الماضى عرض الوزير على الصحفيين الأجانب لقطات فيديو توضح أعمال العنف التى تمنى أن يعرضوها وقال لهم: «أنتم لستم نشطاء سياسيين، ولكنكم إعلاميون وعليكم تغطية الحدث، وعليكم تحرى الدقة، وعلى وسائل الإعلام أن تأخذ قراراتها بناء على ما يحدث على أرض الواقع فقط».

لم يقتصر نقد الإعلام الغربى على الخطاب الرسمى فى مصر بل نجد إعلاميين مصريين مثل إبراهيم عيسى يصف الإعلام الغربى بأنه «كذاب وموجه» ويروج الأكاذيب والشائعات ويصور أن الإخوان ضحايا وأحداث مصر ليست إلا انقلابا ويتجاهلون الرأى الآخر الذى يراها ثورة مكتملة الأركان.

●●●

إلا أنه ورغم الانزعاج الكبير من تغطية الاعلام الأمريكى لما تشهده مصر، فإن هذا الاعلام الموصوم ذاته لم يبخل على الحكومة المؤقتة بأى فرصة أو مساحة طلبتها لتنفيذ حملة العلاقات العامة التى أطلقتها لإيصال وجهة النظر الرسمية «بالشكل الصحيح» للغرب. من هنا اختار الفريق أول عبدالفتاح السيسى صحيفة واشنطن بوست ليعطيها مقابلة صحفية تعد «نادرة»، اتهم فيها إدارة الرئيس باراك أوباما بتجاهل إرادة الشعب المصرى. وقال السيسى إن الولايات المتحدة «تركت المصريين وحدهم» فى الأزمة وإنها «أدارت ظهرها للمصريين»، مضيفا أن «المصريين لن ينسوا ذلك لأمريكا».

كما أجرى الوزير المؤقت نبيل فهمى لقاءات مطولة مع عدد كبير من وسائل الإعلام الأمريكية، منها الظهور مع برنامج «قابل الصحافة» meet the press الشهير، وأكثر من حديث تليفزيونى مع الإعلامى والمحلل السياسى البارز فريد زكريا من خلال برنامج GPS، بالإضافة إلى إجراء حوار مع الإعلامى الأمريكى الشهير «وولف بليتزر» بشبكة CNN الأمريكية، وعشرات غيرهم. وكتب قبل ذلك على صفحات صحيفة واشنطن تايمز، التى تنتمى لليمين الأمريكى وترتبط بدوائر المحافظين الجدد، مقالا ذكر فيه أن أسلوب الحكم السلطوى الذى صبغ العمل السياسى فى مصر لفترة طويلة، قد انتهى، وأن ما حدث يمثل فرصة ثانية لتحقيق الديمقراطية فى مصر.

●●●

من يقرأ النقد المصرى الرسمى والإعلامى للتغطية الإعلامية الأمريكية يتصور أن فى أمريكا وزارة إعلام ترخص وتسحب تراخيص الصحف والفضائيات وتحدد الخطوط الحمراء للخطاب الاعلامى وتقرر من يحصل على وظيفة المراسل فى الخارج.

على القارئ فى مصر أن يدرك أن الصحف فى أمريكا ملك لأصحابها سواء كانوا أفرادا أو مؤسسات خاصة، ولا توجد جهات حكومية تنظم عمل الاعلام أو توجهه. علاقة الإعلام بالسلطة السياسية معقدة ومتشابكة، ولكنها دائما ندية. الإعلام لا يخضع للإدارة الحاكمة وإلا لم نكن لنعرف عن فضائح سجن أبوغريب بالعراق أو انتهاكات حقوق المعتقلين فى سجن جوانتانامو، وهى نماذج مما كشفه الإعلام الأمريكى، على الرغم من معارضة البيت الأبيض لذلك، وهلل لكشفه الإعلام والرأى العام العربى.

يعرض الإعلام الأمريكى الأحداث بعيون مراسليه، ومن الصعوبة اتهامهم بانتقاء تغطية أحداث وتجاهل أخرى. تغطية القتل دائما تحظى باهتمام بالغ حال وقوعه على يد سلطات أمنية حكومية فى أى منطقة من العالم، ومصر ليست استثناء فى هذه الحالة.

●●●

ما يتجاهله قطاع كبير من خبرائنا الاستراتيجيين والإعلاميين أن بعض الكلمات والمصطلحات فى الغرب والولايات المتحدة لها مدلولات معينة فى الذاكرة المجتمعية لهم ولا ينبغى علينا أن نهتم بها، ولا أن نصلح من فهمهم لها. الإعلام الأمريكى يرى ما جرى فى مصر كانقلاب عسكرى. وهم لهم الحق فى وصف ما جرى فى مصر وكما يشاءون ولهم الحرية فى ذلك. أما نحن فلنا حق تجاهلهم وليس علينا واجب إصلاح وجهات نظرهم، لأن هذا لن يحدث.

كلمة انقلاب عسكرى تعد قبيحة بالمعايير الأمريكية، وليس هناك انقلاب عسكرى جيد فى قاموسهم السياسى والإعلامى. وهذا شأنهم الخاص، ولنا حق تجاهله تماما إن أردنا.

من ناحية أخرى عندما يذكر الإعلام الأمريكى أن استقالة صاحب جائزة نوبل للسلام الدكتور محمد البرادعى تجعل النظام مكشوفا، فهى لم تصنع الخبر ولم تؤثر فيه، هى فقط تعرض رؤيتها لتداعيات الحدث بصورة موضوعية معقولة بمعايير المهنية المحايدة، خاصة عندما نقرأ تقارير تكشف أن سياسيين غربيين حذروا الفريق عبدالفتاح السيسى من أن البرادعى سيستقيل فى حال استخدم العنف لفض الاعتصام ولكن السيسى ووزير داخليته قررا تجاهل التحذيرات.

يجب ألا نلوم طريقة عرض المراسلين الصحفيين الأمريكيين من مصر، بل علينا لوم أمريكا على عدم تمتعها بوجود وزارة إعلام مثل نظيرتها المصرية. لو كان لأمريكا وزارة إعلام كما لمصر لتمتع القارئ الأمريكى بوحدة الصف الإعلامى التى تتمتع بها مصر هذه الأيام إلا ما ندر.

محمد المنشاوي كاتب صحفي متخصص في الشئون الأمريكية، يكتب من واشنطن - للتواصل مع الكاتب: mensh70@gmail.com
التعليقات